الآيـة 35

وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ﴿35﴾

القراءة:

يروى في الشواذ عن عاصم وما كان صلاتهم بالنصب إلا مكاء وتصدية بالرفع وروي أيضا عن أبان بن تغلب.

الحجة:

قال ابن جني لسنا ندفع أن جعل اسم كان نكرة وخبرها معرفة قبيح وإنما جاءت منه أبيات شاذة لكن من وراء ذلك ما أذكره وهو أن نكرة الجنس تفيد مفاد معرفته ألا تراك تقول خرجت فإذا أسد بالباب فتجد معناه فإذا الأسد بالباب ولا فرق بينهما وذلك أنك في الموضعين لا تريد أسدا واحدا معينا وإنما تريد واحدا من هذا الجنس وإذا كان كذلك جاز هنا الرفع في ﴿مكاء وتصدية﴾ جوازا قريبا كأنه قال وما كان صلاتهم إلا هذا الجنس من الفعل ولا يكون مثل قولك كان قائم أخاك لأنه ليس في قائم معنى الجنسية وأيضا فإنه يجوز مع النفي ما لا يجوز مع الإيجاب ألا تراك تقول ما كان إنسان خيرا منك ولا تجيز كان إنسان خيرا منك.

اللغة:

المكاء الصفير والمكاء طائر يكون بالحجاز له صفير بالتشديد يقال مكا يمكو مكاء إذا صفر بفيه قال عنترة:

وحليل غانية تركت مجدلا

تمكو فريصته كشدق الأعلم

والتصدية التصفيق وهو ضرب اليد على اليد ومنه الصدى صوت الجبل ونحوه.

المعنى:

ثم وصف سبحانه صلاتهم فقال ﴿وما كان صلاتهم عند البيت﴾ يعني هؤلاء المشركين الصادين عن المسجد الحرام ﴿إلا مكاء وتصدية﴾ قال ابن عباس كانت قريش يطوفون بالبيت عراة يصفرون ويصفقون وصلاتهم معناه دعاؤهم أي يقيمون المكاء والتصدية مكان الدعاء والتسبيح وقيل أراد ليس لهم صلاة ولا عبادة وإنما يحصل منهم ما هو ضرب من اللهو واللعب فالمسلمون الذين يطيعون الله ويعبدونه عند هذا البيت أحق بمنع المشركين منه وروي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) كان إذا صلى في المسجد الحرام قام رجلان من بني عبد الدار عن يمينه فيصفران ورجلان عن يساره يصفقان بأيديهما فيخلطان عليه صلاته فقتلهم الله جميعا ببدر ولهم يقول ولبقية بني عبد الدار ﴿فذوقوا العذاب﴾ يعني عذاب السيف يوم بدر عن الحسن والضحاك وقيل عذاب الآخرة على هذا يكون في الكلام حذف أي يقال لهم إذا عذبوا ذوقوا العذاب ﴿بما كنتم تكفرون﴾ بتوحيد الله.