الآية- 47

قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴿47﴾

الإعراب:

فيكون هاهنا لا يجوز فيه غير الرفع لأنه لا يصلح أن يكون جوابا للأمر الذي هو كن لأن الجواب يجب بوجود الأول نحو ائتني فأكرمك وقم فأقوم معك ولا يجوز قم فيقوم لأنه يكون على تقدير قم فإنك إن تقم يقم وهذا لا معنى له ولكن الوجه الرفع على الإخبار بأنه سيقوم ويجوز في قوله ﴿أن يقول له كن فيكون﴾ النصب عطفا على يقول.

المعنى:

﴿قالت﴾ مريم يا ﴿رب أنى يكون﴾ أي كيف يكون ﴿لي ولد ولم يمسسني بشر﴾ لم تقل ذلك استبعادا واستنكارا بل إنما قالت استفهاما واستعظاما لقدرة الله لأن في طبع البشر التعجب مما خرج عن المعتاد وقيل إنما قالت ذلك لتعلم أن الله تعالى يرزقها الولد وهي على حالتها لم يمسها بشر أو يقر لها زوجا ثم يرزقها الولد على مجرى العادة ﴿قال كذلك الله يخلق ما يشاء﴾ أي يخلق ما يشاء مثل ذلك وهو حكاية ما قال لها الملك أي يرزقك الولد وأنت على هذه الحالة لم يمسك بشر ﴿إذا قضى أمرا﴾ أي خلق أمرا وقيل إذا قدر أمرا ﴿فإنما يقول له كن فيكون﴾ وقيل في معناه قولان (أحدهما) أنه إخبار بسرعة حصول مراد الله في كل شيء أراد حصوله من غير مهلة ولا معاناة ولا تكلف سبب ولا أداة وإنما كنى بهذا اللفظ لأنه لا يدخل في وهم العباد شيء أسرع من كن فيكون (والآخر) أن هذه الكلمة كلمة جعلها الله علامة للملائكة فيما يريد إحداثه وإيجاده لما فيه من المصلحة والاعتبار وإنما استعمل لفظة الأمر فيما ليس بأمر هنا ليدل بذلك على أن فعله بمنزلة فعل المأمور في أنه لا كلفة فيه على الآمر.