سورة مريم

﴿قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا﴾ (10).

س - كيف يكون سكوته آية؟

ج - باعتبار أن لسانه اعتُقل عن الكلام العادي، ولذلك نُصب الفعل بأن المصدرية بعد (لا) النافية، وقد تقدم توضيحه.

﴿وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا﴾ (13).

س - ما معنى الزكاة هنا؟

ج - لعلّ المراد به الطهر كما ان تزكية المال تطهيره أي انّ الله تعالى حباه بالحنان عليه والطهر.

﴿قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا﴾ (18).

س - كيف تقول ذلك مع أن الفاسق هو الذي يتعوَّذ منه؟

ج - كلاّ، لأن هذا الخطاب وإظهار التعوّذ بالرحمن إنما يجدي بالنسبة لمن يتقي الله ويخشاه إذا خيف منه، أما الذي لا يتقي الله فلا يرتدع بذلك.

﴿فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا﴾ (26).

س - لماذا دعاها إلى صوم الصمت؟

ج - لتتخلّص من الجدال مع الناس ويتكفّل عيسى محاورتهم والردّ عليهم، فيظهر الاعجاز الإلهي وتثبت براءتها.

س - إذا كانت صائمة بصوم الصمت فكيف تحدثهم بذلك؟

ج - لعلّ المقصود من القول (فقولي) هو البيان الإفهام بأية وسيلة اخرى دون الكلام اللفظي، كما تقول عندما تكتب أمراً لصديقك: قلتُ له كذا، مع أنّك كتبتَ إليه ولم تتلفظ بذلك. ويؤيّد هذا الذي ذكرناه قوله تعالى فيما بعد ﴿فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ﴾(1) فكانت إشارتها قرينة على صومها المذكور، ولذلك لم تقل لهم ذلك لفظاً.

﴿ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾ (34).

س - ما معنى أن يكون عيسى قول الحق؟

ج - المقصود والله العالم أنّ القول الحقّ في عيسى هو ما ذكرناه، كما تقول: إن قصة عيسى وأمره كذا حقاً.

﴿لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلاّ سَلامًا...﴾ (62).

س - كيف يستثني السلام من اللغو مع أنّه مباين له؟

ج - هذا الاستثناء منقطع كما يسميه النحاة حيث لا يندرج المستثنى ضمن المستثنى منه، بل لمّا نفى سماعهم للغّّو، فقد يتوهم أن ذلك يكشف عن حالة الصمت المطبق التي تعمّ أجواء الجنّة بحيث لا يسمعون أي كلام، لأنّ سماع اللغو مألوف في الحياة الدنيا التي عاشوا فيها من قبل، فنفى هذا التوهّّم بأنهم يسمعون السلام الذي هو مباين للّغو، ويكون بشرى لهم حيث تستقبلهم الملائكة بذلك، كما قال تعالى: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾(2).

﴿وَإِن مِّنكُمْ إِلاّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا﴾ (71-72).

س - هل يعني ذلك ورود المؤمنين والأئمة والأنبياء إلى النار؟

ج - هناك اختلاف بين المفسّرين في معنى الورود وكيفيته، ففسّّره بعضهم بالإشراف على النار، بينما حمله آخرون على الجواز على الصراط، وأن الناس يتفاوتون في العبور وفي سرعته. وقد يستثني البعض المعصومين من ذلك.


1- تفسير العياشي : 2/ 135.

2- تفسير العياشي : 2/ 135.