الآيات 16 - 17

الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴿16﴾ الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ ﴿17﴾

اللغة:

المغفرة هي الستر للذنب برفع التبعة والذنب والجرم بمعنى واحد والفرق بينهما أن أصل الذنب الاتباع فهو مما يتبع عليه العبد من قبيح عمله كالتبعة والجرم أصله القطع فهو القبيح الذي ينقطع به عن الواجب والفرق بين القول والكلام أن القول فيه معنى الحكاية وليس كذلك الكلام والصابر الحابس نفسه عن جميع معاصي الله والمقيم على ما أوجب عليه من العبادات والصادق المخبر بالشيء على ما هو به والقانت المطيع والأسحار جمع سحر وهو الوقت الذي قبل طلوع الفجر أصله الخفاء لخفاء الشخص في ذلك الوقت والسحر منه أيضا لخفاء سببه والسحر الرئة لخفاء موضعها.

الإعراب:

يجوز في موضع الذين الرفع والنصب والجر للإتباع للذين اتقوا والرفع والنصب على المدح وكذلك باقي الصفات ويجوز أن يكون جرا على الصفة للذين اتقوا.

المعنى:

ثم وصف المتقين الذين سبق ذكرهم في قوله للذين اتقوا فقال ﴿الذين يقولون﴾ أي المتقين القائلين ﴿ربنا إننا آمنا﴾ أي صدقنا الله ورسوله ﴿فاغفر لنا ذنوبنا﴾ أي استرها علينا وتجاوزها عنا ﴿وقنا﴾ أي وادفع عنا ﴿عذاب النار﴾ ثم وصفهم بصفات أخر ومدحهم وأثنى عليهم فقال ﴿الصابرين﴾ أي على فعل ما أمرهم الله به وترك ما نهاهم عنه وإن شئت قلت الصابرين على الطاعة وعن المعصية ﴿والصادقين﴾ في إيمانهم وأقوالهم ﴿والقانتين﴾ قيل المطيعين عن قتادة وقيل الدائمين على الطاعة والعبادة عن الزجاج وقيل القائمين بالواجبات عن القاضي ﴿والمنفقين﴾ أموالهم في سبيل الخير ويدخل فيه الزكاة المفروضة والتطوع بالإنفاق ﴿والمستغفرين بالأسحار﴾ المصلين وقت السحر عن قتادة ورواه الرضا عن أبيه (عليه السلام) عن أبي عبد الله (عليه السلام) وقيل السائلين المغفرة في وقت السحر عن أنس وقيل المصلين صلاة الصبح في جماعة عن زيد بن أسلم وقيل الذين ينتهي صلاتهم إلى وقت السحر ثم يستغفرونه ويدعون عن الحسن وروي عن أبي عبد الله أن من استغفر الله سبعين مرة في وقت السحر فهو من أهل هذه الآية وروى أنس بن مالك عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال إن الله عز وجل يقول إني لأهم بأهل الأرض عذابا فإذا نظرت إلى عمار بيوتي وإلى المتهجدين وإلى المتحابين في وإلى المستغفرين بالأسحار صرفته عنهم.