الآيات56-58

فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ﴿56﴾ وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴿57﴾ ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ ﴿58﴾

القراءة:

قرأ حفص ورويس عن يعقوب فيوفيهم بالياء والباقون بالنون.

الحجة:

من قرأ بالنون فهو مثل ﴿فأعذبهم﴾ ويحسنه قوله ﴿ذلك نتلوه عليك من الآيات﴾ من قرأ بالياء فلأن ذكر الله قد تقدم في قوله إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك أو صار من لفظ الخطاب إلى الغيبة كقوله فأولئك هم المضعفون بعد قوله وما آتيتم من زكاة.

الإعراب:

﴿نتلوه عليك﴾ في موضع رفع بأنه خبر ﴿ذلك﴾ ويجوز أن يكون صلة لذلك ويكون ذلك بمعنى الذي فعلى هذا لا موضع لقوله ﴿نتلوه﴾ وتقديره الذي نتلوه وقوله ﴿من الآيات﴾ في موضع رفع بأنه خبره وأنشدوا في مثله:

عدس ما لعباد عليك إمارة

نجوت وهذا تحملين طليق تقديره والذي تحملين طليق.

المعنى:

﴿فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة﴾ عذابهم في الدنيا إذلالهم بالقتل والأسر والسبي والخسف والجزية وكل ما فعل على وجه الاستخفاف والإهانة وفي الآخرة عذاب الأبد في النار ﴿وما لهم من ناصرين﴾ أي أعوان يدفعون عنهم عذاب الله تعالى ﴿وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم﴾ أي يوفر عليهم ويتمم ﴿أجورهم﴾ أي جزاء أعمالهم ﴿والله لا يحب الظالمين﴾ أي لا يريد تعظيمهم وإثابتهم ولا يرحمهم ولا يثني عليهم وهذه الآية حجة على من قال بالإحباط لأنه سبحانه وعد بتوفية الأجر وهو الثواب والتوفية منافية للإحباط ﴿ذلك﴾ إشارة إلى الإخبار عن عيسى وزكريا ويحيى وغيرهم ﴿نتلوه عليك﴾ نقرأه عليك ونكلمك به وقيل نأمر جبرائيل أن يتلوه عليك عن الجبائي ﴿من الآيات﴾ أي من جملة الآيات والحجج الدالة على صدق نبوتك إذا علمتهم بما لا يعلمه إلا قارىء كتاب أو معلم ولست بواحد منها فلم يبق إلا أنك قد عرفته من طريق الوحي ﴿والذكر الحكيم﴾ القرآن المحكم وإنما وصفه بأنه حكيم لأنه بما فيه من الحكمة كأنه ينطق بالحكمة كما تسمى الدلالة دليلا لأنها بما فيها من البيان كأنها تنطق بالبيان والبرهان وإن كان الدليل في الحقيقة هو الدال.