سورة القلم

﴿فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ﴾ (5-6).

س - ما معنى: أيّكم المفتون؟

ج - قال الزمخشري: (المفتون: المجنون، لأنه فُتن أي محّن بالجنون، أو لأن العرب يزعمون أنه من تخبيل الجن، وهم الفُتّان للفتاك منه، والباء مزيدة،أو المفتون مصدر كالمعقول والمجلود، أي بأيّكم الجنون أو بأي الفريقين منكم الجنون...)(1).

والظاهر أن الإبصار مضمَّن معنى العلم واليقين، والمعنى إنكم يوم القيامة تتيقنون بأيّكم المفتون أي بجواب هذا السؤال، كما تقول: علمتُ بكم هذه البضاعة أي بجواب هذا السؤال، المتضمن لسعرها. وعلى هذا الوجه لا تكون الباء زائدة، ولا حاجة لتأويل الزمخشري المتقدّم.

﴿سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ﴾ (16).

س - ماذا تعني السمة على الخرطوم؟

ج - إنها تعني الإذلال والهوان، حيث كان الأنف وسط الوجه والموضع المتقدم منه، فوسمه إذلال له، ولذلك كانوا يجدعون الأنف إذلالاّ للشخص، ويقولون للاستهانة بالشخص برغم أنفه.

هذا، وإن في التعبير عن الأنف بالخرطوم مزيداً من الإهانة والاستخفاف.

﴿وَلا يَسْتَثْنُونَ﴾ (18).

س - ما معنى: ﴿لا يَسْتَثْنُونَ﴾ ؟

ج - أي لا يعلّقون قطف الثمرة والحصاد على مشيئة الله تعالى.

﴿وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ﴾ (25).

س - ما معنى غدوّهم على حردٍ قادرين؟

ج - الحرد: المنع، والمعنى: أنهم جاؤوا للحصاد غداةً عازمين على منع الفقراء مع قدرتهم بتخيلهم على إعطائهم، فوجدوا جنتهم محترقة. ويمكن أن يكون ﴿قَادِرِينَ﴾ من التقدير والتضييق لا بمعنى القدرة، أي عزموا على منع الفقراء مضيّقين ومقتّرين عليهم.

﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ﴾ (42).

س - ما معنى الكشف عن الساق؟

ج - كناية عن شدة الأمر وفظاعة الموقف. قال عكرمة: سئل ابن عباس عن قوله: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ﴾ فقال: إذا خفي عليكم شيء في القرآن فابتغوه في الشعر، فانه ديوان العرب، أما سمعتم قول الشاعر: ﴿وقامت الحرب بنا عن ساق﴾ هو يوم كرب وشدة. وقال القتيبي: أصل هذا أن الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى الجدّ فيه يشمّّر عن ساقه، فاستعير الكشف عن الساق في موضع الشدة..﴾(2).

س - كيف يُدعَوْن إلى السجود يوم القيامة ولا تكليف آنذاك؟

ج - ليست هذه الدعوة دعوة تكليف، وقد تكون من باب التعبير العملي عن الخضوع لله تعالى من جانب المؤمنين عندما يتجلى المُلك الإلهي لأهل المحشر: ﴿لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾(3) بينما ينتاب الكافرين الهلع والذلة كما قال تعالى: ﴿خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ﴾(4).

(وروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليه السلام) أنهما قالا في هذه الآية: اُفحم القوم ودخلتهم الهيبة وشخصت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر لِما رهقهم من الندامة والخزي والمذلة، وقد كانوا يُدعَون إلى السجود وهم سالمون أي يستطيعون الأخذ بما اُمروا والترك لما نُهوا عنه، ولذلك ابتُلوا)(5).


1- تفسير العياشي : 2/ 135.

2- تفسير العياشي : 2/ 135.

3- تفسير العياشي : 2/ 135.

4- تفسير العياشي : 2/ 135.

5- تفسير العياشي : 2/ 135.