الآيات 42-52

وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ﴿42﴾ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ﴿43﴾ وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ ﴿44﴾ وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ ﴿45﴾ وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴿46﴾ فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴿47﴾ يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴿48﴾ وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ ﴿49﴾ سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ ﴿50﴾ لِيَجْزِي اللّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴿51﴾ هَذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ﴿52﴾

بيان:

لما أنذر وبشر سبحانه في الآيات السابقة ودعا إلى صراطه بما أنه العزيز الحميد ختم بيانه بدفع ما ربما يسبق إلى أوهام ضعفاء العقول من الناس من أن الأمر لو كان على ما ذكر وكانت هذه الدعوة دعوة نبوية من لدن رب عزيز حميد فما بال هؤلاء الظالمين يتمتعون بما شاءوا؟ وما باله لا يأخذ الظالمين بظلمهم ولا يلجم المتخلفين عن دعوته المخالفين عن أمره؟ أهو في غفلة عما يعملونه أم هو مخلف وعده رسله يعدهم بالنصر ثم لا يفي بوعده؟.

فأجاب تعالى أنه ليس بغافل عما يعمل الظالمون ولا مخلف وعده رسله كيف؟ وهو تعالى عليم بما يمكرون وعزيز ذو انتقام بل إنما يؤخرهم ليوم شديد وهو يوم الجزاء.

على أنه تعالى ربما أخذهم بذنوبهم في الدنيا كما أخذ الأمم الماضين.

ثم ختم السورة بقوله: ﴿هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب﴾ وهي آية جامعة لغرض السورة كما سيجيء بيانه إن شاء الله.

قوله تعالى: ﴿ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون﴾ إلى آخر الآيتين يقال: شخص بصره أي سكن بحيث لا يطرف جفنه، ويقال: بعير مهطع إذا صوب عنقه أي رفعه وهطع وأهطع بمعنى، ويقال: أقنع رأسه إذا رفعه، وقوله: لا يرتد إليهم طرفهم أي لا يقدرون على أن يطرفوا من هول ما يشاهدونه، وقوله: وأفئدتهم هواء أي قلوبهم خالية عن التعقل والتدبير لشدة الموقف أو أنها زائلة.

والمعنى: ولا تحسبن الله ولا تظننه غافلا عما يعمل هؤلاء الظالمون بما تشاهد من تمتعهم وإترافهم في العيش وإفسادهم في الأرض إنما يمهلهم الله ويؤخر عقابهم إلى يوم يسكن فيه أبصارهم فلا تطرف والحال أنهم مادون لأعناقهم رافعون لرءوسهم لا يقدرون على رد طرفهم وقلوبهم مدهوشة خالية عن كل تحيل وتدبير من شدة هول يوم القيامة وفي الآية إنذار للظالمين وتعزية لغيرهم.

قوله تعالى: ﴿وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب﴾ إلى آخر الآية.

في الآية إنذار بعد إنذار وبين الإنذارين فرق من جهتين: إحداهما: أن الإنذار في الآيتين السابقتين إنذار بما أعد الله من أهوال يوم القيامة وأليم العذاب فيه، وأما الذي في هذه الآية وما يتلوها فهو إنذار بعذاب الاستئصال في الدنيا ومن الدليل عليه قوله: ﴿فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب﴾ إلخ.

وبذلك يظهر أن لا وجه لما ذكره بعضهم أن المراد بهذا اليوم الذي يأتيهم فيه العذاب هو يوم القيامة، وكذا ما ذكره آخرون أن المراد به يوم الموت.

والثانية: أن الإنذار الأول إنذار بعذاب قطعي لا صارف له عن أمة ظالمة ولا فرد ظالم من أمة وأما الإنذار الثاني فهو إنذار بعذاب غير مصروف عن أمة ظالمة وأما الفرد فربما صرف عنه، ولذلك ترى أنه تعالى يقول أولا: ﴿وأنذر الناس﴾ ثم يقول: ﴿فيقول الذين ظلموا﴾ إلخ ولم يقل: فيقولون أي الناس لأن عذاب الاستئصال لا يصيب المؤمنين قال تعالى: ﴿ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين﴾ يونس: 103 وإنما يصيب الأمة الظالمة بحلول أجلهم وهم طائفة من ظالمي الأمة لا جميع أفرادها.

وبالجملة فقوله: ﴿وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب﴾ إنذار للناس بعذاب الاستئصال الذي يقطع دابر الظالمين منهم، وقد تقدم في تفسير سورة يونس وغيره أن ذلك مكتوب على الأمم قضاء بينهم وبين رسولهم حتى هذه الأمة المحمدية وقد تكرر هذا الوعيد منه تعالى في عدة مواضع من كلامه.

وهذا هو اليوم الذي يطهر الله الأرض فيه من قذارة الشرك والظلم ولا يعبد عليها يومئذ إلا الله سبحانه فإن الدعوة عامة والأمة هم أهل الأرض فإذا محا الله عنهم الشرك لم يبق منهم إلا المؤمنون ويكون الدين كله لله، قال تعالى: ﴿ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون﴾.

ومما تقدم يظهر الجواب عما أورد على كون المراد بالعذاب في الآية عذاب الاستئصال أن القصر في الآية السابقة ينافيه فإن قوله: ﴿إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار﴾ يقصر أخذهم وعقابهم في يوم القيامة.

وذلك لما عرفت أن العذاب المنذر به في الآيتين السابقتين هو العذاب الذي لا يصرفه عنهم صارف ولا يتخلف عنه أحد من الظالمين وهو مقصور في عذاب يوم القيامة، ولا ينافي انحصاره في يوم القيامة وجود نوع آخر من العذاب في الدنيا.

على أن القصر لو تم على ما يريده المعترض لدفع ما يدل عليه الآيات الكثيرة الدالة على نزول العذاب بهذه الأمة كما أشرنا إليه.

على أن حمل العذاب في الآية على عذاب يوم القيامة يوجب صرف الآيات عن ظهورها ورفع اليد عما يعطيه السياق فيها ولا مساغ له.

وقوله: ﴿فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل﴾ المراد به الظالمون من الناس وهم الذين يأخذهم العذاب المستأصل ولا يتخطاهم، ومرادهم بقولهم: ﴿أخرنا إلى أجل قريب﴾ الاستمهال بمدة قصيرة تضاف إلى عمرهم في الدنيا حتى يتداركوا فيه ما فوتوه بظلمهم والدليل عليه قولهم: ﴿نجب دعوتك ونتبع الرسل﴾.

والتعبير بالرسل بلفظ الجمع في قولهم: ﴿ونتبع الرسل﴾ مع أن الآية تصف حال ظالمي هذه الأمة ظاهرا وكان مقتضى ذلك أن يقال: ونتبع الرسول إنما هو للدلالة على أن الملاك في نزول هذا العذاب القضاء بين الرسالة وبين منكريها من غير اختصاص ذلك برسول دون رسول كما يفيده قوله: ﴿ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون﴾ يونس: 47.

وقوله: ﴿أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال﴾ الإقسام تعليق الحكم في الكلام بأمر شريف من جهة شرافته ليدل به على صدقه إذ لو كذب المتكلم وقد أقسم في كلامه لأذهب بذلك شرف المقسم به كقولنا: والله إن كذا لكذا ولعمري إن الأمر على كذا، ويعد القسم أقوى أسباب التأكيد.

ولا يبعد أن يكون الإقسام في الآية كناية عن إيراد الكلام في صورة جازمة غير قابلة للترديد.

والكلام على تقدير القول والمعنى يقال لهم توبيخا وتبكيتا: أ لم تكونوا أقسمتم من قبل نزول العذاب ما لكم من زوال وأنكم بما عندكم من القوة والسطوة ووسائل الدفاع أمة خالدة مسيطرة على الحوادث فما لكم تستمهلون إلى أجل قريب.

قوله تعالى: ﴿وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم﴾ إلى آخر الآية معطوف على محل قوله: ﴿أقسمتم﴾ في الآية السابقة، والمعنى: أولم تكونوا سكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم من الأمم السابقة، وظهر لكم أن هذه الدعوة حقة ويتعقبها لو ردت عذاب مستأصل، من جهتين: جهة المشاهدة حيث تبين لكم كيف فعلنا بأولئك الظالمين الذين سكنتم في مساكنهم؟ وجهة البيان حيث ضربنا لكم الأمثال وأنذرناكم عذابا مستأصلا يتعقبه إنكار الحق ورد الدعوة النبوية ويقطع دابر الظالمين.

قوله تعالى: ﴿وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال﴾ حال من الضمير في ﴿فعلنا﴾ في الآية السابقة أو من الضمير في ﴿بهم﴾ فيها أو من الضميرين جميعا على ما قيل، وضمائر الجمع راجعة إلى ﴿الذين ظلموا﴾.

والمراد بكون مكرهم عند الله إحاطته تعالى به بعلمه وقدرته، ومن المعلوم أن المكر إنما يكون مكرا إذا لم يحط به الممكور به وجهله، وأما إذا كان الممكور به عالما بما هيأه الماكر من المكر وقادرا على دفعه لغا المكر أو عاد مكرا على نفس الماكر كما قال تعالى: ﴿وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون﴾ الأنعام: 123.

وقوله: ﴿وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال﴾ إن وصلية - على ما قيل - واللام في ﴿لتزول﴾ متعلق بمقدر يدل عليه لفظ المكر كقولنا يقتضي أو يوجب وما أشبه ذلك، والتقدير: الله محيط بمكرهم عالم به قادر على دفعه إن كان مكرهم دون هذه الشدة وإن كان على هذه الشدة.

والمعنى تبين لكم كيف فعلنا بهم والحال أنهم مكروا ما في وسعهم من المكر والله محيط بمكرهم وإن كان مكرهم عظيما موجبا لزوال الجبال.

وربما قيل: إن ﴿إن﴾ نافية واللام هي الداخلة على المنفي والمراد بالجبال الآيات والمعجزات كناية والمعنى وما كان مكرهم لتبطل به آيات الله ومعجزاته التي هي كالجبال الراسيات التي لا تزول عن مكانها، وأيد هذا المعنى بقراءة ابن مسعود ﴿وما كان مكرهم﴾ وهو معنى بعيد.

وقرىء أيضا: ﴿لتزول﴾ بفتح اللام الأولى وضم اللام الثانية، وعلى هذا تكون ﴿إن﴾ مخففة من المشددة والمعنى والتحقيق أن مكرهم كان من العظمة بحيث تزول منه الجبال.

قوله تعالى: ﴿فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام﴾ تفريع على ما تقدم أن ترك مؤاخذة الظالمين بعملهم إنما هو لتأخيرهم إلى يوم القيامة أي إذا كان الأمر كذلك فلا تحسبن الله مخلفا لما وعد رسله من نصرهم ومؤاخذة المتخلفين عن دعوتهم، وكيف يخلف وعده وهو عزيز ذو انتقام شديد ولازم عزته المطلقة أن لا يخلف وعده فإن إخلاف الوعد إما لكون الواعد غير قادر على إنجاز ما وعده أو لتغير من الرأي بعروض حال ثانية تقهره على خلاف ما بعثته إليه الحال الأولى التي أوجبت عليه الوعد والله سبحانه عزيز على الإطلاق لا يتصف بعجز ولا تقهره حال ولا شيء آخر وهو الواحد القهار.

ولازم اتصافه بالانتقام أن ينتقم للحق ممن استكبر عنه واستعلى عليه وينتصف للمظلوم من الظالم.

وذو انتقام من أسمائه تعالى الحسنى التي سمى الله تعالى بها نفسه في مواضع من كلامه وقارنه في جميعها باسمه العزيز، قال تعالى: ﴿والله عزيز ذو انتقام﴾ آل عمران: 4، المائدة: 95، وقال: ﴿أليس الله بعزيز ذو انتقام﴾ الزمر: 37، وقال في الآية المبحوث عنها: ﴿إن الله عزيز ذو انتقام﴾ ومن ذلك يظهر أن ﴿ذا انتقام﴾ من فروع اسم ﴿العزيز﴾.

كلام في معنى الانتقام ونسبته إليه تعالى:

الانتقام هو العقوبة لكن لا كل عقوبة بل عقوبة خاصة وهي أن تذيق غيرك من الشر ما يعادل ما أذاقك منه أو تزيد عليه قال تعالى: ﴿ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله﴾.

وهو أصل حيوي معمول به عند الإنسان وربما يشاهد من بعض الحيوان أيضا أعمال يشبه أن تكون منه، وأيا ما كان يختلف الغرض الذي يبعث الإنسان إليه فالداعي إليه في الانتقام الفردي هو التشفي غالبا فإذا سلب الواحد من الإنسان غيره شيئا من الخير أو أذاقه شيئا من الشر وجد الذي فعل به ذلك في نفسه من الأسى والأسف ما لا تسكن فورته ولا تخمد ناره إلا بأن يذيقه من الشر ما يعادل ما ذاق منه أو يزيد عليه فالعامل الذي يدعو إليه هو الإحساس الباطني وأما العقل فربما أجازه وأنفذه وربما استنكف.

والانتقام الاجتماعي ونعني به القصاصات وأنواع المؤاخذات التي نعثر عليها في السنن والقوانين الدائرة في المجتمعات أعم من الراقية والهمجية الغالب فيه أن يكون الغرض الداعي إليه غاية فكرية ومطلوبا عقليا وهو حفظ النظام عن الاختلال وسد طريق الهرج والمرج فلو لا أصل الانتقام ومؤاخذة المجرم الجاني بما أجرم وجنى اختل الأمن العام وارتحل السلام من بين الناس.

ولذا كان هذا النوع من الانتقام حقا من حقوق المجتمع وإن كان ربما استصحب حقا فرديا كمن ظلم غيره بما فيه مؤاخذة قانونية فربما يؤاخذ الظالم استيفاء لحق المجتمع وإن أبطل المظلوم حقه بالعفو.

فقد تبين أن من الانتقام ما يبتني على الإحساس وهو الانتقام الفردي الذي غايته التشفي، ومنه ما يبتني على العقل وهو الانتقام الاجتماعي الذي غايته حفظ النظام وهو من حقوق المجتمع وإن شئت قلت من حقوق السنة أو القانون الجاري في المجتمع فإن استقامة الأحكام المعدلة لحياة الناس وسلامتها في نفسها تقتضي مؤاخذة المجرم المتخلف عنها وإذاقته جزاء سيئته المر، فهو من حقوق السنة والقانون كما أنه من حقوق المجتمع.

إذا عرفت هذا علمت أن ما ينسب إليه تعالى في الكتاب والسنة من الانتقام هو ما كان حقا من حقوق الدين الإلهي والشريعة السماوية وإن شئت فقل من حقوق المجتمع الإسلامي وإن كان ربما استصحب الحق الفردي فيما إذا انتصف سبحانه للمظلوم من ظالمه فهو الولي الحميد.

وأما الانتقام الفردي المبني على الإحساس لغاية التشفي فساحته المقدسة أعز من أن يتضرر بإجرام المجرمين ومعصية المسيئين أو ينتفع بطاعة المحسنين.

ومن هنا يظهر سقوط ما ربما استشكله بعضهم أن الانتقام إنما يكون لتشفي القلب وإذ كان تعالى لا ينتفع ولا يتضرر بشيء من أعمال عباده خيرا أو شرا طاعة أو معصية فلا وجه لنسبة الانتقام إليه كما أن رحمته غير المتناهية تأبى أن يعذبهم بعذاب خالد غير متناه كيف لا؟ والواحد من أرباب الرحمة يرحم المجرم المقدم على أي معصية إذا كان عن جهالة منه وهو تعالى يصف الإنسان - وهو مخلوقه المعلوم له حاله - بذلك إذ يقول: ﴿إنه كان ظلوما جهولا﴾ الأحزاب: 72.

وجه السقوط أن فيه خلطا بين الانتقام الفردي والاجتماعي، والذي يثبت فيه تعالى هو الاجتماعي منه دون الفردي كما توهم كما أن فيه خلطا بين الرحمة النفسانية التي هي تأثر وانفعال قلبي من الإنسان وبين الرحمة العقلية التي هي تتميم نقص الناقص المستعد لذلك، والتي تثبت فيه تعالى هي الرحمة العقلية دون الرحمة النفسانية ولم يثبت الخلود في العذاب إلا فيما إذا بطل استعداد الرحمة وإمكان الإفاضة قال تعالى: ﴿بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون﴾ البقرة: 81.

وهاهنا نكتة يجب أن تتنبه لها وهي أن الذي تقدم من معنى الانتقام المنسوب إليه تعالى إنما يتأتى على مسلك المجازاة والثواب والعقاب، وأما على مسلك نتائج الأعمال فترجع حقيقته إلى لحوق الصور السيئة المؤلمة بالنفس الإنسانية عن الملكات الرديئة التي اكتسبتها في الحياة الدنيا، بعد الموت، وقد تقدم البحث في الجزء الأول من الكتاب في ذيل قوله تعالى: ﴿إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا﴾ البقرة: 26 في جزاء الأعمال.

قوله تعالى: ﴿يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار﴾ الظرف متعلق بقوله: ﴿ذو انتقام﴾ وتخصيص انتقامه تعالى بيوم القيامة مع عمومه لجميع الأوقات والظروف إنما هو لكون اليوم أعلى مظاهر الانتقام الإلهي كما أن تخصيص بروزهم لله بذلك اليوم كذلك، وعلى هذا النسق جل الأوصاف المذكورة في كلامه تعالى ليوم القيامة كقوله: ﴿الأمر يومئذ لله﴾ الانفطار: 19، وقوله: ﴿ما لكم من الله من عاصم﴾ المؤمنون: 33، إلى غير ذلك وقد تقدمت الإشارة إليه كرارا.

والظاهر أن اللام في الأرض للعهد في الموضعين معا وكذا في السماوات والسماوات معطوفة على الأرض الأولى والمعنى تبدل هذه الأرض غير هذه الأرض وتبدل هذه السماوات غير هذه السماوات.

وللمفسرين في معنى تبدل الأرض والسماوات أقوال مختلفة: فقيل: تبدل الأرض فضة والسماوات ذهبا وربما قيل إن الأرض تبدل من أرض نقية كالفضة والسماوات كذلك.

وقيل: تبدل الأرض نارا والسماوات جنانا.

وقيل: تبدل الأرض خبزة نقية يأكل الناس منها طول يوم القيامة.

وقيل: تبدل الأرض لكل فريق مما يقتضيه حاله فتبدل لبعض المؤمنين خبزة يأكل منها ما دام في العرصات ولبعض آخر فضة وتبدل للكافر نارا.

وقيل: التبديل هو أنه يزاد في الأرض وينقص منها وتذهب آكامها وجبالها وأوديتها وشجرها وتمد مد الأديم وتصير مستوية لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، وتتغير السماوات بذهاب الشمس والقمر والنجوم وبالجملة يتغير كل من الأرض والسماوات عما هو عليه في الدنيا من الصفات والأشكال.

ومنشأ اختلافهم في تفسير التبديل اختلاف الروايات الواردة في تفسير الآية مع أن الروايات لو صحت واتصلت كان اختلافها أقوى شاهد على أن ظاهرها غير مراد وأن بياناتها واقعة موقع التمثيل للتقريب.

والتدبر الكافي في الآيات التي تحوم حول تبديل الأرض والسماء يفيد أن أمر التبديل أعظم مما تتصوره من بسط الجبل على السهل أو تبديل التراب فضة أو خبزا نقيا مثلا كقوله تعالى: ﴿وأشرقت الأرض بنور ربها﴾ الزمر: 69 وقوله: ﴿وسيرت الجبال فكانت سرابا﴾ النبأ: 20، وقوله: ﴿وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب﴾ النمل: 88 إن كانت الآية ناظرة إلى يوم القيامة إلى غير ذلك من الآيات.

فالآيات تنبىء عن نظام غير هذا النظام الذي نعهده وشئون دون ما نتصوره فإشراق الأرض يومئذ بنور ربها غير إشراق بسيطها بنور الشمس أو الكواكب أو غيرها، وسير الجبال ينتهي عادة إلى زوالها عن مكانها وتلاشيها مثلا لا إلى كونها سرابا، وهكذا نرجو أن يوفقنا الله سبحانه لبسط الكلام في هذا المعنى فيما سيأتي إن شاء الله تعالى.

وقوله: ﴿وبرزوا لله الواحد القهار﴾ معنى بروزهم وظهورهم لله يومئذ - مع كون الأشياء بارزة غير خفية عليه دائما - سقوط جميع العلل والأسباب التي كانت تحجبهم عنه تعالى ما داموا في الدنيا فلا يبقى يومئذ - على ما يشاهدون - شيء من الأسباب يملكهم ويتولى أمرهم ويستقل بالتأثير فيهم إلا الله سبحانه كما يدل عليه آيات كثيرة فهم لا يلتفتون إلى جانب ولا يتوجهون إلى جهة في ظاهرهم وباطنهم وحاضرهم والماضي الغائب من أحوالهم وأعمالهم إلا وجدوه سبحانه شاهدا مهيمنا عليه محيطا به.

والدليل على هذا الذي ذكرناه توصيفه تعالى بالواحد القهار المشعر بنوع من الغلبة فبروزهم لله يومئذ إنما هو ناشىء عن كونه تعالى هو الواحد الذي يقوم به وجود كل شيء ويقهر كل من دونه من مؤثر فلا يحول بينهم وبينه حائل فهم بارزون له بروزا مطلقا.

قوله تعالى: ﴿وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار﴾ المقرنين من التقرين وهو جمع الشيء إلى نظيره والأصفاد جمع الصفد وهو الغل الذي يجمع اليد إلى العنق أو هو مطلق السلسلة يقرن بين المقيدين، والسرابيل جمع السربال وهو القميص والقطران شيء أسود منتن يطلى به الإبل فإنهم يطلون به فيصير كالقميص عليهم والغشاوة بالفتح الستر والتغطية يقال: غشي يغشى غشاوة أي ستره وغطاه، ومعنى الآيتين واضح.

قوله تعالى: ﴿ليجزي الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب﴾ معنى الآية واضح، وهي بظاهرها تدل على أن الذي تجزى به كل نفس هو عين ما كسبته من حسنة أو سيئة وإن تبدلت صورته، فهي من الآيات الدالة على أن الذي يلحق بهم يوم القيامة هو نتيجة أعمالهم.

فالآية تفسر أولا معنى الجزاء في يوم الجزاء، وثانيا معنى انتقامه تعالى يومئذ وأنه ليس من قبيل عقوبة المجرم العاصي تشفيا منه بل إلحاق ما يستدعيه عمل المجرم به وإن شئت فقل إيصال ما اكتسبه المجرم بعينه إليه.

وفي تعليل هذا الجزاء وهو في يوم القيامة بقوله: ﴿إن الله سريع الحساب﴾ إيماء إلى أن الجزاء واقع من غير فصل ومهل إلا أن ظرف ظهوره هو ذلك اليوم لا غير، أو أن الحكم بالجزاء وكتابته واقع عند العمل وتحققه يوم القيامة ومآل الوجهين واحد في الحقيقة.

قوله تعالى: ﴿هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب﴾ البلاغ بمعنى التبليغ على ما ذكره الراغب أو بمعنى الكفاية على ما ذكره غيره.

والآية خاتمة السورة فالأنسب أن تكون الإشارة بهذا إلى ما أورد في السورة من البيان لا إلى مجموع القرآن كما ذكره بعضهم ولا إلى ما ذكر من قوله تعالى: ﴿ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون﴾ إلى آخر السورة كما ذكره آخرون.

وقوله: ﴿ولينذروا به﴾ إلخ، اللام فيه للغاية وهو معطوف على محذوف إنما حذف لفخامة أمره وعظم شأنه لا يحيط به أفهام الناس لاشتماله من الأسرار الإلهية على ما لا يطيقونه، وإنما تسع عقولهم ما ذكر من غاياته وهو الإنذار والعلم بوحدانيته تعالى والتذكر، فهم ينذرون بما ذكر فيها من مؤاخذته تعالى الظالمين عاجلا وآجلا، وتتم عليهم الحجة بما ذكر فيها من آيات التوحيد، ويتذكر المؤمنون منهم خاصة بما فيها من المعارف الإلهية.

وبهذا يتطابق مختتم السورة ومفتتحها أعني قوله في أول السورة: ﴿كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد﴾ فقد تقدم أن مدلول الآية أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالدعوة والتبليغ إلى صراط الله بما أنه تعالى ربهم العزيز الحميد ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذنه فإنهم إن استجابوا الدعوة وآمنوا خرجوا بذلك من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان بالفعل وإن لم يستجيبوا أنذروا ووقفوا على التوحيد الحق وخرجوا من الجهل إلى العلم وهو نوع خروج من الظلمة إلى النور وإن كان وبالا عليهم وخسارا ففي الدعوة - على أي حال - إنذار للناس وإعلامهم أنما هو إله واحد وتذكر لأولي الألباب منهم خاصة وهم المؤمنون.

بحث روائي:

في المعاني، بإسناده عن ثوبان: أن يهوديا جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا محمد فرفعه ثوبان برجله وقال: قل: يا رسول الله فقال: لا أدعوه إلا بأسماء أهله قال: أ رأيت قول الله: ﴿يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات﴾ أين الناس يومئذ قال: في الظلمة دون المحشر. قال: فما أول ما يأكل أهل الجنة إذا دخلوها؟ قال كبد الحوت قال: فما شرابهم على إثر ذلك، قال: السلسبيل. قال صدقت يا محمد.

أقول: وروي الحديث في الدر المنثور، عن مسلم وابن جرير والحاكم والبيهقي في الدلائل عن ثوبان: مثله إلى قوله: في الظلمة وروي أيضا عن عدة عن عائشة: أنها سألت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن ذلك فقال: على الصراط.

وفي تفسير العياشي، عن ثوير بن أبي فاختة عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: ﴿تبدل الأرض غير الأرض﴾ يعني بأرض لم يكتسب عليها الذنوب بارزة ليست عليها جبال ولا نبات كما دحاها أول مرة.

أقول: ورواه القمي أيضا في تفسيره، وفيه دلالة على حدوث الجبال وكذا النبات بعد تمام خلقة الأرض.

وفي الدر المنثور، أخرج البزار وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن مسعود قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في قول الله: ﴿يوم تبدل الأرض غير الأرض﴾.

قال: أرض بيضاء كأنها فضة لم يسفك فيها دم حرام ولم تعمل فيها خطيئة.

أقول: ورواه أيضا عن ابن مردويه عن علي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): مثله.

وفيه، أخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب في الآية قال: تبدل الأرض من فضة والسماء من ذهب.

أقول: وحمل بعضهم الكلام على التشبيه كما وقع في حديث ابن مسعود السابق.

وفي الكافي، بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سأله أبرش الكلبي عن قول الله عز وجل: ﴿يوم تبدل الأرض غير الأرض﴾ قال: تبدل خبزة نقية يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب.

فقال الأبرش: فقلت: إن الناس يومئذ لفي شغل من الأكل فقال أبو جعفر (عليه السلام) فهم في النار لا يشتغلون عن أكل الضريع وشرب الحميم وهم في عذاب فكيف يشتغلون عنه في الحساب؟.

أقول: وقوله: ﴿تبدل خبزة نقية﴾ يحتمل التشبيه كما ربما يستفاد من الخبر الآتي.

وفي إرشاد المفيد، واحتجاج الطبرسي، عن عبد الرحمن بن عبد الله الزهري قال: حج هشام بن عبد الملك فدخل المسجد الحرام متكئا على ولد سالم مولاه ومحمد بن علي بن الحسين (عليهما السلام) جالس في المسجد فقال له سالم مولاه يا أمير المؤمنين هذا محمد بن علي قال هشام: المفتونون به أهل العراق؟ قال: نعم. فقال: اذهب إليه فقل له: يقول لك أمير المؤمنين: ما الذي يأكل الناس ويشربون إلى أن يفصل بينهم يوم القيامة قال أبو جعفر (عليه السلام): يحشر الناس على مثل قرص نقي فيها أنهار متفجرة يأكلون ويشربون حتى يفرغ من الحساب. قال: فرأى هشام أنه قد ظفر به فقال: الله أكبر اذهب إليه فقل: ما أشغلهم عن الأكل والشرب يومئذ. فقال أبو جعفر (عليه السلام): هم في النار أشغل ولم يشتغلوا عن ذلك قالوا أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله. فسكت هشام لا يرجع كلاما وفي الدر المنثور، أخرج ابن مردويه عن أفلح مولى أبي أيوب: أن رجلا من يهود سأل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ﴿يوم تبدل الأرض غير الأرض﴾ ما الذي تبدل به؟ فقال: خبزة، فقال اليهودي: درمكة بأبي أنت، قال: فضحك ثم قال: قاتل الله اليهود هل تدرون ما الدرمكة؟ لباب الخبز.

وفيه، أخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل عن أبي أيوب الأنصاري قال: أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حبر من اليهود وقال: أرأيت إذ يقول الله: ﴿يوم تبدل الأرض غير الأرض﴾ فأين الخلق عند ذلك؟ قال: أضياف الله لن يعجزهم ما لديه.

أقول: واختلاف الروايات في تفسير التبديل لا يخلو عن دلالة على أنها أمثال مضروبة للتقريب والمسلم من معنى التبدل أن حقيقة الأرض والسماء وما فيهما يومئذ هي هي غير أن النظام الجاري فيهما يومئذ هو غير النظام الجاري فيهما في الدنيا.

وفي المعاني، بإسناده عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: لقد خلق الله عز وجل في الأرض منذ خلقها سبعة عالمين ليس فيهم من ولد آدم، خلقهم من أديم الأرض فأسكنهم فيها واحدا بعد واحد مع عالمه. ثم خلق الله عز وجل آدم أبا البشر وخلق ذريته منه لا والله ما خلت الجنة من أرواح المؤمنين منذ خلقها، ولا خلت النار من أرواح الكفار والعصاة منذ خلقها عز وجل لعلكم ترون إذا كان يوم القيامة وصير أبدان أهل الجنة مع أرواحهم في الجنة وصير أبدان أهل النار مع أرواحهم في النار إن الله تعالى لا يعبد في بلاده ولا يخلق خلقا يعبدونه ويوحدونه؟ بلى والله ليخلقن الله خلقا من غير فحولة ولا إناث يعبدونه ويوحدونه ويعظمونه ويخلق لهم أرضا تحملهم وسماء تظلهم أليس الله عز وجل يقول: ﴿يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات﴾ وقد قال عز وجل: ﴿أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد﴾.

أقول: ورواه العياشي، في تفسيره عن محمد بن مسلم عنه (عليه السلام): مثله، وهو غير المعاني التي أوردناها سابقا.

وفي تفسير القمي، قوله: ﴿يوم تبدل الأرض غير الأرض﴾ قال تبدل خبزة بيضاء في الموقف يأكل منها المؤمنون ﴿وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد﴾ قال: قال: مقرنين بعضهم إلى بعض ﴿سرابيلهم من قطران﴾ قال: قال: السرابيل القميص.

قال: وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام): في قوله: ﴿سرابيلهم من قطران﴾ هو الصفر الحار المذاب انتهى حره يقول الله عز وجل: ﴿وتغشى وجوههم النار﴾ سربلوا ذلك الصفر وتغشى وجوههم النار.

أقول: يعني أن المراد بالجملتين: ﴿سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار﴾ جميعا بيان أنهم مستورون مغشيون أما أبدانهم فبالقطران وأما وجوههم فبالنار.