الآية- 82

الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴿82﴾

اللغة:

قال الأصمعي الظلم في اللغة وضع الشيء في غير موضعه قال الشاعر يمدح قوما:

هرت الشقاشق ظلامون للجزر يريد أنهم عرقبوها فوضعوا النحر غير موضعه وقال النابغة:

والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد يريد الأرض التي صرف عنها المطر وإنما سماها مظلومة لأنهم يتحوضون فيها حوضا لم يحكموا صنعه ولم يضعوه في موضعه لكونهم مسافرين.

المعنى:

لما تقدم قوله سبحانه أي الفريقين أحق بالأمن أي بأن يأمن من العذاب الموحد أم المشرك عقبه ببيان من هو أحق به فقال ﴿الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم﴾ معناه الذين عرفوا الله تعالى وصدقوا به وبما أوجبه عليهم ولم يخلطوا ذلك بظلم والظلم هو الشرك عن ابن عباس وسعيد بن المسيب وقتادة ومجاهد وأكثر المفسرين وروي عن أبي بن كعب أنه قال أ لم تسمع قوله سبحانه ﴿إن الشرك لظلم عظيم﴾ وهو المروي عن سلمان الفارسي وحذيفة بن اليمان وروي عن عبد الله بن مسعود قال لما نزلت هذه الآية شق على الناس وقالوا يا رسول الله وأينا لم يظلم نفسه فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه ليس الذي تعنون أ لم تستمعوا إلى ما قال العبد الصالح يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم وقال الجبائي والبلخي يدخل في الظلم كل كبيرة تحبط ثواب الطاعة وقال البلخي ولو اختص الشرك على ما قالوه لوجب أن يكون مرتكب الكبيرة إذا كان مؤمنا كان آمنا وذلك خلاف القول بالإرجاء وهذا لا يلزم لأنه قول بدليل الخطاب ومرتكب الكبيرة غير آمن وإن كان ذلك معلوما بدليل آخر ﴿أولئك لهم الأمن﴾ من الله بحصول الثواب والأمان من العقاب ﴿وهم مهتدون﴾ أي محكوم لهم بالاهتداء إلى الحق والدين وقيل إلى الجنة واختلف في هذه الآية فقيل أنه من تمام قول إبراهيم (عليه السلام) وقيل إن هذا القول من الله تعالى على جهة فصل القضاء بذلك بين إبراهيم (عليه السلام) وقومه عن محمد بن إسحاق وابن زيد والجبائي.