الآيـة 8

وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ﴿8﴾

اللغة:

الناس والبشر والإنس نظائر وهي الجماعة من الحيوان المتميزة بالصورة الإنسانية وأصله أناس من الإنس ووزنه فعال فأسقطت الهمزة منها لكثرة الاستعمال إذا دخلها الألف واللام للتعريف ثم أدغمت لام التعريف في النون كما قيل لكنا والأصل لكن إنا وقيل الناس مأخوذة من النوس وهو الحركة وتصغيره نويس ووزنه فعل وقيل أخذ من الظهور فسمي ناسا وإنسانا لظهوره وإدراك البصر إياه يقال آنست ببصري شيئا وقال الله سبحانه إني آنست نارا والإنسان واحد والناس جمعه لا من لفظه وقيل أخذ من النسيان لقوله تعالى ﴿فنسي ولم نجد له عزما﴾ وأصل الإنسان إنسيان ولذلك قيل في تحقيره وتصغيره أنيسيان فرد إلى الأصل واليوم الآخر يوم القيامة وإنما سمي آخرا لأنه يوم لا يوم بعده سواه إذ ليس بعده ليلة وقيل لأنه متأخر عن أيام الدنيا وإنما فتح نون من عند التقاء الساكنين استثقالا لتوالي الكسرتين لو قلت من الناس فأما عن الناس فلا يجوز فيه إلا الكسر لأن أول عن مفتوح ومن يقول النون تدغم في الياء فمنهم من يدغم بغنة ومنهم من يدغم بغير غنة.

الإعراب:

من يقول موصول وصلة وهو مرفوع بالابتداء أو بالظرف على ما تقدم بيانه وقوله ﴿آمنا بالله وباليوم الآخر﴾ حديث يتعلق بقوله يقول وما حرف شبه بليس من حيث يدخل على المبتدأ والخبر كما يدخل ليس عليهما وفيه نفي الحال كما في ليس فأجري مجراه في العمل في قول أهل الحجاز على ما جاء به التنزيل وهم مرفوع لأنه اسم ما والباء في قوله ﴿بمؤمنين﴾ مزيدة دخلت توكيدا للنفي وهو حرف جار ومؤمنين مجرور به وبمؤمنين في موضع نصب بكونه خبر ما ولفظة من تقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث ولذلك عاد الذكر إليه مجموعا على المعنى ومنه قول الفرزدق:

تعال فإن عاهدتني لا تخونني

نكن مثل من يا ذئب

يصطحبان فثني الضمير العائد إلى من على المعنى.

النزول:

نزلت في المنافقين وهم عبد الله بن أبي بن سلول وجد بن قيس ومعتب بن قشير وأصحابهم وأكثرهم من اليهود.

المعنى:

بين الله تعالى حالهم فأخبر سبحانه أنهم يقولون صدقنا بالله وما أنزل على رسوله من ذكر البعث فيظهرون كلمة الإيمان وكان قصدهم أن يطلعوا على أسرار المسلمين فينقلوها إلى الكفار أو تقريب الرسول إياهم كما كان يقرب المؤمنين ثم نفى عنهم الإيمان فقال ﴿وما هم بمؤمنين﴾ وفي هذا تكذيبهم فيما أخبروا عن اعتقادهم من الإيمان والإقرار بالبعث فبين أن ما قالوه بلسانهم مخالف لما في قلوبهم وهذا يدل على فساد قول من يقول الإيمان مجرد القول.