الآية- 59
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ ﴿59﴾
اللغة:
يقال نقم الأمر ينقم نقما ونقم ينقم إذا أنكره والأول أكثر قال عبد الله بن قيس الرقيات:
ما نقموا من بني أمية إلا
أنهم يحلمون إن غضبوا وسمي العقاب نقمة لأنه يجب على ما ينكر من الفعل.
الإعراب:
قوله ﴿أن أكثركم فاسقون﴾ في موضع نصب وكذلك قوله ﴿أن آمنا بالله﴾ والتقدير هل تنقمون منا إلا إيماننا وفسقكم.
النزول:
قيل أن نفرا من اليهود أتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فسألوه عمن يؤمن به من الرسل فقال أومن بالله وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلى قوله ﴿ونحن له مسلمون﴾ فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته وقالوا والله ما نعلم أهل دين قط أخطأ في الدنيا والآخرة منكم ولا دينا شرا من دينكم فأنزل الله الآية وما بعدها.
المعنى:
ثم أمر الله سبحانه رسوله بحجاجهم فقال ﴿قل﴾ يا محمد ﴿يا أهل الكتاب هل تنقمون منا﴾ أي هل تنكرون منا وقيل هل تسخطون منا وقيل هل تكرهون منا والمعاني متقاربة ﴿إلا أن آمنا بالله﴾ فوجدناه ووصفناه بما يليق به من الصفات العلى ونزهناه عما لا يجوز عليه في ذاته وصفاته ﴿وما أنزل إلينا﴾ من القرآن ﴿وما أنزل من قبل﴾ على الأنبياء ﴿وأن أكثركم فاسقون﴾ قال الزجاج معناه هل تكرهون إلا إيماننا وفسقكم أي إنما كرهتم إيماننا وأنتم تعلمون أنا على الحق لأنكم فسقتم بأن أقمتم على دينكم لمحبتكم الرئاسة وكسبكم بها الأموال وهذا معنى قول الحسن لفسقكم نقمتم علينا قال بعض أهل التحقيق فعلى هذا يجب أن يكون موضع أن في قوله ﴿وأن أكثركم فاسقون﴾ نصبا بإضمار اللام على تأويل ولأن أكثركم فاسقون وقيل لما ذكر تعالى ما نقمة اليهود عليهم من الإيمان بجميع الرسل وليس هو مما ينقم ذكر في مقابلته فسقهم وهو مما ينقم ومثل هذا يحسن في الإزدواج يقول القائل هل تنقم مني إلا أني عفيف وأنك فاجر وإلا أني غني وأنك فقير فيحسن ذلك لإتمام المعنى بالمقابلة ومعنى ﴿فاسقون﴾ خارجون عن أمر الله طلبا للرئاسة وحسدا على منزلة النبوة والمراد بالأكثر من لم يؤمن منهم لأن قليلا من أهل الكتاب آمن وقيل في قوله ﴿وأن أكثركم فاسقون﴾ قول آخر ذكره أبو علي الجرجاني صاحب النظم قال يجعله منظوما بقوله ﴿آمنا بالله﴾ على تأويل آمنا بالله وبأن أكثركم فاسقون فيكون موضع أن جر بالباء وهذا وجه حسن.