الآيات 108-109

تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ ﴿108﴾ وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ ﴿109﴾

المعنى:

﴿تلك آيات الله﴾ أي تلك التي قد جرى ذكرها حجج الله وعلاماته وبيناته ﴿نتلوها عليك بالحق﴾ نقرأها عليك بالحق يا محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) وعلى أمتك ونذكرها لك ونعرفك إياها ونقصها عليك ﴿بالحق﴾ أي بالحكمة والصواب ﴿وما الله يريد ظلما للعالمين﴾ معناه لا يظلمهم بأن يحملهم من العقاب ما لم يستحقوه أو ينقصهم من الثواب عما استحقوه وإنما يظلم من يظلم لجهله بقبح الظلم أو لحاجة إليه من دفع ضرر وجر نفع وتعالى الله عن صفة الجهل والحاجة وسائر صفات النقص علوا كبيرا وكيف يجوز أن يظلم أحدا وهو الذي خلقهم وأنشأهم وابتدعهم وآتاهم من النعم ما لا تسمو إليه هممهم وعرضهم بها لما هو أعظم منها قدرا وأجل خطرا وهو نعيم الآخرة ثم ذكر سبحانه وجه غناه عن الظلم فقال ﴿ولله ما في السماوات وما في الأرض﴾ ملكا وملكا وخلقا ﴿وإلى الله ترجع الأمور﴾ اختلفوا في كيفية رجوع الأمل إلى الله تعالى فقيل أن الأمور تذهب بالفناء ثم يعيدها الله للمجازاة وقيل أن الله تعالى قد ملك عباده في الدنيا أمورا وجعل لهم تصرفا ويزول جميع ذلك في الآخرة ويرجع إليه كله كما قال لمن الملك اليوم وفي وقوع المظهر موقع المضمر في قوله ﴿وإلى الله ترجع الأمور﴾ قولان (أحدهما) ليكون كل واحد من الكلامين مكتفيا بنفسه (والآخر) ليكون أفخم في الذكر والموضع موضع التفخيم وليس كقول الشاعر:

لا أرى الموت يسبق الموت شيء

نغص الموت ذا الغنى والفقيرا

لأن البيت مفتقر إلى الضمير والآية مستغنية عنه.