سورة الدخان

﴿وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ (32).

س - هل ان بني اسرائيل مفضّلون على كل الاُمم وفي كل العصور؟

ج - كلاّ، فانّ الآية تتحدث عن خصوص قوم موسى الذين فضّلهم على العالمين المعاصرين لهم كالأقباط والفرس وغيرهم.

ويمكن أن يكون المقصود من التفضيل تمييزهم بوفرة الأنبياء، حيث لا تشاركهم في هذه الفضيلة اُمة. وعلى كلّ حال ليس المراد من التفضيل سموّ ورفعة مقامهم، لأنّ الدين عند الله الإسلام، فمن دان بدين الله أفضل ممن أنكره عناداً وعاداه، ولذلك ذمّهم القرآن الكريم والنصوص كثيراً، بسبب كفرهم وكيدهم للإسلام وأهله.

وممّا يشهد بعدم إرادة رفعة المقام من التفضيل أنّ المسلمين لم يشكّوا في دينهم ولم يتوهّموا ذلك، كما أن اليهود المعاصرين للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) لم يحتجّوا على المسلمين بهذه الآيات.

﴿لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ﴾ (56).

س - كيف استثنى الموتة الأولى مع أنها لا تكون في الجنة حتى يذوقوها؟

ج - قيل: ان الاستثناء هنا منقطع أي من المفهوم لا المنطوق، وذلك إنه حيث كان بصدد بيان سعادتهم في الجنّة فعندما نفى تذوّق الموت قد يُفهم منه عدم خطوره بالبال أيضاً، فاستثنى الموتة الأولى من هذا المفهوم، باعتبارهم يتذكرونها، فكأنه قال: لا يذوقون فيها الموت ولا يخطر ببالهم إلاّ الموتة الأولى.

ويلوح وجه محتمل آخر: وهو أن يكون ذكر الاستثناء المذكور لغرض تأكيد عدم تذوّقهم للموت في الجنة، وهو اسلوب عرفي شائع. كما يقال للمريض بعد إجراء عملية جراحية له: سوف لا تحتاج إلى إجراء عملية جراحية أخرى إلاّ هذه العملية، وذلك بهذف حصر الحاجة بتلك العملية، وتأكيد نفي الحاجة لغيرها في المستقبل، ولعلّ هذا الوجه أرجح من الوجه الأول.