الآية- 20

فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴿20﴾

القراءة:

حذف عاصم وحمزة والكسائي الياء من اتبعني اجتزاء بالكسرة واتباعا للمصحف وأثبتها الباقون على الأصل.

الحجة:

حذف الياء في أواخر الآي أحسن لأنها تشبه القوافي ويجوز في وسط الآي أيضا وأحسنها ما كان قبلها نون مثل قوله ﴿ومن اتبعن﴾ فإن لم يكن نون جاز أيضا نحو قولك هذا غلام وما أشبه ذلك والأجود إثبات الياء وإن شئت أسكنت الياء وإن شئت فتحتها.

الإعراب:

﴿ومن اتبعن﴾ في محل الرفع عطفا على التاء في قوله ﴿أسلمت﴾ ولم يؤكد الضمير فلم يقل أسلمت أنا ومن اتبعن ولو قلت أسلمت وزيد لم يحسن إلا أن تقول أسلمت أنا وزيد وإنما جاز هنا لطول الكلام فصار طوله عوضا من تأكيد الضمير المتصل بالمنفصل.

المعنى:

لما قدم الله سبحانه ذكر الإيمان والإسلام خاطب نبيه فقال ﴿فإن حاجوك﴾ المعنى فإن حاجك وخاصك النصارى وهم وفد نجران ﴿فقل﴾ يا محمد ﴿أسلمت وجهي لله﴾ وفيه وجهان (أحدهما) أن معناه انقدت لأمر الله في إخلاص التوحيد له والحجة فيه أنه ألزمهم على ما أقروا من أن الله خالقهم اتباع أمره في أن لا يعبدوا إلا إياه (والثاني) أن معناه أعرضت عن كل معبود دون الله وأخلصت قصدي بالعبادة إليه وذكر الأصل الذي يلزم جميع المكلفين الإقرار به لأنه لا يتبعض فيما يحتاج إلى العمل عليه في الدين الذي هو طريق النجاة من العذاب إلى النعيم ومعنى وجهي هنا نفسي وأضاف الإسلام إلى الوجه لأن وجه الشيء أشرف ما فيه لأنه يجمع الحواس وعليه يظهر آية الحزن والسرور فمن أسلم وجهه فقد أسلم كله ومنه قوله كل شيء هالك إلا وجهه ﴿ومن اتبعني﴾ أي ومن اهتدى بي في الدين من المسلمين فقد أسلموا أيضا كما أسلمت ﴿وقل﴾ يا محمد ﴿للذين أوتوا الكتاب﴾ يعني اليهود والنصارى ﴿والأميين﴾ أي الذين لا كتاب لهم عن ابن عباس وغيره وهم مشركو العرب وقد مر تفسير الأمي واشتقاقه عند قوله ومنهم أميون ﴿أأسلمتم﴾ أي أخلصتم كما أخلصت لفظه لفظ الاستفهام وهو بمعنى التوقيف والتهديد فيكون متضمنا للأمر فيكون معناه أسلموا فإن الله تعالى أزاح العلل وأوضح السبل ونظيره فهل أنتم منتهون أي انتهوا وهذا كما يقول الإنسان لغيره وقد وعظه بمواعظ أقبلت وعظي يدعوه إلى قبول الوعظ ﴿فإن أسلموا فقد اهتدوا﴾ إلى طريق الحق ﴿وإن تولوا﴾ أي كفروا ولم يقبلوا وأعرضوا عنه ﴿فإنما عليك البلاغ﴾ معناه فإنما عليك أن تبلغ وتقيم الحجة وليس عليك أن لا يتولوا ﴿والله بصير بالعباد﴾ معناه هاهنا أنه لا يفوته شيء من أعمالهم التي يجازيهم بها لأنه بصير بهم أي عالم بهم وبسرائرهم لا يخفى عليه خافية وقيل معناه عالم بما يكون منك في التبليغ ومنهم في الإيمان والكفر.