الآية- 41

قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّيَ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ ﴿41﴾

الإعراب:

في وزن آية فيه ثلاثة أقوال (أحدها) فعلة إلا أنه شذ من جهة إعلال العين مع كون اللام حرف علة وإنما القياس في مثله إعلال اللام نحو حياة ونواة ونظيرها راية وغاية وطاية (والثاني) فعلة وتقديره آيية إلا أنها قلبت كراهة التضعيف نحو طائي من طي (والثالث) فاعلة منقوصة قال علي بن عيسى وهذا ضعيف لأن تصغيرها أيية ولو كانت فاعلة لقالوا أويية إلا أنه يجوز على ترخيم التصغير نحو فطيمة والرمز الإيماء بالشفتين وقد يستعمل في الإيماء بالحاجب والعين واليد والأول أغلب وقال جوبة بن عابد:

كان تكلم الأبطال رمزا

وغمغمة لهم مثل الهرير

والعشي من حين زوال الشمس إلى غروبها في قول مجاهد قال الشاعر:

فلا الظل من برد الضحى يستطيعه

ولا الفيء من برد العشي يذوق والعشاء من لدن غروب الشمس إلى أن يولي صدر الليل والعشاء طعام العشي والعشاء مقصورا ضعف العين وأصل الباب الظلمة والإبكار من حين طلوع الفجر إلى وقت الضحى وأصله التعجيل بالشيء يقال أبكر وبكر بكورا ومنه الباكورة.

المعنى:

ثم سأل الله تعالى زكريا علامة يعرف بها وقت حمل امرأته ليزيد في العبادة شكرا وقيل ليتعجل السرور به عن الحسن ف ﴿قال رب اجعل لي آية﴾ أي علامة لوقت الحمل والولد فجعل الله تعالى تلك العلامة في إمساك لسانه عن الكلام إلا إيماء من غير آفة حدثت فيه بقوله ﴿قال آيتك﴾ أي قال الله ويحتمل أن يكون المراد قال جبرائيل آيتك أي علامتك ﴿ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا﴾ أي إيماء عن قتادة وقيل الرمز تحريك الشفتين عن مجاهد وقيل أراد به صوم ثلاثة أيام لأنهم كانوا إذا صاموا لم يتكلموا إلا رمزا عن عطا ﴿واذكر ربك كثيرا﴾ أي في هذه الأيام الثلاثة ومعناه أنه لما منع من الكلام عرف أنه لم يمنع من الذكر لله تعالى والتسبيح له وذلك أبلغ في الإعجاز ﴿وسبح﴾ أي نزه الله وأراد التسبيح المعروف وقيل معناه صل كما يقال فرغت من سبحتي أي صلاتي ﴿بالعشي والإبكار﴾ في آخر النهار وأوله.