الآيـة 120

وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ العلمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ ﴿120﴾

اللغة:

الرضا والمودة والمحبة نظائر وضد الرضا الغضب والرضا أيضا بمعنى المرضي وهو من بنات الواو وبدلالة قولهم الرضوان وتقول رجل رضا ورجال ونساء رضا والملة والنحلة والديانة نظائر وملة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) الأمر الذي أوضحه وامتل الرجل إذا أخذ في ملة الإسلام أي قصد ما أمل منه والإملال إملاء الكتاب ليكتب.

الإعراب:

تتبع نصب بحتى قال سيبويه والخليل إن الناصب للفعل بعد حتى أن إلا أنها لا تظهر بعد حتى ويدل على أن حتى لا تنصب بنفسها إنها تجر الاسم في نحو قوله حتى مطلع الفجر ولا يعرف في العربية حرف يعمل في اسم يعمل في فعل ولا حرف جار يكون ناصبا للفعل فصار مثل اللام في قولك ما كان زيد ليضربك في أنها جارة والناصب ليضربك أن المضمرة ولا يجوز إظهارها مع هذه اللام أيضا هو ضمير مرفوع بالابتداء أو فصل والهدى خبر المبتدأ أو خبر إن وقوله ﴿من العلم﴾ يتعلق بمحذوف في موضع الحال وذو الحال الموصوف المحذوف الذي قوله ﴿الذي جاءك﴾ صفته وكذلك قوله ﴿من الله﴾ في موضع الحال و﴿من ولي﴾ في موضع رفع بالابتداء ومن مزيدة وقوله ﴿ما لك من الله من ولي ولا نصير﴾ في موضع الجزاء للشرط ولكن الجزاء إذا قدر فيه القسم لا يجزم فلا يكون في موضع جزم ولا بد أن يكون فيه أحد الحروف الدالة على القسم فحرف ما هاهنا تدل على القسم فلهذا لم يجزم.

المعنى:

كانت اليهود والنصارى يسألون النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) الهدنة ويرونه أنه إن هادنهم وأمهلهم اتبعوه ف آيسه الله تعالى من موافقتهم فقال ﴿ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم﴾ وقيل أيضا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) كان مجتهدا في طلب ما يرضيهم ليدخلوا في الإسلام فقيل له دع ما يرضيهم إلى ما أمرك الله به من مجاهدتهم وهذا يدل على أنه لا يصح إرضاء اليهود والنصارى على حال لأنه تعالى علق رضاءهم بأن يصير (عليه السلام) يهوديا أو نصرانيا وإذا استحال ذلك استحال إرضاؤهم يعني أنه لا يرضي كل فرقة منهم إلا أن يتبع ملتهم أي دينهم وقيل قبلتهم ﴿قل إن هدى الله هو الهدى﴾ أي قل يا محمد لهم أن دين الله الذي يرضاه هو الهدى أي الدين الذي أنت عليه عن ابن عباس وقيل معناه أن هدى الله يعني القرآن هو الذي يهدي إلى الجنة لا طريقة اليهود والنصارى وقيل معناه أن دلالة الله هي الدلالة وهدى الله هو الحق كما يقال طريقة فلان هي الطريقة وقوله ﴿ولئن اتبعت أهواءهم﴾ أي مراداتهم وقال ابن عباس معناه أن صليت إلى قبلتهم ﴿بعد الذي جاءك من العلم﴾ أي من البيان من الله تعالى وقيل من الدين ﴿ما لك﴾ يا محمد ﴿من الله من ولي﴾ يحفظك من عقابه ﴿ولا نصير﴾ أي معين وظهير يعينك عليه ويدفع بنصره عقابه عنك وهذه الآية تدل على أن من علم الله تعالى منه أنه لا يعصي يصح وعيده لأنه علم أن نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) لا يتبع أهواءهم فجرى مجرى قوله لئن أشركت ليحبطن عملك والمقصود منه التنبيه على أن حال أمته فيه أغلظ من حاله لأن منزلتهم دون منزلته وقيل الخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) والمراد أمته.