الآية- 70

وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ ﴿70﴾

اللغة:

يقال أبسلته بجريرته أي أسلمته بها والمستبسل المستسلم الذي يعلم أنه لا يقدر على التخلص قال الشاعر:

وإبسالي بني بغير جرم

بعوناه ولا بدم مراق أي إسلامي إياهم والبعو الجناية قال الأخفش تبسل أي تجازى وقيل تبسل أي ترهن والمعاني متقاربة وهذا بسل عليك أي حرام عليك وجائز أن يكون أسد باسل من هذا أي إنه لا يقدر عليه وجائز أن يكون من الأول بمعنى أن معه من الإقدام ما يستبسل له قرنه ويقال أعط الراقي بسلته أي أجرته وتأويله أنه عمل في الشيء الذي قد استبسل صاحبه معه والعدل الفداء وأصله المثل والحميم الماء الحار أحم حتى انتهى غليانه ومنه الحمام.

الإعراب:

﴿أن تبسل﴾ في موضع نصب بأنه مفعول وهو من باب حذف المضاف تقديره كراهية أن تبسل وقوله ﴿ليس لها من دون الله﴾ صفة لنفس والتقدير نفس عادمة وليا وشفيعا يكسبها أولئك الذين أبسلوا مبتدأ وخبر وقوله ﴿لهم شراب من حميم﴾ يجوز أن يكون خبرا ثانيا لأولئك ويجوز أن يكون كلاما مستأنفا.

المعنى:

ثم عاد تعالى إلى وصف من تقدم ذكرهم من الكفار فقال ﴿وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا﴾ أي دعهم وأعرض عنهم وإنما أراد به إعراض إنكار لأنه قال بعد ذلك ﴿وذكر﴾ يريد دع ملاطفتهم ومجالستهم ولا تدع مذاكرتهم ودعوتهم ونظيره في سورة النساء فأعرض عنهم وعظهم ﴿وغرتهم الحياة الدنيا﴾ يعني به اغتروا بحياتهم ﴿وذكر به﴾ أي عظ بالقرآن وقيل بيوم الدين وقيل بالحساب ﴿أن تبسل نفس بما كسبت﴾ أي لكي لا تسلم نفس للهلكة بما كسبت أي بما عملت عن الحسن ومجاهد والسدي واختاره الجبائي والفراء وقيل إن معنى تبسل تهلك عن ابن عباس وقيل تحبس عن قتادة وقيل تؤخذ عن ابن زيد وقيل تسلم إلى خزنة جهنم عن عطية العوفي وقيل تجازى عن الأخفش ﴿ليس لها من دون الله ولي﴾ أي ناصر ينجيها من العذاب ﴿ولا شفيع﴾ يشفع لها ﴿وإن تعدل كل عدل﴾ وإن تفد كل فداء ﴿لا يؤخذ منها﴾ وقيل معناه وأن تقسط كل قسط في ذلك اليوم لا يقبل منها لأن التوبة هناك غير مقبولة وإنما تقبل في الدنيا ﴿أولئك الذين أبسلوا﴾ أي أهلكوا وقيل أسلموا للهلكة فلا مخلص لهم وقيل ارتهنوا وقيل جوزوا ﴿بما كسبوا﴾ أي بكسبهم وعملهم ﴿لهم شراب من حميم﴾ أي ماء مغلي حار ﴿وعذاب أليم﴾ مؤلم ﴿بما كانوا يكفرون﴾ أي بكفرهم يريد جزاء على كفرهم واختلف في الآية فقيل هي منسوخة ب آية السيف عن قتادة وقيل ليست بمنسوخة وإنما هي تهديد ووعيد عن مجاهد وغيره وفيها دلالة على الوعيد العظيم لمن كانت هذه سبيله من الاستهزاء بالقرآن وب آيات الله وتحذير عن سلوك طريقتهم وقال الفراء ما من أمة إلا ولهم عيد يلعبون فيه ويلهون إلا أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) فإن أعيادهم صلاة ودعاء وعبادة.