سورة الصافات

﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ * قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ﴾ (27-28).

س - كيف يقول هنا إنهم يتساءلون، بينما في سورة المؤمنون يقول تعالى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءلُونَ﴾(1) ؟

ج - عند الحشر لا يتساءلون، لأنّ لكلّ منهم يومئذٍ شأناً يغنيه، وبعد الحساب حيث يمتاز أهل اليمين عن أهل الشمال ويدخل كل من الفريقين مقرّه الدائم، يتساءل أهل الشمال ويعنّف بعضهم بعضاً، كما تحدثت آيات سورة الصافات هذه، وكذلك غيرها مثل قوله تعالى: ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ﴾(2).

﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾ (88-89).

س - كيف يكون ابراهيم (عليه السلام) سقيماً، والسقم كناية عن الشك؟

ج - المتأمل في هذه الآية وغيرها من الآيات التي تتحدث عن ذلك يلاحظ أنّها ليست بصدد بيان الحالة النفسية لابراهيم (عليه السلام) بقدر ما تبيّن موقفه الحواري ومحاججته لقومه، فلم يكن شكه حقيقياً، كيف! وقد: ﴿إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ * أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ * فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾(3) وإنما هو الظهور بمظهر الشاك والتزام الشك في مقام الحوار، ليكون أبلغ في إقامة الحجة، وهو منهج مألوف لا يختص بإبراهيم (عليه السلام)، وقد أشار إليه القرآن الكريم، كما في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ﴾(4). ولعلّه إلى هذا يشير ما رواه العياشي باسناده عن أبي جعفر وأبي عبد الله L أنهما قالا: ﴿والله ما كان سقيماً وما كذب﴾(5).

﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾ (112).

س - لماذا ذكر البشارة بإسحاق ولم يذكر إسماعيل؟

ج - لعلّه باعتبار تقدُّم ذكره باعتباره الذبيح: ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ...﴾(6) وهذا مما يرجح أن الذبيح هو إسماعيل.

ومما يشهد بأن الذبيح إسماعيل أن الآيات المذكورة تدلّ على أن البشارة بالغلام الذبيح كانت بعد طلبه الذرية حيث كان عقيماً ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُك...َ﴾(7)، وحيث إن إسماعيل أكبر سناً من إسحاق، باعتبار أن سارة أم إسحاق عندما وجدت نفسها لم تنجب من إبراهيم، وهبت له جاريتها هاجر أم إسماعيل لتلد له غلاماً فولدت له إسماعيل، فيكون هو الذبيح.

وقال الأصمعي: سألت أبا عمرو بن العلاء عن الذبيح إسحاق أم إسماعيل؟ فقال: يا أصمعي أين ذهب عنك عقلك، ومتى كان إسحاق بمكة، وإنما كان بمكة إسماعيل، وهو بنى البيت مع أبيه، والمَنحر بمكة، لا شك فيه(8) فيكون هذا شاهداً ثالثاً على كون الذبيح إسماعيل.


1- تفسير العياشي : 2/ 135.

2- تفسير العياشي : 2/ 135.

3- تفسير العياشي : 2/ 135.

4- سورة سبأ : 24.

5- تفسير العياشي : 2/ 135.

6- تفسير العياشي : 2/ 135.

7- تفسير العياشي : 2/ 135.

8- تفسير العياشي : 2/ 135.