الآية- 165

لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ﴿164﴾ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿165﴾

الإعراب:

إنما دخلت الواو في ﴿أو لما﴾ لعطف جملة على جملة إلا أنه تقدمها ألف الاستفهام لأن له صدر الكلام وإنما وصلت هذه الواو الكلام الثاني بالأول ليدل على تعلقه به في المعنى وذلك أنها وصلت التفريع على الخطيئة بالتذكير بالنعمة لفرقة واحدة.

المعنى:

ثم عاد الكلام إلى ذكر الجهاد فقال ﴿أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها﴾ أي حين أصابكم القتل والجرح وذلك ما أصاب المسلمين يوم أحد فإنه قتل من المسلمين سبعون رجلا وكانوا هم أصابوا من المشركين يوم بدر مثليها فإنهم كانوا قتلوا من المشركين سبعين رجلا وأسروا سبعين عن قتادة وعكرمة والربيع والسدي أي وقد أصبتم أيها المسلمون يوم بدر مثليها وقيل قتلهم منهم ببدر سبعين وبأحد سبعين عن الزجاج وهذا ضعيف لأنه خلاف ما ذكره أهل السير فإنه لا خلاف بينهم أنه قتل منهم بأحد نفر يسير فقوله خلاف الجمهور ﴿قلتم أنى يكون هذا﴾ أي من أي وجه أصابنا هذا ونحن مسلمون وفينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وينزل عليه الوحي وهم مشركون وقيل إنهم إنما استنكروا ذلك لأنه وعدهم بالنصر من الله إن أطاعوه عن الجبائي وقوله ﴿قل هو من عند أنفسكم﴾ أي قل يا محمد ما أصابكم من الهزيمة والقتل من عند أنفسكم أي بخلافكم أمر ربكم وترككم طاعة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) وفيه أقوال (أحدها) أن ذلك بمخالفتهم الرسول في الخروج من المدينة للقتال يوم أحد وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) دعاهم إلى أن يتحصنوا بها ويدعوا المشركين إلى أن يقصدوهم فيها فقالوا كنا نمتنع من ذلك في الجاهلية ونحن الآن في الإسلام وأنت يا رسول الله نبينا أحق بالامتناع وأعز عن قتادة والربيع (وثانيها) أن ذلك باختيارهم الفداء من الأسرى يوم بدر وكان الحكم فيهم القتل وشرط عليهم أنكم إن قبلتم الفداء قتل منكم في القابل بعدتهم فقالوا رضينا فإنا نأخذ الفداء وننتفع به وإذا قتل منا فيما بعد كنا شهداء عن علي (عليه السلام) وعبيدة السلماني وهو المروي عن الباقر (عليه السلام) (وثالثها) أن ذلك بخلاف الرماة يوم أحد لما أمرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) به من ملازمة مراكزهم ﴿إن الله على كل شيء قدير﴾ أي فهو قادر على نصركم فيما بعد وإن لم ينصركم في الحال لمخالفتكم.