الآيات 42 - 43

وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ ﴿42﴾ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴿43﴾

المعنى:

قدم تعالى ذكر امرأة عمران وفضل بنتها على الجملة ثم ذكر تفصيل تلك الجملة فقال ﴿وإذ قالت الملائكة﴾ إذ هذه معطوفة على إذ في قوله إذ قالت امرأة عمران أو يكون معناه اذكر إذ قالت الملائكة وقيل يعني جبريل وحده ﴿يا مريم إن الله اصطفاك﴾ أي اختارك وألطف لك حتى تفرغت لعبادته واتباع مرضاته وقيل معناه اصطفيك لولادة المسيح عن الزجاج ﴿وطهرك﴾ بالإيمان عن الكفر وبالطاعة عن المعصية عن الحسن وسعيد بن جبير وقيل طهرك من الأدناس والأقذار التي تعرض للنساء من الحيض والنفاس حتى صرت صالحة لخدمة المسجد عن الزجاج وقيل طهرك من الأخلاق الذميمة والطبائع الردية ﴿واصطفاك على نساء العالمين﴾ أي على نساء عالمي زمانك لأن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها سيدة نساء العالمين وهو قول أبي جعفر (عليه السلام) وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال فضلت خديجة على نساء أمتي كما فضلت مريم على نساء العالمين وقال أبو جعفر معنى الآية اصطفاك من ذرية الأنبياء وطهرك من السفاح اصطفاك لولادة عيسى (عليه السلام) من غير فحل وخرج بهذا من أن يكون تكريرا إذ يكون الاصطفاء على معنيين مختلفين ﴿يا مريم اقنتي لربك﴾ أي اعبديه وأخلصي له العبادة عن سعيد بن جبير وقيل معناه أديمي الطاعة له عن قتادة وقيل أطيلي القيام في الصلاة عن مجاهد ﴿واسجدي واركعي مع الراكعين﴾ أي كما يعمل الساجدون والراكعون لا أن يكون ذلك أمرا لها بأن تعمل السجود والركوع معهم في الجماعة وقدم السجود على الركوع لأن الواو لا توجب الترتيب فإنها في الأشياء المتغايرة نظيرة التثنية في المتماثلة وإنما توجب الجمع والاشتراك وقيل معناه واسجدي لله شكرا واركعي أي وصلي مع المصلين وقيل معناه صلي في الجماعة عن الجبائي.