الآيـة 116

وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ﴿116﴾

القراءة:

قرأ ابن عامر قالوا بغير واو والباقون بالواو.

الحجة:

حذف الواو هنا يجوز من وجهين (أحدهما) أن يستأنف الجملة فلا يعطفها على ما تقدم (والآخر) أن للجملة التي هي ﴿قالوا اتخذ الله ولدا﴾ ملابسة بما قبلها من قوله ومن أظلم ممن منع مساجد الله الآية فإن الذين قالوا اتخذ الله ولدا من جملة هؤلاء الذين تقدم ذكرهم فيستغني عن الواو لالتباس الجملة بما قبلها كما استغني عنها في نحو قوله والذين كفروا وكذبوا ب آياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ولو كان وهم فيها خالدون لكان حسنا.

اللغة:

الأصل في القنوت الدوام ثم يستعمل على وجوه منها أن يكون بمعنى الطاعة كقوله ﴿كل له قانتون﴾ أي مطيعون ومنها أن يكون بمعنى الصلاة كقوله يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين وبمعنى طول القيام وروى جابر بن عبد الله قال سئل النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أي الصلاة أفضل قال طول القنوت أي طول القيام ويكون بمعنى الدعاء قال صاحب العين القنوت في الصلاة دعاء بعد القراءة في آخر الوتر يدعو قائما ومنه قوله أ من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما ويكون بمعنى السكوت قال زيد بن أرقم كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت وقوموا لله قانتين فأمسكنا عن الكلام.

النزول:

نزلت الآية في النصارى حيث قالوا المسيح ابن الله وقيل نزلت فيهم وفي مشركي العرب حيث قالوا الملائكة بنات الله.

المعنى:

لما حكى الله سبحانه قول اليهود في أمر القبلة ورد عليهم قولهم ذكر مقالتهم في التوحيد رادا عليهم قال ﴿وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه﴾ أي إجلالا له عن اتخاذ الولد وتنزيها عن القبائح والسوء والصفات التي لا تليق به وروي عن طلحة بن عبيد الله أنه سأل النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن معنى قوله ﴿سبحانه﴾ فقال تنزيها لله عن كل سوء بل له ما في السموات والأرض هذا رد عليهم قولهم ﴿اتخذ الله ولدا﴾ أي ليس الأمر كما زعموا ﴿بل له ما في السموات والأرض﴾ ملكا والولد لا يكون ملكا للأب لأن البنوة والملك لا يجتمعان فكيف يكون الملائكة الذين هم في السماء والمسيح الذي هو في الأرض ولدا له فنبه بذلك على أن المسيح وغيره عبيد له مخلوقون مملوكون فهم بمنزلة سائر الخلق وقيل معناه بل له ما في السماوات والأرض فعلا والفعل لا يكون من جنس الفاعل والولد لا يكون إلا من جنس أبيه فإن من تبنى إنسانا فالذي تبناه لا بد من أن يكون من جنسه وقوله ﴿كل له قانتون﴾ قال ابن عباس ومجاهد معناه مطيعون وقال السدي كل له مطيع يوم القيامة وقال الحسن كل له قائم بالشهادة أنه عبده وقال الجبائي كل دائم على حال واحدة بالشهادة بما فيه من آثار الصنعة والدلالة على الربوبية وقال أبو مسلم كل في ملكه وقهره يتصرف فيه كيف يشاء لا يمتنع عليه.