سورة ص

﴿فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأعْنَاقِ﴾ (32-33).

س - كيف يفضّل نبيّ الله حبّ الخير الخيل على ذكر الله؟

ج - لم تتضمّن الآية ذلك، وإنّما تضمنت انّ سليمان انشغل بحبّ الخير، كمن يعرض عليه ما يشغله عمّا اعتاده من ذكر الله، من دون أن يفضله على ذكر الله، ولذلك تعدّى ب (عن) فقال: ﴿عَن ذِكْرِ رَبِّي﴾ ولم يقل: على ذكر ربّي، حتى يدلّ على التفضيل.

كما انه لا دليل على أن المقصود من ذكر ربّه الذكر الواجب، فقد يكون ذكراً مستحباً قد اعتاد عليه، ولا وجه لحمله على فوات الوقت الشرعي للصلاة الواجبة، لأن الشرائع مختلفة في أحكامها، فما هو واجب في الإسلام قد لا يكون واجباً في شريعة اُخرى.

س - لماذا عاقب الخيلَ بقتلها مسحاً بالسوق والأعناق مع أنها لا جرم لها؟

ج - هذا ليس من باب العقوبة لها، وإنما هو كبح لرغبته بإزالة السبب الذي أشغله عن ذكر الله تعالى. ويدخل ذلك في ضمن وسائل تربية النفس.

﴿وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنْ الأخْيَارِ﴾ (48).

س - لماذا قرَن ذكر إسحاق ويعقوب بإبراهيم وأخر ذكر اسماعيل مكتفياً بوصفه من الأخيار، ألا يعني تفضيلهما عليه؟

ج - ذكر القرآن الكريم إسماعيل مقروناً بإبراهيم في عدة آيات مثل قوله تعالى: ﴿... وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ...﴾(1) ومجرّد تأخير ذكره في آية واحدة، لمناسبة معيّنة لا يعني تفضيلهما عليه.

ومن المناسب أن نشير هنا إلى أنّ خلّو القرآن من تفضيل واضح لإسماعيل على إسحاق رغم انتساب النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى إسماعيل، والحسّاسية المفرطة التي يبديها اليهود وإصرارهم على تفضيل أبيهم إسحاق على إسماعيل الذي ينتسب له خصمهم نبي الإسلام وقومه يشهد بارتباطه بالوحي الإلهي، كما قال: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى﴾(2).وأنه ليس من إنشاء محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) لدعم سلطانه، كما يدعيه أعداء الإسلام.


1- تفسير العياشي : 2/ 135.

2- تفسير العياشي : 2/ 135.