الآية- 120

إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴿120﴾

القراءة:

قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب لا يضركم خفيفة مكسورة الضاد والباقون مشددة مضمومة الضاد والراء وقرأ الحسن وأبو حاتم تعملون بالتاء على الخطاب والقراءة المشهورة بالياء.

الحجة:

من قرأ لا يضركم فهو من ضاره يضيره ضيرا ومن قرأ ﴿لا يضركم﴾ فهو من ضره يضر ضرا والضير والضر بمعنى واحد وقد جاء في القرآن لا ضير وإذا مسكم الضر و﴿لا يضركم﴾ أصله لا يضرركم نقلت ضمة الراء الأولى إلى الضاد وأدغمت في الراء الثانية بعد أن ضمت اتباعا لأقرب الحركات إليها والعرب تدغم في موضع الجزم وأهل الحجاز يظهرون التضعيف قال الزجاج وهذه الآية جاءت فيها اللغتان جميعا فقوله ﴿إن تمسسكم﴾ على لغة أهل الحجاز وقوله ﴿يضركم﴾ على لغة غيرهم من العرب ويجوز لا يضركم ولا يضركم فمن قال بالفتح فلأن الفتح خفيف يستعمل في التقاء الساكنين في التضعيف ومن قال بالكسر فعلى أصل التقاء الساكنين.

اللغة:

الكيد والمكيدة المكر الذي يغتال به صاحبه من جهة حيلة عليه ليقع في مكروه به وأصله الشقة يقال رأيت فلانا يكيد بنفسه أي يقاسي المشقة في سياق المنية ومنه المكائدة لا يراد ما فيه من المشقة.

المعنى:

ثم أخبر سبحانه عن حال من تقدم ذكرهم فقال ﴿إن تمسسكم حسنة﴾ أي تصبكم أيها المؤمنون نعمة من الله تعالى عليكم بها من ألفة أو اجتماع كلمة أو ظفر بالأعداء ﴿تسؤهم﴾ أي تحزنهم ﴿وإن تصبكم سيئة﴾ أي محنة بإصابة العدو منكم لاختلاف الكلمة وما يؤدي إليه من الفرقة ﴿يفرحوا بها﴾ هذا قول الحسن وقتادة والربيع وجماعة من المفسرين ﴿وأن تصبروا﴾ على أذاهم وعلى طاعة الله تعالى وطاعة رسوله والجهاد في سبيله ﴿وتتقوا﴾ الله بالامتناع عن معاصيه وفعل طاعته ﴿لا يضركم﴾ أيها الموحدون ﴿كيدهم﴾ أي مكر المنافقين وما يحتالون به عليكم ﴿شيئا﴾ أي لا قليلا ولا كثيرا لأنه تعالى ينصركم ويدفع شرهم عنكم ﴿إن الله بما تعملون محيط﴾ أي عالم بذلك من جميع جهاته مقتدر عليه لأن أصل المحيط بالشيء هو المطيف به من حواليه وذلك من صفات الأجسام فلا يليق به سبحانه.