الآية- 141

الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ﴿141﴾

اللغة:

التربص الانتظار والاستحواذ الغلبة والاستيلاء يقال حاذ الحمار أتنه إذا استولى عليها وجمعها وكذلك حازها قال العجاج يصف ثورا وكلابا يحوذهن وله حوذي وروي يحوزهن وله حوزي واستحوذ مما خرج عن أصله فمن قال أحاذ يحيذ لم يقل إلا استحاذ يستحيذ ومن قال أحوذ كما قيل أحوذت وأطيبت بمعنى أحذت وأطيبت فأخرجه على الأصل قال استحوذ والأحوذي الحاذ المنكمش الخفيف في أموره.

المعنى:

قد وصف الله سبحانه المنافقين والكافرين فقال ﴿الذين يتربصون بكم﴾ أي ينتظرون لكم أيها المؤمنون لأنهم كانوا يقولون سيهلك محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) وأصحابه فنستريح منهم ويظهر قومنا وديننا ﴿فإن كان لكم فتح من الله﴾ أي فإن اتفق لكم فتح وظفر على الأعداء ﴿قالوا ألم نكن معكم﴾ نجاهد عدوكم ونغزوهم معكم فأعطونا نصيبنا من الغنيمة فقد شهدنا القتال ﴿وإن كان للكافرين نصيب﴾ أي حظ بإصابتهم من المؤمنين ﴿قالوا﴾ يعني المنافقين أي قال المنافقون للكافرين ﴿ألم نستحوذ عليكم﴾ أي أ لم نغلب عليكم عن السدي ومعناه أ لم نغلبكم على رأيكم بالموالاة لكم ﴿و نمنعكم من﴾ الدخول في جملة ﴿المؤمنين﴾ وقيل معناه أ لم نبين لكم أنا على ما أنتم عليه أي ألم نضمكم إلى أنفسنا ونطلعكم على أسرار محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) وأصحابه ونكتب إليكم بأخبارهم حتى غلبتم عليهم فاعرفوا لنا هذا الحق عليكم عن الحسن وابن جريج ﴿ونمنعكم من المؤمنين﴾ أي ندفع عنكم صولة المؤمنين بتحديثنا إياهم عنكم وكوننا عيونا لكم حتى انصرفوا عنكم وغلبتموهم ﴿فالله يحكم بينكم يوم القيامة﴾ هذا إخبار منه سبحانه عن نفسه بأنه الذي يحكم بين الخلائق يوم القيامة ويفصل بينهم بالحق ﴿ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا﴾ قيل فيه أقوال (أحدها) أن المراد لن يجعل الله لليهود على المؤمنين نصرا ولا ظهورا عن ابن عباس وقيل لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا بالحجة وإن جاز أن يغلبوهم بالقوة لكن المؤمنين منصورون بالدلالة والحجة عن السدي والزجاج والبلخي قال الجبائي ولو حملناه على الغلبة لكان ذلك صحيحا لأن غلبة الكفار للمؤمنين ليس مما فعله الله فإنه لا يفعل القبيح وليس كذلك غلبة المؤمنين للكفار فإنه يجوز أن ينسب إليه سبحانه وقيل لن يجعل لهم في الآخرة عليهم سبيلا لأنه مذكور عقيب قوله ﴿فالله يحكم بينكم يوم القيامة﴾ بين الله سبحانه أنه إن يثبت لهم سبيل على المؤمنين في الدنيا بالقتل والقهر والنهب والأسر وغير ذلك من وجوه الغلبة فلن يجعل لهم يوم القيامة عليهم سبيلا بحال.