الآيات 38-39

وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاء قِرِينًا ﴿38﴾ وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللّهُ وَكَانَ اللّهُ بِهِم عَلِيمًا ﴿39﴾

اللغة:

القرين أصله من الاقتران ومنه القرن لأهل العصر لاقترانهم والقرن المقاوم في الحرب والقرين الصاحب المألوف وقال عدي بن زيد:

عن المرء لا تسأل وأبصر قرينة

فإن القرين بالمقارن يقتدي.

الإعراب:

إعراب الذين يحتمل أن يكون ما قلناه في الآية المتقدمة ويحتمل أن يكون عطفا على الكافرين فكأنه قال وأعتدنا للكافرين وللذين ينفقون أموالهم رئاء الناس رئاء مصدر وضع موضع الحال فكأنه قال ينفقون مرائين الناس وقرينا نصب على التفسير وموضع ذا من ﴿ما ذا عليهم﴾ يحتمل وجهين (أحدهما) أن يكون مرفوعا لأنه في موضع الذي وتقديره وما الذي عليهم لو آمنوا (والثاني) أن يكون لا موضع له لأنه مع ما بمنزلة اسم واحد وتقديره وأي شيء عليهم لو آمنوا.

المعنى:

ثم عطف على ما تقدم بذكر المنافقين فقال ﴿الذين ينفقون أموالهم رئاء الناس﴾ أي مراءاة الناس ﴿ولا يؤمنون﴾ أي ولا يصدقون ﴿بالله ولا باليوم الآخر﴾ الذي فيه الثواب والعقاب جمع الله سبحانه في الذم والوعيد بين من ينفق ماله بالرياء والسمعة ومن لم ينفق أصلا ﴿ومن يكن الشيطان له قرينا﴾ أي صاحبا وخليلا في الدنيا يتبع أمره ويوافقه على الكفر وقيل يعني في القيامة وفي النار ﴿فساء قرينا﴾ أي بئس القرين الشيطان لأنه يدعوه إلى المعصية المؤدية إلى النار وقيل بئس القرين الشيطان حيث يتلاعنان ويتباغضان في النار ﴿وما ذا عليهم﴾ أي أي شيء عليهم ﴿لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله﴾ قطع الله سبحانه بهذا عذر الكفار في العدول عن الإيمان وأبطل به قول من قال أنهم لا يقدرون على الإيمان لأنه لا يحسن أن يقال للعاجز عن الشيء ما ذا عليك لو فعلت كذا فلا يقال للقصير ما ذا عليك لو كنت طويلا وللأعمى ما ذا عليك لو كنت بصيرا وقيل معناه ما ذا عليهم لو جمعوا إلى إنفاقهم الإيمان بالله لينفعهم الإنفاق ﴿وكان الله بهم عليما﴾ يجازيهم بما يسرون إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا فلا ينفعهم ما ينفقون على جهة الرياء وفي الآية دلالة أيضا على أن الحرام لا يكون رزقا من حيث أنه سبحانه حثهم على الإنفاق مما رزقهم وأجمعت الأمة على أن الإنفاق من الحرام محظور.