سورة الزمر

﴿... وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ...﴾ (6).

س - ما معنى إنزال الأنعام؟

ج - لعلّه باعتبار كونه معلوماً لله تعالى قبل إيجاده وثابتاً في اللوح المحفوظ، كما تقول انزلتُ الفكرةَ إلى الواقع.

س - كيف يقول: ﴿ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾ في إشارة إلى الزوجين من الأبل والبقر والغنم والمعز، بينما هي أربعة أزواج؟

ج - الظاهر أنه من اضافة الصفة للموصوف، وأصله أزواج ثمانية أي عددها ثمانية، وإضافة الصفة للموصوف مألوف في كلام العرب.

س - ما هذه الظلمات الثلاث؟

ج - المروي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنها ظلمات البطن والرحم والمشيمة(1).

﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ...﴾ (23).

س - ما معنى قوله: ﴿مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ﴾.

ج - كأنه إشارة إلى أن القرآن لا تضادّ ولا تنافر بين آياته وأجزائه، بل هي متشابهة ومتناسقة يُكمّل بعضها بعضاً، ويؤكده.

﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَّجُلا فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا...﴾ (29).

س - ما هي الحكمة من هذا المثل؟

ج - ضُرب هذا المثل للتفريق بين العبودية لشركاء متشاكسين والعبودية لواحد، حيث يكون الصلاح في الحالة الثانية والفساد في الحالة الأولى، بسبب تشاكس الموالي وصراعهم.

﴿قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ (44).

س - كيف ينسجم حصر الشفاعة بالله تعالى في هذه الآية وفي آية سورة السجدة: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ﴾(2) مع اثبات الشفاعة لغيره تعالى في سورة يونس: ﴿مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ﴾(3).

ج - ليس هناك مناقضة بين الآية الثالثة والآيتين الاولى والثانية، فإنّ الآية الأولى جاءت ردّاً على الكافرين من عبدة الاصنام الذين يتصوّرون انّ الأصنام تشفع لهم يوم القيامة ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ * قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾(4).

فأولئك كانوا يزعمون ان الأصنام تشفع لهم من دون الله فردّ عليهم تعالى بأنّ الشفاعة لله وهو لا ينافي أن يشفع لشفاعة بعض عباده المؤمنين فانّ شفاعة هؤلاء راجعة إليه تعالى وليست في مقابل شفاعته، ويصح نسبة فعل التابع الى المتبوع كما يقال الرئيس قتل فلاناً، مع أنه لم يباشر القتل وإنما أمر به.

وكذا الآية الثانية في سورة السجدة فإنها جاءت ردّاً على الكافرين ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ * اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ﴾(5).

وهي لا تنافي شفاعة الأنبياء وغيرهم من الابرار بإذن الله تعالى، وقد حفل القرآن الكريم والسنّة بالآيات والنصوص الدالة على قبول الشفاعة بإذن الله تعالى، لأنّها ترجع إليه سبحانه.

س - كيف تنفي هذه الآية الشفاعة لغير الله بينما تضمنت آيات أخرى الشفاعة لغيره، كما في قوله تعالى: ﴿مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ﴾ وكذلك النصوص الكثيرة المتضمنة شفاعة النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وغيره؟

ج - لا تنافي بين هذه الآية الكريمة وغيرها من الآيات والنصوص المثبتة لشفاعة النبي وآله وغيرهم، لأن هذه الآية جاءت ردّاً على الاستشفاع بالأصنام ونحوها من دون الله، بينما النبي وآله (صلوات الله عليهم) يشفِّعهم الله تعالى، فشفاعتهم راجعة إليه وبإذنه تعالى. فليست هي الشفاعة من دون الله المنفية في هذه الآية.


1- تفسير العياشي : 2/ 135.

2- تفسير العياشي : 2/ 135.

3- تفسير العياشي : 2/ 135.

4- تفسير العياشي : 2/ 135.

5- تفسير العياشي : 2/ 135.