الآيات 11-26

إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿11﴾ لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ ﴿12﴾ لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴿13﴾ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿14﴾ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴿15﴾ وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ﴿16﴾ يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿17﴾ وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿18﴾ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴿19﴾ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴿20﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿21﴾ وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿22﴾ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿23﴾ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿24﴾ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ﴿25﴾ الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴿26﴾

بيان:

الآيات تشير إلى حديث الإفك، وقد روى أهل السنة أن المقذوفة في قصة الإفك هي أم المؤمنين عائشة، وروت الشيعة أنها مارية القبطية أم إبراهيم التي أهداها مقوقس ملك مصر إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكل من الحديثين لا يخلو عن شيء على ما سيجيء في البحث الروائي الآتي.

فالأحرى أن نبحث عن متن الآيات في معزل من الروايتين جميعا غير أن من المسلم أن الإفك المذكور فيها كان راجعا إلى بعض أهل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إما زوجه وإما أم ولده وربما لوح إليه قوله تعالى: ﴿وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم﴾ وكذا ما يستفاد من الآيات أن الحديث كان قد شاع بينهم وأفاضوا فيه وسائر ما يومىء إليه من الآيات.

والمستفاد من الآيات أنهم رموا بعض أهل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالفحشاء، وكان الرامون عصبة من القوم فشاع الحديث بين الناس يتلقاه هذا من ذاك، وكان بعض المنافقين أو الذين في قلوبهم مرض يساعدون على إذاعة الحديث حبا منهم أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا فأنزل الله الآيات ودافع عن نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم).

قوله تعالى: ﴿إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم﴾ إلخ، الإفك على ما ذكره الراغب الكذب مطلقا والأصل في معناه أنه كل مصروف عن وجهه الذي يحق أن يكون عليه كالاعتقاد المصروف عن الحق إلى الباطل - والفعل المصروف عن الجميل إلى القبيح، والقول المصروف عن الصدق إلى الكذب، وقد استعمل في كلامه تعالى في جميع هذه المعاني.

وذكر أيضا أن العصبة جماعة متعصبة متعاضدة، وقيل: إنها عشرة إلى أربعين.

والخطاب في الآية وما يتلوها من الآيات لعامة المؤمنين ممن ظاهره الإيمان أعم من المؤمن بحقيقة الإيمان والمنافق ومن في قلبه مرض، وأما قول بعضهم: إن المخاطب بالخطابات الأربعة الأول أو الثاني والثالث والرابع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمقذوفة والمقذوف ففيه تفكيك بين الخطابات الواقعة في الآيات العشر الأول وهي نيف وعشرون خطابا أكثرها لعامة المؤمنين بلا ريب.

وأسوأ حالا منه قول بعض آخر إن الخطابات الأربعة أو الثلاثة المذكورة لمن ساءه ذلك من المؤمنين فإنه مضافا إلى استلزامه التفكيك بين الخطابات المتوالية مجازفة ظاهرة.

والمعنى: إن الذين أتوا بهذا الكذب - واللام في الإفك للعهد - جماعة معدودة منكم مرتبط بعضهم ببعض، وفي ذلك إشارة إلى أن هناك تواطؤا منهم على إذاعة هذا الخبر ليطعنوا به في نزاهة بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويفضحوه بين الناس.

وهذا هو فائدة الخبر في قوله: ﴿إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم﴾ لا تسلية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو تسليته وتسلية من ساءه هذا الإفك كما ذكره بعضهم فإن السياق لا يساعد عليه.

وقوله: ﴿لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم﴾ مقتضى كون الخطاب لعامة المؤمنين أن يكون المراد بنفي كونه شرا لهم وإثبات كونه خيرا أن المجتمع الصالح من سعادته أن يتميز فيه أهل الزيغ والفساد ليكونوا على بصيرة من أمرهم وينهضوا لإصلاح ما فسد من أعضائهم، وخاصة في مجتمع ديني متصل بالوحي ينزل عليهم الوحي عند وقوع أمثال هذه الوقائع فيعظهم ويذكرهم بما هم في غفلة منه أو مساهلة حتى يحتاطوا لدينهم ويتفطنوا لما يهمهم.

والدليل على ما ذكرنا قوله بعد: ﴿لكل امرىء منهم ما اكتسب من الإثم﴾ فإن الإثم هو الأثر السيىء الذي يبقى للإنسان عن اقتراف المعصية فظاهر الجملة أن أهل الإفك الجائين به يعرفون بإثمه ويتميزون به عندكم فيفتضحون به بدل ما أرادوا أن يفضحوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

وأما قول من قال: إن المراد بكونه خيرا لهم أنهم يثابون بما اتهموهم بالإفك كما أن أهل الإفك يتأثمون به فمبني على كون الخطاب للمتهمين خاصة وقد عرفت فساده.

وقوله: ﴿والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم﴾ فسروا كبره بمعنى معظمه والضمير للإفك، والمعنى: والذي تولى معظم الإفك وأصر على إذاعته بين الناس من هؤلاء الآفكين له عذاب عظيم.

قوله تعالى: ﴿لو لا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين﴾ توبيخ لهم إذ لم يردوا الحديث حينما سمعوه ولم يظنوا بمن رمي به خيرا.

وقوله: ﴿ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم﴾ من وضع الظاهر موضع المضمر، والأصل ﴿ظننتم بأنفسكم﴾ والوجه في تبديل الضمير وصفا الدلالة على علة الحكم فإن صفة الإيمان رادعة بالطبع تردع المتلبس بها عن الفحشاء والمنكر في القول والفعل فعلى المتلبس بها أن يظن على المتلبسين بها خيرا، وأن يجتنب القول فيهم بغير علم فإنهم جميعا كنفس واحدة في التلبس بالإيمان ولوازمه وآثاره.

فالمعنى: ولو لا إذ سمعتم الإفك ظننتم بمن رمي به خيرا فإنكم جميعا مؤمنون بعضكم من بعض والمرمي به من أنفسكم وعلى المؤمن أن يظن بالمؤمن خيرا ولا يصفه بما لا علم له به.

وقوله: ﴿قالوا هذا إفك مبين﴾ أي قال المؤمنون والمؤمنات وهم السامعون - أي قلتم - هذا إفك مبين لأن الخبر الذي لا علم لمخبره به والدعوى التي لا بينة لمدعيها عليها محكوم شرعا بالكذب سواء كان بحسب الواقع صدقا أو كذبا، والدليل عليه قوله في الآية التالية: ﴿فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون﴿.

قوله تعالى: ﴿لو لا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون﴾ أي لو كانوا صادقين فيما يقولون ويرمون لأقاموا عليه الشهادة وهي في الزنا بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فهم محكومون شرعا بالكذب لأن الدعوى من غير بينة كذب وإفك.

قوله تعالى: ﴿ولو لا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم﴾ إفاضة القوم في الحديث خوضهم فيه.

وقوله: ﴿ولو لا فضل الله﴾ إلخ، عطف على قوله: ﴿لو لا إذ سمعتموه﴾ إلخ، وفيه كرة ثانية على المؤمنين، وفي تقييد الفضل والرحمة بقوله: ﴿في الدنيا والآخرة﴾ دلالة على كون العذاب المذكور ذيلا هو عذاب الدنيا والآخرة.

والمعنى: ولو لا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لوصل إليكم بسبب ما خضتم فيه من الإفك عذاب عظيم في الدنيا والآخرة.

قوله تعالى: ﴿إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم﴾ إلخ، الظرف متعلق بقوله: ﴿أفضتم﴾ وتلقي الإنسان القول أخذه القول الذي ألقاه إليه غيره، وتقييد التلقي بالألسنة للدلالة على أنه كان مجرد انتقال القول من لسان إلى لسان من غير تثبت وتدبر فيه.

وعلى هذا فقوله: ﴿وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم﴾ من قبيل عطف التفسير، وتقييده أيضا بقوله: ﴿بأفواهكم﴾ للإشارة إلى أن القول لم يكن عن تثبت وتبين قلبي ولم يكن له موطن إلا الأفواه لا يتعداها.

والمعنى: أفضتم وخضتم فيه إذ تأخذونه وتنقلونه لسانا عن لسان وتتلفظون بما لا علم لكم به.

وقوله: ﴿وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم﴾ أي تظنون التلقي بألسنتكم والقول بأفواهكم من غير علم سهلا وهو عند الله عظيم لأنه بهتان وافتراء، على أن الأمر مرتبط بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وشيوع إفك هذا شأنه بين الناس يفضحه عندهم ويفسد أمر الدعوة الدينية.

قوله تعالى: ﴿ولو لا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم﴾ عطف بعد عطف على قوله: ﴿لو لا إذ سمعتموه﴾ إلخ، وفيه كرة ثالثة على المؤمنين بالتوبيخ، وقوله: ﴿سبحانك﴾ اعتراض بالتنزيه لله سبحانه وهو من أدب القرآن أن ينزه الله بالتسبيح عند تنزيه كل منزه.

والبهتان الافتراء سمي به لأنه يبهت الإنسان المفتري عليه وكونه بهتانا عظيما لأنه افتراء في عرض وخاصة إذ كان متعلقه بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنما كان بهتانا لكونه إخبارا من غير علم ودعوى من غير بينة كما تقدم في قوله: ﴿فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون﴾ ومعنى الآية ظاهر.

قوله تعالى: ﴿يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا﴾ إلى آخر الآيتين موعظة بالنهي عن العود لمثله، ومعنى الآيتين ظاهر.

قوله تعالى: ﴿إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا﴾ إلى آخر الآية إن كانت الآية نازلة في جملة آيات الإفك ومتصلة بما تقدمها وموردها الرمي بالزنا بغير بينة كان مضمونها تهديد الرامين المفيضين في الإفك لكونه فاحشة وإشاعته في المؤمنين حبا منهم لشيوع الفاحشة.

فالمراد بالفاحشة مطلق الفحشاء كالزنا والقذف وغير ذلك.

وحب شيوعها ومنها القذف في المؤمنين يستوجب عذابا أليما لمحبيه في الدنيا والآخرة.

وعلى هذا فلا موجب لحمل العذاب في الدنيا على الحد إذ حب شيوع الفحشاء ليس مما يوجب الحد، نعم لو كان اللام في ﴿الفاحشة﴾ للعهد والمراد بها القذف وكان حب الشيوع كناية عن قصة الشيوع بالإفاضه والتلقي بالألسن والنقل أمكن حمل العذاب على الحد لكن السياق لا يساعد عليه.

على أن الرمي بمجرد تحققه مرة موجب للحد ولا موجب لتقييده بقصد الشيوع ولا نكتة تستدعي ذلك.

وقوله: ﴿والله يعلم وأنتم لا تعلمون﴾ تأكيد وإعظام لما فيه من سخط الله وغضبه وإن جهله الناس.

قوله تعالى: ﴿ولو لا فضل الله عليكم ورحمته﴾ تكرارا للامتنان ومعناه ظاهر.

قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر﴾ تقدم تفسير الآية في الآية: 208 من سورة البقرة في الجزء الثاني من الكتاب.

قوله تعالى: ﴿ولو لا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا﴾ إلى آخر الآية.

رجوع بعد رجوع إلى الامتنان بالفضل والرحمة، لا يخلو هذا الاهتمام من تأييد لكون الإفك متعلق بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وليس إلا لكرامته على الله سبحانه.

وقد صرح في هذه المرة الثالثة بجواب لو لا وهو قوله: ﴿ما زكى منكم من أحد أبدا﴾ وهذا مما يدل عليه العقل فإن مفيض الخير والسعادة هو الله سبحانه، والتعليم القرآني أيضا يعطيه كما قال تعالى: ﴿بيدك الخير﴾ آل عمران: 26، وقال: ﴿ما أصابك من حسنة فمن الله﴾ النساء: 79.

وقوله: ﴿ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم﴾ إضراب عما تقدمه فهو تعالى يزكي من يشاء فالأمر إلى مشيته، ولا يشاء إلا تزكية من استعد لها وسأله بلسان استعداده ذلك، وإليه يشير قوله: ﴿والله سميع عليم﴾ أي سميع لسؤال من سأله التزكية عليم بحال من استعد لها.

قوله تعالى: ﴿ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله﴾ إلخ، الايتلاء التقصير والترك والحلف، وكل من المعاني الثلاثة لا يخلو من مناسبة، والمعنى لا يقصر أولوا الفضل منكم والسعة يعني الأغنياء في إيتاء أولي القرابة والمساكين والمهاجرين في سبيل الله من مالهم أو لا يترك إيتاءهم أو لا يحلف أن لا يؤتيهم - وليعفوا عنهم وليصفحوا - ثم حرضهم بقوله: ﴿ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم﴾.

وفي الآية - على تقدير نزولها في جملة الآيات واتصالها بها - دلالة على أن بعض المؤمنين عزم على أن يقطع ما كان يؤتيه بعض أهل الإفك فنهاه الله عن ذلك وحثه على إدامة الإيتاء كما سيجيء.

قوله تعالى: ﴿إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم﴾ أخذ الصفات الثلاث الإحصان والغفلة والإيمان للدلالة على عظم المعصية فإن كلا من الإحصان بمعنى العفة والغفلة والإيمان سبب تام في كون الرمي ظلما والرامي ظالما والمرمية مظلومة فإذا اجتمعت كان الظلم أعظم ثم أعظم، وجزاؤه اللعن في الدنيا والآخرة والعذاب العظيم، والآية عامة وإن كان سبب نزولها لو نزلت في جملة آيات الإفك خاصا.

قوله تعالى: ﴿يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون﴾ الظرف متعلق بقوله في الآية السابقة: ﴿ولهم عذاب عظيم﴾.

والمراد بقوله: ﴿بما كانوا يعملون﴾ كما يقتضيه إطلاقه مطلق الأعمال السيئة - كما قيل - لا خصوص الرمي بأن تشهد ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم على رميهم فالمراد بالشهادة شهادة الأعضاء على السيئات والمعاصي بحسب ما يناسبها فما كان منها من قبيل الأقوال كالقذف والكذب والغيبة ونحوها شهدت عليه الألسنة، وما كان منها من قبيل الأفعال كالسرقة والمشي للنميمة والسعاية وغيرهما شهدت عليه بقية الأعضاء، وإذ كان معظم المعاصي من الأفعال للأيدي والأرجل اختصتا بالذكر.

وبالحقيقة الشاهد على كل فعل هو العضو الذي صدر منه كما يشير إليه قوله تعالى: ﴿شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون﴾ حم السجدة: 20، وقوله: ﴿إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا﴾ الإسراء: 36، وقوله: ﴿اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون﴾ يس: 65، وسيأتي الكلام على شهادة الأعضاء يوم القيامة في بحث مستقل في تفسير سورة حم السجدة إن شاء الله تعالى.

قوله تعالى: ﴿يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين﴾ المراد بالدين الجزاء كما في قوله: ﴿مالك يوم الدين﴾ الفاتحة: 4، وتوفية الشيء بذله تاما كاملا، والمعنى: ﴿يوم القيامة يؤتيهم الله جزاءهم الحق إيتاء تاما كاملا ويعلمون أن الله هو الحق المبين﴾.

هذا بالنظر إلى اتصال الآية بما قبلها ووقوعها في سياق ما تقدمها، وأما بالنظر إلى استقلالها في نفسها فمن الممكن أن يراد بالدين ما يرادف الملة وهو سنة الحياة، وهو معنى عال يرجع إلى ظهور الحقائق يوم القيامة للإنسان، ويكون أكثر مناسبة لقوله: ﴿ويعلمون أن الله هو الحق المبين﴾.

والآية من غرر الآيات القرآنية تفسر معنى معرفة الله فإن قوله: ﴿ويعلمون أن الله هو الحق المبين﴾ ينبىء أنه تعالى هو الحق لا سترة عليه بوجه من الوجوه ولا على تقدير من التقادير فهو من أبده البديهيات التي لا يتعلق بها جهل لكن البديهي ربما يغفل عنه فالعلم به تعالى هو ارتفاع الغفلة عنه الذي ربما يعبر عنه بالعلم، وهذا هو الذي يبدو لهم يوم القيامة فيعلمون أن الله هو الحق المبين.

وإلى مثله يشير قوله تعالى: ﴿لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد﴾ ق: 22.

قوله تعالى: ﴿الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات﴾ إلخ ذيل الآية ﴿أولئك مبرءون مما يقولون﴾ دليل على أن المراد بالخبيثات والخبيثين والطيبات والطيبين نساء ورجال متلبسون بالخباثة والطيب فالآية من تمام آيات الإفك متصلة بها مشاركة لها في سياقها، وهي عامة لا مخصص لها من جهة اللفظ البتة.

فالمراد بالطيب الذي يوجب كونهم مبرءين مما يقولون على ما تدل عليه الآيات السابقة هو المعنى الذي يقتضيه تلبسهم بالإيمان والإحصان فالمؤمنون والمؤمنات مع الإحصان طيبون وطيبات يختص كل من الفريقين بصاحبه، وهم بحكم الإيمان والإحصان مصونون مبرءون شرعا من الرمي بغير بينة، محكومون من جهة إيمانهم بأن لهم مغفرة كما قال تعالى: ﴿وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم﴾ الأحقاف: 31 ولهم رزق كريم، وهو الحياة الطيبة في الدنيا والأجر الحسن في الآخرة كما قال: ﴿من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون﴾ النحل: 97.

والمراد بالخبث في الخبيثين والخبيثات وهم غير المؤمنين هو الحال المستقذرة التي يوجبها لهم تلبسهم بالكفر وقد خصت خبيثاتهم بخبيثهم وخبيثوهم بخبيثاتهم بمقتضى المجانسة والمسانخة وليسوا بمبرءين عن التلبس بالفحشاء - نعم هذا ليس حكما بالتلبس -.

فظهر بما تقدم: أولا: أن الآية عامة بحسب اللفظ تصف المؤمنين والمؤمنات بالطيب ولا ينافي ذلك اختصاص سبب نزولها وانطباقها عليه.

وثانيا: أنها تدل على كونهم جميعا محكومين شرعا بالبراءة عما يرمون به ما لم تقم عليه بينة.

وثالثا: أنهم محكومون بالمغفرة والرزق الكريم كل ذلك حكم ظاهري لكرامتهم على الله بإيمانهم، والكفار على خلاف ذلك.

بحث روائي:

في الدر المنثور، أخرج عبد الرزاق وأحمد والبخاري وعبد بن حميد ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن عائشة قالت: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أراد أن يخرج إلى سفر أقرع بين أزواجه فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) معه.

قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي فخرجت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ما نزل الحجاب وأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من غزوته تلك وقفل.

فدنونا من المدينة قافلين آذن ليلة بالرحيل فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع فالتمست عقدي وحبسني ابتغاؤه وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون بي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب، وهم يحسبون أني فيه، وكانت النساء إذ ذاك خفافا لم يثقلهن اللحم إنما تأكل المرأة العلقة من الطعام فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل فساروا فوجدت عقدي بعد ما استمر الجيش فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب فيممت منزلي الذي كنت به فظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إلي فبينا أنا جالسة في منزل غلبتني عيني فنمت.

وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكراني من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني وكان يراني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي والله ما كلمني كلمة واحدة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حتى أناخ راحلته فوطىء على يديها فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد أن نزلوا موغرين في نحر الظهيرة فهلك في من هلك.

وكان الذي تولى الإفك عبد الله بن أبي بن سلول فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمت شهرا والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك لا أشعر بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اللطف الذي كنت أرى منه حين اشتكى إنما يدخل علي فيسلم ثم يقول: كيف تيكم؟ ثم ينصرف فذاك الذي يريبني ولا أشعر بالشر حتى خرجت بعد ما نقهت وخرجت معي أم مسطح قبل المناصع وهي متبرزنا وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا وأمرنا أمر العرب الأول في التبرز قبل الغائط فكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا.

فانطلقت أنا وأم مسطح فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي قد أشرعنا من ثيابنا فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت: تعس مسطح فقلت لها: بئس ما قلت أ تسبين رجلا شهد بدرا؟ قالت: أي هنتاه أولم تسمعي ما قال؟ قلت: وما قال: فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضا على مرضي.

فلما رجعت إلى بيتي دخل علي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فسلم ثم قال: كيف تيكم؟ فقلت: أتأذن لي أن آتي أبوي؟ قالت: وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما قالت: فأذن لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فجئت لأبوي فقلت لأمي: يا أمتاه ما يتحدث الناس؟ قالت يا بنية هوني عليك فو الله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها فقلت: سبحان الله ولقد تحدث الناس بهذا؟ فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ثم أصبحت أبكي.

ودعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله، فأما أسامة فأشار على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم لهم في نفسه من الود فقال: يا رسول الله أهلك ولا نعلم إلا خيرا، وأما علي بن أبي طالب فقال: يا رسول الله لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثيرة وإن تسأل الجارية تصدقك، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بريرة فقال: أي بريرة هل رأيت شيئا يريبك؟ قالت بريرة: لا والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمرا أغمضه أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فيأتي الداجن فيأكله.

فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاستعذر يومئذ من عبد الله بن أبي فقال وهو على المنبر: يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهل بيتي فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي.

فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال: يا رسول الله أنا أعذرك منه إن كان من الأوس ضربت عنقه وإن كان من إخواننا من بني الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك، فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلا صالحا ولكن احتملته الحمية فقال لسعد: كذبت لعمر الله ما تقتله ولا تقدر على قتله، فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد فقال لسعد بن عبادة: كذبت لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين، فتثاورا الحيان: الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قائم على المنبر فلم يزل رسول ص يخفضهم حتى سكتوا وسكت.

فبكيت يومي ذلك فلا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم فأصبح أبواي عندي وقد بكيت ليلتين ويوما لا أكتحل بنوم ولا يرقأ لي دمع وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي.

فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي فاستأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها فجلست تبكي معي فبينما نحن على ذلك دخل علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم جلس ولم يجلس عندي منذ قيل في ما قيل قبلها وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء، فتشهد حين جلس ثم قال: أما بعد يا عائشة إنه بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه.

فلما قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي: أجب عني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

قال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقلت لأمي: أجيبي عني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن: إني والله لقد علمت أنكم سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به فلئن قلت لكم: إني بريئة والله يعلم أني بريئة لا تصدقوني، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدقني، والله لا أجد لي ولكم مثلا إلا قول أبي يوسف: فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون.

ثم تحولت فاضطجعت على فراشي وأنا حينئذ أعلم أني بريئة وأن الله مبرئي ببراءتي ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى، ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رؤيا يبرئني الله بها.

قالت: فو الله ما رام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق وهو في يوم شات من ثقل القول الذي أنزل عليه فلما سرى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سرى عنه وهو يضحك فكان أول كلمة تكلم بها أن قال: أبشري يا عائشة أما الله فقد برأك، فقالت أمي: قومي إليه، فقلت: والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله الذي أنزل براءتي، وأنزل الله: ﴿إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم﴾ العشر الآيات كلها.

فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر، وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره: والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال فأنزل الله: ﴿ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة - أن يؤتوا أولي القربى والمساكين إلى قوله رحيم﴾ قال أبو بكر: والله إني أحب أن يغفر الله لي فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبدا.

قالت عائشة: فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يسأل زينب ابنة جحش عن أمري فقال: يا زينب ما ذا علمت أو رأيت؟ فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ما علمت إلا خيرا، قالت: وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فعصمها الله بالورع، وطفقت أختها حمنة تحارب لها فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك: أقول: والرواية مروية بطرق أخرى عن عائشة أيضا وعن عمر وابن عباس وأبي هريرة وأبي اليسر الأنصاري وأم رومان أم عائشة وغيرهم وفيها بعض الاختلاف: وفيها إن الذين جاءوا بالإفك عبد الله بن أبي بن سلول ومسطح بن أثاثة وكان بدريا من السابقين الأولين من المهاجرين، وحسان بن ثابت، وحمنة أخت زينب زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

وفيها أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دعاهم بعد ما نزلت آيات الإفك فحدهم جميعا غير أنه حد عبد الله بن أبي حدين وإنما حده حدين لأنه من قذف زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان عليه حدان.

وفي الروايات على تقاربها في سرد القصة إشكال من وجوه: أحدها: أن المسلم من سياقها أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان في ريب من أمر عائشة بعد تحقق الإفك كما يدل عليه تغير حاله بالنسبة إليها في المعاملة باللطف أيام اشتكائها وبعدها حتى نزلت الآيات، ويدل عليه قولها له حين نزلت الآيات وبشرها به: بحمد الله لا بحمدك، وفي بعض الروايات أنها قالت لأبيها وقد أرسله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليبشرها بنزول العذر: بحمد الله لا بحمد صاحبك الذي أرسلك، تريد به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وفي الرواية الأخرى عنها: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما وعظها أن تتوب إلى الله إن كان منها شيء وفي الباب امرأة جالسة قالت له عائشة: أما تستحي من هذه المرأة أن تذكر شيئا، ومن المعلوم أن هذا النوع من الخطاب المبني على الإهانة والإزراء ما كان يصدر عنها لو لا أنها وجدت النبي في ريب من أمرها.

كل ذلك مضافا إلى التصريح به في رواية عمر ففيها: فكان في قلب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مما قالوا.

وبالجملة دلالة عامة الروايات على كون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في ريب من أمرها إلى نزول العذر مما لا ريب فيه، وهذا مما يجل عنه مقامه (صلى الله عليه وآله وسلم) كيف؟ وهو سبحانه يقول: ﴿لو لا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين﴾ فيوبخ المؤمنين والمؤمنات على إساءتهم الظن وعدم ردهم ما سمعوه من الإفك فمن لوازم الإيمان حسن الظن بالمؤمنين، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أحق من يتصف بذلك ويتحرز من سوء الظن الذي من الإثم وله مقام النبوة والعصمة الإلهية.

على أنه تعالى ينص في كلامه على اتصافه (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك إذ يقول: ﴿ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم﴾ التوبة: 61.

على أنا نقول: إن تسرب الفحشاء إلى أهل النبي ينفر القلوب عنه فمن الواجب أن يطهر الله سبحانه ساحة أزواج الأنبياء عن لوث الزنا والفحشاء وإلا لغت الدعوة وتثبت بهذه الحجة العقلية عفتهن واقعا لا ظاهرا فحسب، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أعرف بهذه الحجة منا فكيف جاز له أن يرتاب في أمر أهله برمي من رام أو شيوع من إفك.

وثانيها: أن الذي تدل عليه الروايات أن حديث الإفك كان جاريا بين الناس منذ بدأ به أصحاب الإفك إلى أن ختم بحدهم أكثر من شهر وقد كان حكم القذف مع عدم قيام الشهادة معلوما وهو جلد القاذف وتبرئة المقذوف شرعا فما معنى توقف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن حد أصحاب الإفك هذه المدة الطويلة وانتظاره الوحي في أمرها حتى يشيع بين الناس وتتلقاه الألسن وتسير به الركبان ويتسع الخرق على الراتق؟ وما أتى به الوحي من العذر لا يزيد على ما تعينه آية القذف من براءة المقذوف حكما شرعيا ظاهريا.

فإن قيل: الذي نزل من العذر براءتها واقعا وطهارة ذيلها في نفس الأمر وهذا أمر لا تكفي له آية حد القاذف، ولعل صبره (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه المدة الطويلة إنما كان لأجله.

قلت: لا دلالة في شيء من هذه الآيات الست عشرة على ذلك، وإنما تثبت بالحجة العقلية السابقة الدالة على طهارة بيوت الأنبياء من لوثة الفحشاء.

أما الآيات العشر الأول التي فيها شائبة الاختصاص فأظهرها في الدلالة على براءتها قوله تعالى: ﴿لو لا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون﴾ وقد استدل فيها على كذبهم بعدم إتيانهم بالشهداء، ومن الواضح أن عدم إقامة الشهادة إنما هو دليل البراءة الظاهرية أعني الحكم الشرعي بالبراءة دون البراءة الواقعية لوضوح عدم الملازمة.

وأما الآيات الست الأخيرة فقوله: ﴿الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات﴾ إلخ عام من غير مخصص من جهة اللفظ فالذي تثبته من البراءة مشترك فيه بين جميع المقذوفين من غير قيام بينة من المؤمنين والمؤمنات، ومن الواضح أن البراءة المناسبة لهذا المعنى هي البراءة الشرعية.

والحق أن لا مناص عن هذا الإشكال إلا بالقول بأن آية القذف لم تكن نازلة قبل حديث الإفك وإنما نزلت بعده، وإنما كان سبب توقفه (صلى الله عليه وآله وسلم) خلو الواقعة عن حكم الله بعد فكان ينتظر في أمر الإفك الحكم السماوي.

ومن أوضح الدليل عليه ما في الرواية من استعذار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من القاذف في المسجد وقول سعد بن معاذ ما قال ومجادلة سعد بن عبادة إياه واختلاف الأوس والخزرج بمحضر من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي رواية عمر بعد ما ذكر اختلاف ابن معاذ وابن عبادة: فقال هذا: يا للأوس وقال هذا: يا للخزرج فاضطربوا بالنعال والحجارة فتلاطموا، الحديث فلو كانت آية القذف نازلة قبل ذلك وحكم الحد معلوما لم يجب سعد بن معاذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنه يعذره منه بالقتل ولقال هو وسائر الناس: يا رسول الله حكم القذف معلوم ويدك مبسوطة.

وثالثها: أنها تصرح بكون أصحاب الإفك هم عبد الله بن أبي ومسطحا وحسانا وحمنة ثم تذكر أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) حد عبد الله بن أبي حدين وكلا من مسطح وحسان وحمنة حدا واحدا، ثم تعلل حدي عبد الله بن أبي بأن من قذف أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فعليه حدان، وهذا تناقض صريح فإنهم جميعا كانوا قاذفين بلا فرق بينهم.

نعم تذكر الروايات أن عبد الله بن أبي كان هو الذي تولى كبره منهم لكن لم يقل أحد من الأمة إن هذا الوصف يوجب حدين.

ولا أن المراد بالعذاب العظيم في قوله: ﴿الذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم﴾ هو ثبوت حدين.

وفي تفسير القمي، في قوله تعالى: ﴿إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم﴾ الآية فإن العامة روت أنها نزلت في عائشة وما رميت به في غزوة بني المصطلق من خزاعة وأما الخاصة فإنهم رووا أنها نزلت في مارية القبطية وما رمتها به عائشة.

حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال قال: حدثني عبد الله بن بكير عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: لما هلك إبراهيم بن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حزن عليه حزنا شديدا فقالت عائشة: ما الذي يحزنك عليه؟ ما هو إلا ابن جريح، فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا (عليه السلام) وأمره بقتله.

فذهب علي (عليه السلام) ومعه السيف وكان جريح القبطي في حائط فضرب علي (عليه السلام) باب البستان فأقبل جريح له ليفتح الباب فلما رأى عليا (عليه السلام) عرف في وجهه الغضب فأدبر راجعا ولم يفتح باب البستان فوثب علي (عليه السلام) على الحائط ونزل إلى البستان واتبعه وولى جريح مدبرا فلما خشي أن يرهقه صعد في نخلة وصعد علي (عليه السلام) في أثره فلما دنا منه رمى بنفسه من فوق النخلة فبدت عورته فإذا ليس له ما للرجال ولا له ما للنساء.

فانصرف علي (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له: يا رسول الله إذا بعثتني في الأمر أكون كالمسمار المحمي في الوبر أم أثبت؟ قال: لا بل تثبت.

قال: والذي بعثك بالحق ما له ما للرجال وما له ما للنساء، فقال: الحمد لله الذي صرف عنا السوء أهل البيت.

وفيه، في رواية عبيد الله بن موسى عن أحمد بن راشد عن مروان بن مسلم عن عبد الله بن بكير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر بقتل القبطي وقد علم أنها كذبت عليه أو لم يعلم؟ وقد دفع الله عن القبطي القتل بتثبيت علي (عليه السلام) فقال: بل كان والله علم، ولو كان عزيمة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما انصرف علي (عليه السلام) حتى يقتله، ولكن إنما فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لترجع عن ذنبها فما رجعت ولا اشتد عليها قتل رجل مسلم.

أقول: وهناك روايات أخر تدل على مشاركة غيرها معها في هذا الرمي، وجريح هذا كان خادما خصيا لمارية أهداه معها مقوقس عظيم مصر لرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأرسله معها ليخدمها.

وهذه الروايات لا تخلو من نظر: أما أولا: فلأن ما فيها من القصة لا يقبل الانطباق على الآيات ولا سيما قوله: ﴿إن الذين جاءوا بالإفك﴾ الآية وقوله: ﴿لو لا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا﴾ الآية، وقوله: ﴿تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم﴾ الآية، فمحصل الآيات أنه كان هناك جماعة مرتبط بعضهم ببعض يذيعون الحديث ليفضحوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان الناس يتداولونه لسانا عن لسان حتى شاع بينهم ومكثوا على ذلك زمانا وهم لا يراعون حرمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكرامته من الله، وأين مضمون هذه الروايات من ذلك.

اللهم إلا أن تكون الروايات قاصرة في شرحها للقصة.

وأما ثانيا: فقد كان مقتضى القصة وظهور براءتها إجراء الحد ولم يجر، ولا مناص عن هذا الإشكال إلا بالقول بنزول آية القذف بعد قصة الإفك بزمان.

والذي ينبغي أن يقال بالنظر إلى إشكال الحد الوارد على الصنفين من الروايات جميعا - كما عرفت - أن آيات الإفك نزلت قبل آية حد القذف، ولم يشرع بنزول آيات الإفك إلا براءة المقذوف مع عدم قيام الشهادة وتحريم القذف.

ولو كان حد القاذف مشروعا قبل حديث الإفك لم يكن هناك مجوز لتأخيره مدة معتدا بها وانتظار الوحي ولا نجا منه قاذف منهم، ولو كان مشروعا مع نزول آيات الإفك لأشير فيها إليه، ولا أقل باتصال الآيات بآية القذف، والعارف بأساليب الكلام لا يرتاب في أن قوله: ﴿إن الذين جاءوا بالإفك﴾ الآيات منقطعة عما قبلها.

ولو كان على من قذف أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حدان لأشير إلى ذلك في خلال آيات الإفك بما فيها من التشديد واللعن والتهديد بالعذاب على القاذفين.

ويتأكد الإشكال على تقدير نزول آية القذف مع نزول آيات الإفك فإن لازمه أن يقع الابتلاء بحكم الحدين فينزل حكم الحد الواحد.

وفي الكافي، عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من قال في مؤمن ما رأته عيناه وسمعته أذناه فهو من الذين قال الله عز وجل: ﴿إن الذين يحبون إلى قوله والآخرة﴾.

أقول: ورواه القمي في تفسيره، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام عنه (عليه السلام) والصدوق في الأمالي، بإسناده عن ابن أبي عمير عن محمد بن حمران عنه (عليه السلام)، والمفيد في الاختصاص، عنه (عليه السلام) مرسلا.

وفيه، بإسناده عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أذاع فاحشة كان كمبتدئها.

وفي المجمع، قيل: إن قوله: ﴿ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة﴾ الآية، نزلت في أبي بكر ومسطح بن أثاثة وكان ابن خالة أبي بكر، وكان من المهاجرين ومن جملة البدريين وكان فقيرا، وكان أبو بكر يجري عليه ويقوم بنفقته فلما خاض في الإفك قطعها وحلف أن لا ينفعه بنفع أبدا فلما نزلت الآية عاد أبو بكر إلى ما كان، وقال: والله إني لأحب أن يغفر الله لي، والله لا أنزعها عنه أبدا: عن ابن عباس وعائشة وابن زيد.

وفيه، وقيل: نزلت في جماعة من الصحابة أقسموا على أن لا يتصدقوا على رجل تكلم بشيء من الإفك ولا يواسوهم: عن ابن عباس وغيره.

أقول: ورواه في الدر المنثور، عن ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس.

وفي تفسير القمي، وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام): في قوله تعالى: ﴿ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة - أن يؤتوا أولي القربى﴾ وهم قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ﴿والمساكين والمهاجرين في سبيل الله - وليعفوا وليصفحوا﴾ يقول يعفو بعضكم عن بعض، ويصفح بعضكم بعضا فإذا فعلتم كانت رحمة الله لكم، يقول الله عز وجل: ﴿ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم﴾.

وفي الكافي، بإسناده عن محمد بن سالم عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث قال: ونزل بالمدينة ﴿والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء - فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا - وأولئك هم الفاسقون - إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا - فإن الله غفور رحيم﴾.

فبرأه الله ما كان مقيما على الفرية من أن يسمى بالإيمان، قال الله عز وجل: ﴿أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون﴾ وجعله من أولياء إبليس قال: ﴿إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه﴾ وجعله ملعونا فقال: ﴿إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات - لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم، يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم - بما كانوا يعملون﴾.

وليست تشهد الجوارح على مؤمن إنما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب فأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه، قال الله عز وجل: ﴿فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا﴾ وفي المجمع، في قوله تعالى: ﴿الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات - والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات﴾ الآية، قيل في معناه أقوال إلى أن قال الثالث الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء عن أبي مسلم والجبائي وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليه السلام).

قالا: هي مثل قوله: ﴿الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة﴾ إلا أن أناسا هموا أن يتزوجوا منهن فنهاهم الله عن ذلك وكره ذلك لهم.

وفي الخصال، عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة قالا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا طاب قلب المرء طاب جسده، وإذا خبث القلب خبث الجسد.

وفي الإحتجاج، عن الحسن بن علي (عليهما السلام): في حديث له مع معاوية وأصحابه وقد نالوا من علي (عليه السلام): ﴿الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات﴾ هم والله يا معاوية أنت وأصحابك هؤلاء وشيعتك ﴿والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات﴾ إلى آخر الآية، هم علي بن أبي طالب وأصحابه وشيعته.