الآيات 80-81

مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ﴿80﴾ وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً ﴿81﴾

القراءة:

قرأ أبو عمرو بإدغام التاء في الطاء من بيت طائفة وبه قرأ حمزة والباقون بالإظهار.

الحجة:

إنما حسن إدغام التاء في الطاء للتقارب الذي بينهما بأنهما من حيز واحد ولم يحسن إدغام الطاء في التاء لأن الطاء تزيد على التاء بالإطباق فحسن إدغام الأنقص صوتا من الحروف في الأزيد صوتا بحسب قبح إدغام الأزيد في الأنقص ومن بين ولم يدغم فلانفصال الحرفين واختلاف المخرجين.

اللغة:

قال المبرد التبييت كل شيء دبر ليلا قال عبيدة بن هشام:

أتوني فلم أرض ما بيتوا

وكانوا أتوني لأمر نكر والبيوت الأمر يبيت عليه صاحبه مهتما به والبيات والتبييت أن يأتي العدو ليلا فأصل التبييت إحكام الأمر ليلا وأصل الوكيل القائم بما فوض إليه التدبير.

الإعراب:

جواب الجزاء في قوله ﴿فما أرسلناك عليهم حفيظا﴾ تقديره ومن تولى فليس عليك بأس لأنك لم ترسل حفيظا عليهم وطاعة مبتدأ أي عندنا طاعة أو خبر مبتدأ محذوف أي أمرنا طاعة ولو نصبت على تطيع طاعة جاز.

المعنى:

ثم رغب تعالى في طاعة الرسول فقال ﴿من يطع الرسول فقد أطاع الله﴾ بين أن طاعته طاعة الله وإنما كانت كذلك لأنها وإن كانت طاعة للنبي من حيث وافقت إرادته المستدعية للفعل فإنها طاعة الله أيضا على الحقيقة إذ كانت بأمره وإرادته فأما الأمر الواحد فلا يكون على الحقيقة من أمرين كما أن الفعل الواحد لا يكون من فاعلين ﴿ومن تولى﴾ أي ومن أعرض ولم يطع ﴿فما أرسلناك عليهم حفيظا﴾ أي حافظا لهم من التولي حتى يسلموا عن ابن زيد قال فكان هذا أول ما بعث كما قال في موضع آخر إن عليك إلا البلاغ ثم أمر فيما بعد بالجهاد وقيل معناه ما أرسلناك حافظا لأعمالهم التي يقع الجزاء عليها فتخاف أن لا تقوم بها لأنا نحن نجازيهم عليها وقيل حافظا لهم من المعاصي حتى لا تقع عن الجبائي وفي هذه الآية تسلية للنبي في تولي الناس عنه مع ما فيه من تعظيم شأنه بكون طاعته طاعة الله ثم بين أن المنافقين أظهروا طاعته وأضمروا خلافه بقوله ﴿ويقولون طاعة﴾ يعني به المنافقين عن الحسن والسدي والضحاك وقيل المراد به المسلمون الذين حكى عنهم أنهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية يقولون أمرك طاعة كأنهم قالوا قابلنا أمرك بالطاعة ﴿فإذا برزوا﴾ أي خرجوا ﴿من عندك بيت طائفة منهم﴾ أي قدر جماعة منهم ليلا ﴿غير الذي تقول﴾ أي غير ما تقولون على جهة التكذيب عن الحسن وقتادة وقيل معناه غيروا بالليل وبدلوا ما قالوه بأن أضمروا الخلاف عليك فيما أمرتهم به ونهيتهم عنه عن ابن عباس وقتادة والسدي وقيل دبروا ليلا غير ما أعطوك نهارا عن أبي عبيدة والقتيبي ﴿والله يكتب ما يبيتون﴾ في اللوح المحفوظ ليجازيهم به وقيل يكتبه بأن ينزله إليك في الكتاب عن الزجاج ﴿فأعرض عنهم﴾ أمر الله نبيه بالإعراض عنهم.

وأن لا يسميهم بأعيانهم إبقاء عليهم وسترا لأمورهم إلى أن يستقر أمر الإسلام ﴿وتوكل على الله﴾ أي فوض أمرك إليه وثق به ﴿وكفى بالله وكيلا﴾ أي حفيظا لما تفوضه إليه من التدبير.