الآية- 163

إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ﴿163﴾

القراءة:

قرأ حمزة وخلف زبورا بضم الزاي حيث وقعت والباقون ﴿زبورا﴾ بفتحها.

الحجة:

زبورا يجوز أن يكون جمع زبور بحذف الزيادة ومثله تخوم وتخوم وعذوب وعذوب ولا نظير لهذه الثلاثة ويجوز أن يكون جمع زبر بمعنى المزبور كقولهم ضرب الأمير وفسخ اليمين.

اللغة:

والزبر أحكام العمل في البئر خاصة يقال بئر مزبور أي مطوية بالحجارة ويقال ما لفلان زبر أي عقل وزبرة من الحديد قطعة منه وجمعه زبر وزبرت الكتاب أزبره زبرا وزبرته أزبره زبرا أي كتبته.

المعنى:

ثم خاطب سبحانه نبيه بقوله ﴿إنا أوحينا إليك﴾ يا محمد قدمه في الذكر وإن تأخرت نبوته لتقدمه في الفضل ﴿كما أوحينا إلى نوح﴾ وقدم نوحا لأنه أبو البشر كما قال وجعلنا ذريته هم الباقين وقيل لأنه كان أطول الأنبياء عمرا وكانت معجزته في نفسه لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما لم يسقط له سن ولم تنقص قوته ولم يشب شعره وقيل لأنه لم يبالغ أحد منهم في الدعوة مثل ما بالغ فيها ولم يقاس أحد من قومه ما قاساه وهو أول من عذبت أمته بسبب أن ردت دعوته ﴿والنبيين من بعده﴾ أي وأوحينا إلى النبيين من بعد نوح ﴿وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب﴾ أعاد ذكر هؤلاء بعد ذكر النبيين تعظيما لأمرهم وتفخيما لشأنهم ﴿والأسباط﴾ وهم أولاد يعقوب وقيل أن الأسباط في ولد إسحاق كالقبائل في ولد إسماعيل وقد بعث منهم عدة رسل كيوسف وداود وسليمان وموسى وعيسى فيجوز أن يكون أراد بالوحي إليهم الوحي إلى الأنبياء منهم كما تقول أرسلت إلى بني تميم إذا أرسلت إلى وجوههم ولم يصح أن الأسباط الذين هم إخوة يوسف كانوا أنبياء ﴿وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان﴾ وقدم عيسى على أنبياء كانوا قبله لشدة العناية بأمره لغلو اليهود في الطعن فيه والواو لا يوجب الترتيب ﴿وآتينا داود زبورا﴾ أي كتابا يسمى زبورا واشتهر به كما اشتهر كتاب موسى بالتوراة وكتاب عيسى بالإنجيل.

النظم:

هذه الآية تتصل بما قبلها من قوله ﴿يسئلك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء﴾ وهذا يدل على أنهم قد سألوه ما يدل على نبوته فأخبر سبحانه أنه أرسله كما أرسل من تقدمه من الأنبياء وأظهر على يده المعجزات كما أظهرها على أيديهم وقيل أن اليهود لما تلا النبي عليهم تلك الآيات قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء بعد موسى فكذبهم الله بهذه الآيات إذ أخبر أنه قد أنزل على من بعد موسى من الذين سماهم وممن لم يسمهم عن ابن عباس.