الآية- 101

وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا ﴿101﴾

اللغة:

في قصر الصلاة ثلاث لغات قصرت الصلات أقصرها وهي لغة القرآن وقصرتها تقصيرا وأقصرتها إقصارا وفتنت الرجل أفتنه فهو مفتون لغة أهل الحجاز وبني تميم وربيعة وأهل نجد كلهم وأسد يقولون أفتنت الرجل فهو فاتن وقد فتن فتونا إذا دخل في الفتنة وإنما قال في الكافرين أنهم عدو لأن لفظة فعول تقع على الواحد والجماعات.

المعنى:

﴿وإذا ضربتم في الأرض﴾ معناه إذا سرتم فيها أي سافرتم ﴿فليس عليكم جناح﴾ أي حرج وإثم ﴿أن تقصروا من الصلاة﴾ فيه أقوال (أحدها) إن معناه أن تقصروا من عدد الصلاة فتصلوا الرباعيات ركعتين عن مجاهد وجماعة من المفسرين وهو قول أكثر الفقهاء وهو مذهب أهل البيت (عليهم السلام) وقيل تقصر صلاة الخائف من صلاة المسافر وهما قصران قصر الأمن من أربع إلى ركعتين وقصر الخوف من ركعتين إلى ركعة واحدة عن جابر ومجاهد وقد رواه أيضا أصحابنا (وثانيها) إن معناه القصر من حدود الصلاة عن ابن عباس وطاووس وهو الذي رواه أصحابنا في صلاة شدة الخوف وإنها تصلى إيماء والسجود أخفض من الركوع فإن لم يقدر على ذلك فالتسبيح المخصوص كاف عن كل ركعة ( وثالثها ) إن المراد بالقصر الجمع بين الصلاتين والصحيح الأول ﴿إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا﴾ يعني خفتم فتنة الذين كفروا في أنفسكم أو دينكم وقيل معناه إن خفتم أن يقتلكم الذين كفروا في الصلاة عن ابن عباس ومثله قوله تعالى ﴿على خوف من فرعون وملأهم أن يفتنهم﴾ أي يقتلهم وقيل معناه أن يعذبكم الذين كفروا بنوع من أنواع العذاب ﴿إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا﴾ أي ظاهري العداوة وفي قراءة أبي بن كعب فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة أن يفتنكم الذين كفروا من غير أن يقرأ ﴿إن خفتم﴾ وقيل إن معنى هذه القراءة أن لا يفتنكم أو كراهة أن يفتنكم كما في قوله ﴿يبين الله لكم أن تضلوا﴾ وظاهر الآية يقتضي أن القصر لا يجوز إلا عند الخوف لكنا قد علمنا جواز القصر عند الأمن ببيان النبي ويحتمل أن يكون ذكر الخوف في الآية قد خرج مخرج الأعم والأغلب عليهم في أسفارهم فإنهم كانوا يخافون الأعداء في عامتها ومثله في القرآن كثير واختلف الفقهاء في قصر الصلاة في السفر فقال الشافعي هي رخصة واختاره الجبائي وقال أبو حنيفة هو عزيمة وفرض وهذا مذهب أهل البيت قال زرارة ومحمد بن مسلم قلنا لأبي جعفر ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي وكم هي قال إن الله يقول ﴿وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة﴾ فصار التقصير واجبا في السفر كوجوب التمام في الحضر قالا قلنا أنه قال لا جناح عليكم أن تقصروا من الصلاة ولم يقل افعل فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام قال أ وليس قال تعالى في الصفا والمروة ﴿فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما﴾ أ لا ترى أن الطواف واجب مفروض لأن الله تعالى ذكرهما في كتابه وصنعهما نبيه وكذا التقصير في السفر شيء صنعه رسول الله وذكره الله في الكتاب قال قلت فمن صلى في السفر أربعا أ يعيد أم لا قال إن كان قرئت عليه آية التقصير وفسرت له فصلى أربعا أعاد وإن لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه والصلاة في السفر كل فريضة ركعتان إلا المغرب فإنها ثلاث ليس فيها تقصير تركها رسول الله في السفر والحضر ثلاث ركعات وفي هذا الخبر دلالة على أن فرض المسافر مخالف لفرض المقيم وقد أجمعت الطائفة على ذلك وعلى أنه ليس بقصر وقد روي عن النبي أنه قال فرض المسافر ركعتان غير قصر وعندهم إن الخوف بانفراده موجب للقصر وفيه خلاف بين الفقهاء وذهب جماعة من الصحابة والتابعين إلى أن الله عنى بالقصر في الآية قصر صلاة الخوف من صلاة السفر لا من صلاة الإقامة لأن صلاة السفر عندهم ركعتان تمام غير قصر فمنهم جابر بن عبد الله وحذيفة اليمان وزيد بن ثابت وابن عباس وأبو هريرة وكعب وكان من الصحابة قطعت يده يوم اليمامة وابن عمر وسعيد بن جبير والسدي وأما حد السفر الذي يجب عنده القصر فعندنا ثمانية فراسخ وقيل مسيرة ثلاثة أيام بلياليها وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه وقيل ستة عشر فرسخا ثمانية وأربعين ميلا وهو مذهب الشافعي.

النظم:

وجه اتصال الآية بما قبلها أنه لما أمر بالجهاد والهجرة بين صلاة السفر والخوف رحمة منه وتخفيفا لعباده.