الآيـة 105

مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴿105﴾

اللغة:

المودة المحبة والاختصاص بالشيء هو الانفراد به وضد الاختصاص الاشتراك ويقال خصه بالشيء يخصه خصا إذا فضله به والخصاص الفرج والخص بيت من قصب أو شجر وإنما سمي خصا لأنه يرى ما فيه من خصاصة وكل خلل أو خرق يكون في السحاب أو المنخل فهو الخصاصة وأصل الباب الانفراد بالشيء ومنه يقال للفرج الخصائص لانفراد كل واحد عن الآخر من غير جمع بينها ويقال أخصصته بالفائدة واختصصت أنا بها كما يقال أفردته بها وانفردت أنا بها.

الأعراب:

﴿الذين كفروا﴾ في موضع رفع لأنه فاعل يود والمشركين في موضع جر بالعطف على أهل الكتاب وتقديره ولا من المشركين وقوله ﴿أن ينزل﴾ في موضع نصب لأنه مفعول يود ومن في قوله ﴿من خير﴾ زائدة مؤكدة كقولك ما جاءني من أحد وموضع من خير رفع ومن في قوله ﴿من ربكم﴾ لابتداء الغاية والتي في قوله ﴿من أهل الكتاب﴾ للتنويع والتبيين مثل التي في قوله فاجتنبوا الرجس من الأوثان.

المعنى:

ثم أخبر سبحانه أيضا عن اليهود فقال ﴿ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم﴾ معناه ما يحب الكافرون من أهل الكتاب ولا من المشركين بالله من عبدة الأوثان أن ينزل الله عليكم شيئا من الخير الذي هو عنده والخير الذي تمنوا أن لا ينزله الله عليهم ما أوحى إلى نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) وأنزله عليه من القرآن والشرائع بغيا منهم وحسدا ﴿والله يختص برحمته من يشاء﴾ وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أن المراد برحمته هنا النبوة وبه قال الحسن وأبو علي والرماني وغيرهم من المفسرين قالوا يختص بالنبوة من يشاء من عباده ﴿والله ذو الفضل العظيم﴾ هذا خبر منه سبحانه أن كل خير نال عباده في دينهم ودنياهم فإنه من عنده ابتداء منه إليهم وتفضلا عليهم من غير استحقاق منهم لذلك عليه فهو عظيم الفضل ذو المن والطول.