الآيات 106-107

اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ﴿106﴾ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ﴿107﴾

اللغة:

الاتباع أن يتصرف الثاني بتصريف الأول والنبي كان يتصرف في الدين بتصريف الوحي فلذلك كان متبعا وكذلك كل متدبر بتدبير غيره فهو متبع له والإيحاء هو إلقاء المعنى إلى النفس على وجه يخفى والإعراض أصله الانصراف بالوجه إلى جهة العرض ومنه:

وأعرضت اليمامة واشمخرت

كأسياف بأيدي مصلتينا أي ظهرت كالظهور بالعرض ومنه المعارضة لظهور المساواة بها كالظهور بالعرض والاعتراض المنع من الشيء الحاجز عنه عرضا ومنه العرض الذي يظهر كالظهور بالعرض ثم لا يلبث وحد أيضا بأنه ما يظهر في الوجود ولا يكون له لبث كلبث الجواهر.

المعنى:

ثم أمر سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) باتباع الوحي فقال ﴿اتبع﴾ أيها الرسول ﴿ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو﴾ إنما أعاد سبحانه هذا القول لأن المراد ادعهم إلى أنه لا إله إلا هو عن الحسن وقيل معناه ما أوحي إليك من أنه لا إله إلا هو ﴿وأعرض عن المشركين﴾ قال ابن عباس نسخته آية القتال وقيل معناه اهجرهم ولا تخالطهم ولا تلاطفهم ولم يرد به الإعراض عن دعائهم إلى الله تعالى وحكمه ثابت ﴿ولو شاء الله ما أشركوا﴾ أي لو شاء الله أن يتركوا الشرك قهرا وإجبارا لاضطرهم إلى ذلك إلا أنه لم يضطرهم إليه بما ينافي أمر التكليف وأمرهم بتركه اختيارا ليستحقوا الثواب والمدح عليه فلم يتركوه فأتوا به من قبل نفوسهم وفي تفسير أهل البيت (عليهم السلام) لو شاء الله أن يجعلهم كلهم مؤمنين معصومين حتى كان لا يعصيه أحد لما كان يحتاج إلى جنة ولا إلى نار ولكنه أمرهم ونهاهم وامتحنهم وأعطاهم ما له به عليهم الحجة من الآلة والاستطاعة ليستحقوا الثواب والعقاب ﴿وما جعلناك عليهم حفيظا﴾ مراقبا لأعمالهم ﴿وما أنت عليهم بوكيل﴾ أي ولست بموكل عليهم بذلك وإنما أنت رسول عليك البلاغ وعلينا الحساب وجمع بين حفيظ ووكيل لاختلاف معنى اللفظين فإن الحافظ للشيء هو الذي يصونه عما يضره والوكيل على الشيء هو الذي يجلب الخير إليه.