الآيات 71-75

وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ﴿71﴾ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ ﴿72﴾ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ﴿73﴾ وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ ﴿74﴾ وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴿75﴾

اللغة:

النافلة العطية الخاصة والنفل الذي يجر الحمد فيما زاد على حد الواجب ومنها النافلة للصلاة وهي الفضل على الفرائض وقيل النافلة الغنيمة قال:

لله نافلة الأعز الأفضل.

الإعراب:

﴿نافلة﴾ نصب على الحال من ﴿يعقوب﴾ وقيل أنه نصب على المصدر من ﴿وهبنا﴾ وتقديره وهبنا له هبة و﴿يهدون﴾ صفة لائمة ومفعولاه محذفان تقديره يهدون الناس الطريق وحذف التاء من إقامة لأن الإضافة عوض عنها ولا يجوز ذلك في غير الإضافة لا يقال أقام إقاما كما يقال إقامة و﴿لوطا﴾ منصوب بفعل مضمر يفسره هذا الظاهر تقديره وآتينا لوطا آتيناه إلا أنه إذا ذكر المحذوف لم يذكر الموجود والنصب في لوطا أحسن لتكون الجملة فعلية معطوفة على جملة فعلية و﴿فاسقين﴾ يجوز أن يكون منصوبا بكونه صفة ل ﴿قوم سوء﴾ ويجوز أن يكون خبر لكان ويكون خبرا بعد خبر.

المعنى:

ثم بين سبحانه تمام نعمته على إبراهيم (عليه السلام) فقال ﴿ونجيناه﴾ أي من نمرود وكيده والمعنى ورفعناه ﴿ولوطا﴾ من الهلكة وهو ابن أخي إبراهيم فآمن به ﴿إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين﴾ اختلف فيها فقيل هي أرض الشام أي نجينا من كوثي إلى الشام عن قتادة قال وإنما قال ﴿باركنا فيها﴾ لأنها بلاد خصب وقيل إلى أرض بيت المقدس لأن بها مقام الأنبياء عن الجبائي وقيل نجاهما إلى مكة كما قال إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا عن ابن عباس ﴿ووهبنا له إسحاق﴾ أي وهبنا لإبراهيم إسحاق حين سأل الولد فقال رب هب لي من الصالحين ﴿ويعقوب نافلة﴾ قال ابن عباس وقتادة نافلة راجع إلى يعقوب فإنه زاده من غير دعاء فهو نافلة وقيل إنه راجع إلى إسحاق ويعقوب جميعا لأنه أعطاهما إياه من غير جزاء ولا استحقاق عن مجاهد ﴿وكلا جعلنا صالحين﴾ أي وجعلنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب صالحين للنبوة والرسالة وقيل معناه حكمنا بكونهم صالحين وهو غاية ما يوصف به من الثناء الجميل ﴿وجعلناهم أئمة﴾ يقتدى بهم في أفعالهم وأقوالهم ﴿يهدون﴾ الخلق إلى طريق الحق وإلى الدين المستقيم ﴿بأمرنا﴾ فمن اهتدى بهم في أقوالهم وأفعالهم فالنعمة لنا عليه ﴿وأوحينا إليهم فعل الخيرات﴾ قال ابن عباس شرائع النبوة ﴿وإقام الصلاة﴾ أي إقامة الصلاة ﴿وإيتاء الزكاة﴾ أي إعطاء الزكاة ﴿وكانوا لنا عابدين﴾ أي مخلصين في العبادة ﴿ولوطا آتيناه حكما وعلما﴾ ومعناه وأعطينا لوطا حكمة وعلما وقيل الحكم النبوة وقيل هو الفصل بين الخصوم بالحق أي جعلناه حاكما وعلمناه ما يحتاج إلى العلم به ﴿ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث﴾ وهي قرية سدوم على ما روي والخبائث التي كانوا يعملونها هي أنهم كانوا يأتون الذكران في أدبارهم ويتضارطون في أنديتهم وقيل هي ما حكى الله تعالى إنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر وغير ذلك من القبائح وأراد بالقرية أهلها ثم ذمهم فقال ﴿إنهم كانوا قوم سوء فاسقين﴾ أي خارجين عن طاعة الله تعالى ﴿وأدخلناه في رحمتنا﴾ أي في نعمتنا وسنتنا ﴿إنه من الصالحين﴾ أي بسبب أنه من الصالحين الذين أصلحوا أفعالهم فعلموا بما هو الحسن منها دون القبيح وقيل أراد بكونه من الصالحين أنه من الأنبياء.