الآيات62-63

إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللّهُ وَإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿62﴾ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ ﴿63﴾

اللغة:

القصص القصة وفعل بمعنى مفعول كالنقض والقبض والقصص جمع القصة ويقال اقتصصت الحديث وقصصته قصا وقصصا رويته على جهته وهو من اقتصصت الأثر أي اتبعته ومنه اشتق القصاص والقصص الخبر الذي تتابع فيه المعاني والتولي عن الحق اعتقاد خلافه لأنه كالإدبار عنه بعد الإقبال عليه وأصل التولي كون الشيء يلي غيره من غير فصل بينه وبينه والإفساد إيقاع الشيء على خلاف ما توجبه الحكمة والإصلاح إيقاعه على ما توجبه الحكمة والفرق بين الفساد والقبيح أن الفساد تغيير عن المقدار الذي تدعو إليه الحكمة وليس كذلك القبيح لأنه ليس فيه معنى المقدار وإنما هو ما تزجر عنه الحكمة كما أن الحسن ما تدعو إليه الحكمة.

الإعراب:

﴿ما من إله إلا الله﴾ دخول من فيه لعموم النفي لكل إله غير الله وإنما أفادت من هذا المعنى لأن أصلها لابتداء الغاية فدلت على استغراق النفي لابتداء الغاية إلى انتهائها وقوله ﴿لهو﴾ يجوز أن يكون هو فصلا ويسميه الكوفيون عمادا فلا يكون له موضع من الإعراب ويكون ﴿القصص﴾ خبر إن ويجوز أن يكون مبتدأ والقصص خبره والجملة خبر إن.

المعنى:

﴿أن هذا لهو القصص الحق﴾ معناه أن هذا الذي أوحينا إليك في أمر عيسى (عليه السلام) وغيره لهو الحديث الصدق فمن خالفك فيه مع وضوح الأمر فهو معاند ﴿وما من إله إلا الله﴾ أي وما لكم أحد يستحق إطلاق اسم الإلهية إلا الله وأن عيسى ليس بإله كما زعموا وإنما هو عبد الله ورسوله ولو قالوا ما إله إلا الله بغير ﴿من﴾ لم يفد هذا المعنى ﴿وإن الله لهو العزيز﴾ أي القادر على الكمال ﴿الحكيم﴾ في الأقوال والأفعال والتقدير والتدبير ﴿فإن تولوا﴾ أي فإن أعرضوا عن اتباعك وتصديقك وعما أتيت به من الدلالات والبينات ﴿فإن الله عليم بالمفسدين﴾ أي بمن يفسد من خلقه فيجازيهم على إفسادهم وإنما ذكر ذلك على جهة الوعيد وإلا فإنه تعالى عليم بالمفسد والمصلح جميعا ونظيره قول القائل لغيره أنا عالم بشرك وفسادك وقيل معناه أنه عليم بهؤلاء المجادلين بغير حق وبأنهم لا يقدمون على مباهلتك لمعرفتهم بنبوتك.