الآية- 30

يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ ﴿30﴾

اللغة:

الأمد الغاية التي ينتهي إليها قال النابغة:

إلا لمثلك أو من أنت سابقه

سبق الجواد إذا استولى على الأمد.

الإعراب:

في انتصاب يوم وجوه (أحدها) أنه منصوب بيحذركم أي يحذركم الله نفسه يوم تجد (والثاني) بالمصير تقديره إلى الله المصير يوم تجد (والثالث) اذكر يوم تجد وقوله ﴿ما عملت﴾ ما هاهنا بمعنى الذي لأنه عمل فيه تجد فهي في موضع نصب ويحتمل أن يكون مع ما بعدها بمعنى المصدر وتقديره يوم تجد كل نفس عملها بمعنى جزاء عملها محضرا منصوب على الحال من تجد إذا جعلته من الوجدان فإن جعلته من العلم فهو مفعول ثان وقوله ﴿وما عملت من سوء﴾ يصلح فيها معنى الذي ويقويه قوله ﴿تود﴾ بالرفع ولو كان بمعنى الجزاء لكان تود مفتوحا أو مكسورا والرفع جائز على ضعف وأقول أن جواب لو هنا محذوف وتقدير الكلام تود أن بينها وبينه أمدا بعيدا لو ثبت ذلك لأن لو يقتضي الفعل ولا يدخل على الاسم وأن مع اسمه وخبره بمنزلة مصدر فيكون تقديره لو ثبت أن بينها وبينه أمدا بعيدا فيكون في ذكر فاعل الفعل المقدر بعد لو دلالة على مفعول تود المحذوف وفي لفظ تود دلالة على جواب لو هذا مما سنح لي الآن وهو واضح بحمد الله تعالى ومنه.

المعنى:

لما حذر العقاب في الآية المتقدمة بين وقت العقاب فقال ﴿يوم تجد كل نفس ما عملت﴾ في الدنيا ﴿من﴾ طاعة و﴿خير محضرا﴾ ونظيره قوله ﴿ووجدوا ما عملوا حاضرا﴾ و﴿علمت نفس ما أحضرت﴾ ثم اختلف في كيفية وجود العمل محضرا فقيل تجد صحائف الحسنات والسيئات عن أبي مسلم وغيره وهو اختيار القاضي وقيل ترى جزاء عملها من الثواب والعقاب فأما أعمالهم فهي أعراض قد بطلت ولا يجوز عليها الإعادة فيستحيل أن ترى محضرة ﴿و ما عملت من سوء﴾ معناه تجد كل نفس الذي عملته من معصية محضرا ﴿تود لو أن بينها وبينه﴾ أي بين معصيتها ﴿أمدا بعيدا﴾ أي غاية بعيدة أي تود أنها لم تكن فعلتها وقيل معناه مكانا بعيدا عن السدي وقيل ما بين المشرق والمغرب عن مقاتل ﴿ويحذركم الله نفسه﴾ قد مر ذكره ﴿والله رءوف بالعباد﴾ أي رحيم بهم قال الحسن ومن تمام رأفته بهم أن حظرهم عقابه على معاصيه.