الآيات 50 - 51

وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ ﴿50﴾ إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴿51﴾

اللغة:

الفرق بين التصديق والتقليد أن التصديق لا يكون إلا فيما تبرهن عند صاحبه والتقليد قد يكون فيما لا يتبرهن ولهذا لا نكون مقلدين للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وإن كنا مصدقين له والإحلال هو الإطلاق للفعل بتحسينه والتحريم هو حظر الفعل بتقبيحه والاستقامة خلاف الاعوجاج.

الإعراب:

مصدقا نصب على الحال وتقديره وجئتكم مصدقا لأن أول الكلام يدل عليه ونظيره جئته بما يجب ومعرفا له ولا يكون عطفا لا على وجيها ولا رسولا لقوله ﴿لما بين يدي﴾ ولم يقل لما بين يديه وقال أبو عبيدة أراد بقوله ﴿بعض الذي حرم﴾ كل الذي حرم ويستشهد بقول لبيد:

تراك أمكنة إذا لم أرضها

أو يعتلق بعض النفوس حمامها

قال معناه أو تعتلق كل النفوس وأنكر الزجاج ذلك وقال معناه أو تعتلق نفسي حمامها وخطأ أبا عبيدة من وجهين (أحدهما) أن البعض لا يكون بمعنى الكل (والثاني) أنه لا يجوز تحليل جميع المحرمات لأنه يدخل الكذب والظلم والقتل في ذلك.

المعنى:

﴿ومصدقا لما بين يدي﴾ أي لما أنزل قبلي من التوراة وما فيه البشارة بي ومن أرسل قبلي من الأنبياء ﴿ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم﴾ هذا معطوف على معنى قوله ﴿مصدقا﴾ وتقديره ولأصدق ما بين يدي من التوراة ولأحل لكم كما تقول جئته معتذرا ولأجتلب عطفه وقيل إن الذي أحل لهم لحوم الإبل والشروب وبعض الطيور والحيتان مما كان قد حرم على بني إسرائيل عن قتادة والربيع وابن جريج ووهب وقيل أحل لكم السبت عن الكلبي ﴿وجئتكم ب آية من ربكم﴾ أي بحجة تشهد بصدقي ﴿فاتقوا الله﴾ في مخالفتي وتكذيبي ﴿وأطيعون﴾ كما أمركم الله به ﴿إن الله ربي وربكم﴾ أي مالكي ومالككم وإنما قال ذلك ليكون حجة على النصارى في قولهم المسيح ابن الله والمعنى لا تنسبوني إليه فأنا عبده كما أنكم عبيد له ﴿فاعبدوه﴾ وحده ﴿هذا صراط مستقيم﴾ أي دين الله أي عبادته دين مستقيم وقد استوفينا الكلام في الرب وفي الصراط المستقيم في سورة الحمد.