الآيات 14-15

قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ ﴿14﴾ قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿15﴾

القراءة:

روي في الشواذ قراءة عكرمة والأعمش ولا يطعم بفتح الياء ومعناه ولا يأكل.

اللغة:

الفطرة ابتداء الخلقة قال ابن عباس ما كنت أدري معنى الفاطر حتى احتكم إلي أعرابيان في بئر فقال أحدهما أنا فطرتها أي ابتدأت حفرها وأصل الفطر الشق ومنه إذا السماء انفطرت أي انشقت قال الزجاج فإن قال قائل كيف يكون الفطر في معنى الخلق والانفطار في معنى الانشقاق قيل إنهما يرجعان إلى شيء واحد لأن معنى فطرهما خلقهما خلقا قاطعا.

الإعراب:

غير نصب لأنه مفعول ﴿أتخذ وليا﴾ مفعول ثان وقوله ﴿إن عصيت ربي﴾ فيه وجهان أحدهما أنه اعتراض بين الكلام كما يكون الاعتراض بالأقسام فعلى هذا لا موضع له من الإعراب والآخر أنه في موضع نصب على الحال فكأنه قيل إني أخاف عاصيا ربي عذاب يوم عظيم ويكون جواب الشرط محذوفا على الوجهين جميعا.

النزول:

قيل إن أهل مكة قالوا لرسول الله يا محمد تركت ملة قومك وقد علمنا أنه لا يحملك على ذلك إلا الفقر فإنا نجمع لك من أموالنا حتى تكون من أغنانا فنزلت الآية.

المعنى:

﴿قل﴾ يا محمد لهؤلاء المشركين الذين سبق ذكرهم ﴿أغير الله أتخذ وليا﴾ أي مالكا ومولى وولي الشيء مالكه الذي هو أولى من غيره والمعنى لا أتخذ غير الله وليا إلا أن إخراجه على لفظ الاستفهام أبلغ من سائر ألفاظ النفي ﴿فاطر السموات والأرض﴾ أي خالقهما ومنشئهما من غير احتذاء على مثال ﴿وهو يطعم ولا يطعم﴾ أي يرزق ولا يرزق والمراد يرزق الخلق ولا يرزقه أحد وقيل إنما ذكر الإطعام لأن حاجة العباد إليه أشد ولأن نفيه عن الله أدل على نفي شبهه بالمخلوقين لأن الحاجة إلى الطعام لا تجوز إلا على الأجسام واحتج سبحانه بهذا على الكفار لأن من خلق السماوات والأرض وأنشأ ما فيهما وأحكم تدبيرها وأطعم من فيهما وهم فقراء إليه معلوم أنه الذي ليس كمثله شيء وهو القادر القاهر الغني الحي فلا يجوز لمن عرف ذلك أن يعبد غيره ﴿قل﴾ يا محمد ﴿إني أمرت﴾ أي أمرني ربي ﴿أن أكون أول من أسلم﴾ أي استسلم لأمر الله ورضي بحكمه وقيل معناه أمرت أن كون أول من أخلص العبادة من أهل هذا الزمان عن الكلبي وقيل أول من أسلم من أمتي وآمن بعد الفترة عن الحسن وإنما كان أول لأنه خص بالوحي وقيل معناه أن أكون أول من خضع وآمن وعرف الحق من قومي وأن أترك ما هم عليه من الشرك ونظيره قول موسى سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين أي بأنك لا ترى ممن سألك أن تريه نفسك وقول السحرة إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين بأن هذا ليس بسحر وأنه الحق أي أول المؤمنين من السحرة ﴿ولا تكونن من المشركين﴾ المعنى أمرت بالأمرين جميعا أي أمرت بالإيمان ونهيت عن الشرك وتقديره وقيل لي لا تكونن من المشركين وصار أمرت بدلا من ذلك لأنه حين قال أمرت أخبر أنه قيل له ذلك فقوله ﴿ولا تكونن﴾ معطوف على ما قبله في المعنى ﴿قل﴾ يا محمد ﴿إني أخاف﴾ قيل معناه أوقن وأعلم وقيل هو من الخوف ﴿إن عصيت ربي﴾ بترك أمره وترك نهيه وقيل بعبادة غيره وقيل باتخاذ غيره وليا ﴿عذاب يوم عظيم﴾ يعني يوم القيامة ومعنى العظيم هنا أنه شديد على العباد وعظيم في قلوبهم.