الآيات 16-50

أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ﴿16﴾ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ ﴿17﴾ كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ﴿18﴾ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴿19﴾ أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاء مَّهِينٍ ﴿20﴾ فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ﴿21﴾ إِلَى قَدَرٍ مَّعْلُومٍ ﴿22﴾ فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ﴿23﴾ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴿24﴾ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا ﴿25﴾ أَحْيَاء وَأَمْوَاتًا ﴿26﴾ وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاء فُرَاتًا ﴿27﴾ وَيْلٌ يوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴿28﴾ انطَلِقُوا إِلَى مَا كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴿29﴾ انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ ﴿30﴾ لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ ﴿31﴾ إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ﴿32﴾ كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ ﴿33﴾ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴿34﴾ هَذَا يَوْمُ لَا يَنطِقُونَ ﴿35﴾ وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ﴿36﴾ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴿37﴾ هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ ﴿38﴾ فَإِن كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ ﴿39﴾ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴿40﴾ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ ﴿41﴾ وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ ﴿42﴾ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿43﴾ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ ﴿44﴾ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴿45﴾ كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ ﴿46﴾ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴿47﴾ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ ﴿48﴾ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴿49﴾ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴿50﴾

بيان:

حجج دالة على توحد الربوبية تقضي بوجود يوم الفصل الذي فيه جزاء المكذبين به، وإشارة إلى ما فيه من الجزاء المعد لهم الذي كانوا يكذبون به، وإلى ما فيه من النعمة والكرامة للمتقين، وتختتم بتوبيخهم وذمهم على استكبارهم عن عبادته تعالى والإيمان بكلامه.

قوله تعالى: ﴿ألم نهلك الأولين ثم نتبعهم الآخرين كذلك نفعل بالمجرمين﴾ الاستفهام للإنكار، والمراد بالأولين أمثال قوم نوح وعاد وثمود من الأمم القديمة عهدا، وبالآخرين الملحقون بهم من الأمم الغابرة، والإتباع جعل الشيء أثر الشيء.

وقوله: ﴿ثم نتبعهم﴾ برفع نتبع على الاستيناف وليس بمعطوف على ﴿نهلك﴾ وإلا لجزم.

والمعنى قد أهلكنا المكذبين من الأمم الأولين ثم إنا نهلك الأمم الآخرين على أثرهم.

وقوله: ﴿كذلك نفعل بالمجرمين﴾ في موضع التعليل لما تقدمه ولذا أورد بالفصل من غير عطف كان قائلا قال: لما ذا أهلكوا؟ فقيل: كذلك نفعل بالمجرمين.

والآيات - كما ترى - إنذار وإرجاع للبيان إلى الأصل المضروب في السورة أعني قوله: ﴿ويل يومئذ للمكذبين﴾ وهي بعينها حجة على توحد الربوبية فإن إهلاك المجرمين من الإنسان تصرف في العالم الإنساني وتدبير، وإذ ليس المهلك إلا الله - وقد اعترف به المشركون - فهو الرب لا رب سواه ولا إله غيره.

على أنها تدل على وجود يوم الفصل لأن إهلاك قوم لإجرامهم لا يتم إلا بعد توجه تكليف إليهم يعصونه ولا معنى للتكليف إلا مع مجازاة المطيع بالثواب والعاصي بالعقاب فهناك يوم يفصل فيه القضاء فيثاب فيه المطيع ويعاقب فيه العاصي وليس هو الثواب والعقاب الدنيويين لأنهما لا يستوعبان في هذه الدار فهناك يوم يجازى فيه كل بما عمل، وهو يوم الفصل ذلك يوم مجموع له الناس.

قوله تعالى: ﴿ألم نخلقكم من ماء مهين - إلى قوله - فنعم القادرون﴾ الاستفهام للإنكار والماء المهين الحقير قليل الغناء والمراد به النطفة، والمراد بالقرار المكين الرحم وبقوله: ﴿قدر معلوم﴾ مدة الحمل.

وقوله: ﴿فقدرنا﴾ من القدر بمعنى التقدير، والفاء لتفريع القدر على الخلق أي خلقناكم فقدرنا ما سيجري عليكم من الحوادث وما يستقبلكم من الأوصاف والأحوال من طول العمر وقصره وهيئة وجمال وصحة ومرض ورزق إلى غير ذلك.

واحتمل أن يكون ﴿قدرنا﴾ من القدرة مقابل العجز والمراد فقدرنا على جميع ذلك، وما تقدم أوجه.

والمعنى: قد خلقناكم من ماء حقير هو النطفة فجعلنا ذلك الماء في قرار مكين هي الرحم إلى مدة معلومة هي مدة الحمل فقدرنا جميع ما يتعلق بوجودكم من الحوادث والصفات والأحوال فنعم المقدرون نحن.

ويجري في كون مضمون هذه الآيات حجة على توحد الربوبية نظير البيان السابق في الآيات المتقدمة، وكذا في كونه حجة على تحقق يوم الفصل فإن الربوبية تستوجب خضوع المربوبين لساحتها وهو الدين المتضمن للتكليف، ولا يتم التكليف إلا بجعل جزاء على الطاعة والعصيان، واليوم الذي يجازى فيه بالأعمال هو يوم الفصل.

قوله تعالى: ﴿ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا - إلى قوله - فراتا﴾ الكفت والكفات بمعنى الضم والجمع أي ألم نجعل الأرض كفاتا يجمع العباد أحياء وأمواتا، وقيل: الكفات جمع كفت بمعنى الوعاء، والمعنى أ لم نجعل الأرض أوعية تجمع الأحياء والأموات.

وقوله: ﴿وجعلنا فيها رواسي شامخات﴾ الرواسي الثابتات من الجبال، والشامخات العاليات، وكان في ذكر الرواسي توطئة لقوله: ﴿وأسقيناكم ماء فراتا﴾ لأن الأنهار والعيون الطبيعية تنفجر من الجبال فتجري على السهول، والفرات الماء العذب.

ويجري في حجية الآيات نظير البيان السابق في الآيات المتقدمة.

قوله تعالى: ﴿انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون﴾ حكاية لما يقال لهم يوم الفصل والقائل هو الله سبحانه بقرينة قوله في آخر الآيات: ﴿إن كان لكم كيد فكيدون﴾ والمراد بما كانوا به يكذبون: جهنم، والانطلاق الانتقال من مكان إلى مكان من غير مكث، والمعنى يقال لهم: انتقلوا من المحشر من غير مكث إلى النار التي كنتم تكذبون به.

قوله تعالى: ﴿انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب﴾ ذكروا أن المراد بهذا الظل ظل دخان نار جهنم قال تعالى: ﴿وظل من يحموم﴾ الواقعة: 43.

وذكروا أن في ذكر انشعابه إلى ثلاث شعب إشارة إلى عظم الدخان فإن الدخان العظيم يتفرق تفرق الذوائب.

قوله تعالى: ﴿لا ظليل ولا يغني من اللهب﴾ الظل الظليل هو المانع من الحر والأذى بستره على المستظل فكون الظل غير ظليل كونه لا يمنع ذلك، واللهب ما يعلو على النار من أحمر وأصفر وأخضر.

قوله تعالى: ﴿إنها ترمي بشرر كالقصر كأنه جمالة صفر﴾ ضمير أنها للنار المعلومة من السياق، والشرر ما يتطاير من النار، والقصر معروف، والجمالة جمع جمل وهو البعير.

والمعنى ظاهر.

قوله تعالى: ﴿هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون﴾ الإشارة إلى يوم الفصل، والمراد بالإذن الإذن في النطق أو في الاعتذار.

وقوله: ﴿فيعتذرون﴾ معطوف على ﴿يؤذن﴾ منتظم معه في سلك النفي، والمعنى هذا اليوم يوم لا ينطقون فيه أي أهل المحشر من الناس ولا يؤذن لهم في النطق أو في الاعتذار فلا يعتذرون، ولا ينافي نفي النطق هاهنا إثباته في آيات أخر لأن اليوم ذو مواقف كثيرة مختلفة يسألون في بعضها فينطقون ويختم على أفواههم في آخر فلا ينطقون.

وقد تقدم في تفسير قوله تعالى: ﴿يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه﴾ هود: 105 فليراجع.

قوله تعالى: ﴿هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين فإن كان لكم كيد فكيدون﴾ سمي يوم الفصل لما أن الله تعالى يفصل ويميز فيه بين أهل الحق وأهل الباطل بالقضاء بينهم قال تعالى: ﴿إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون﴾ السجدة: 25، وقال: ﴿إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون﴾ يونس: 93.

والخطاب في قوله: ﴿جمعناكم والأولين﴾ لمكذبي هذه الأمة بما أنهم من الآخرين ولذا قوبلوا بالأولين قال تعالى: ﴿ذلك يوم مجموع له الناس﴾ هود: 103 وقال ﴿وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا﴾ الكهف: 67.

وقوله: ﴿فإن كان لكم كيد فكيدون﴾ أي إن كانت لكم حيلة تحتالون بي في دفع عذابي عن أنفسكم فاحتالوا، وهذا خطاب تعجيزي منبىء عن انسلاب القوة والقدرة عنهم يومئذ بالكلية بظهور أن لا قوة إلا لله عز اسمه قال تعالى: ﴿ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب﴾ البقرة: 166.

والآية أعني قوله: ﴿إن كان لكم كيد فكيدون﴾ أوسع مدلولا من قوله: ﴿يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان﴾ الرحمن: 33 لاختصاصه بنفي القدرة على الفرار بخلاف الآية التي نحن فيها وفي قوله: ﴿فكيدون﴾ التفات من التكلم مع الغير إلى التكلم وحده والنكتة فيه أن متعلق هذا الأمر التعجيزي إنما هو الكيد لمن له القوة والقدرة فحسب وهو الله وحده ولو قيل: فكيدونا فأت الإشعار بالتوحد.

قوله تعالى: ﴿إن المتقين في ظلال وعيون وفواكه مما يشتهون - إلى قوله - المحسنين﴾ الظلال والعيون ظلال الجنة وعيونها التي يتنعمون بالاستظلال بها وشربها، والفواكه جمع فاكهة وهي الثمرة.

وقوله: ﴿كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون﴾ مفاده الإذن والإباحة، وكان الأكل والشرب كناية عن مطلق التنعم بنعم الجنة والتصرف فيها وإن لم يكن بالأكل والشرب، وهو شائع كما يطلق أكل المال على مطلق التصرف فيه.

وقوله: ﴿إنا كذلك نجزي المحسنين﴾ تسجيل لسعادتهم.

قوله تعالى: ﴿كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون﴾ الخطاب من قبيل قولهم: افعل ما شئت فإنه لا ينفعك، وهذا النوع من الأمر إياس للمخاطب أن ينتفع بما يأتي به من الفعل للحصول على ما يريده، ومنه قوله: ﴿فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا﴾ طه: 72، وقوله: ﴿اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير﴾ حم السجدة: 40.

فقوله: ﴿كلوا وتمتعوا قليلا﴾ أي تمتعا قليلا أو زمانا قليلا إياس لهم من أن ينتفعوا بمثل الأكل والتمتع في دفع العذاب عن أنفسهم فليأكلوا وليتمتعوا قليلا فليس يدفع عنهم شيئا.

وإنما ذكر الأكل والتمتع لأن منكري المعاد لا يرون من السعادة إلا سعادة الحياة الدنيا ولا يرون لها من السعادة إلا الفوز بالأكل والتمتع كالحيوان العجم قال تعالى: ﴿والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم﴾ سورة محمد: 12.

وقوله: ﴿إنكم مجرمون﴾ تعليل لما يستفاد من الجملة السابقة المشتملة على الأمر أي لا ينفعكم الأكل والتمتع قليلا لأنكم مجرمون بتكذيبكم بيوم الفصل وجزاء المكذبين به النار لا محالة.

قوله تعالى: ﴿وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون﴾ المراد بالركوع الصلاة كما قيل ولعل ذلك باعتبار اشتمالها على الركوع.

وقيل: المراد بالركوع المأمور به الخشوع والخضوع والتواضع له تعالى باستجابة دعوته وقبول كلامه واتباع دينه، وعبادته.

وقيل: المراد بالركوع ما يؤمرون بالسجود يوم القيامة كما يشير إليه قوله تعالى ﴿ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون﴾ القلم: 42 والوجهان لا يخلوان من بعد.

ووجه اتصال الآية بما قبلها أن الكلام كان مسوقا لتهديد المكذبين بيوم الفصل وبيان تبعة تكذيبهم به وتمم ذلك في هذه الآية بأنهم لا يعبدون الله إذا دعوا إلى عبادته كما ينكرون ذلك اليوم فلا معنى للعبادة مع نفي الجزاء، وليكون كالتوطئة لقوله الآتي: ﴿فبأي حديث بعده يؤمنون﴾.

ونسب إلى الزمخشري أن الآية متصلة بقوله في الآية السابقة: ﴿للمكذبين﴾ كأنه قيل: ويل يومئذ للذين كذبوا والذين إذا قيل لهم اركعوا لا يركعون.

وفي الآية التفات من الخطاب إلى الغيبة في قوله: ﴿وإذا قيل لهم﴾ إلخ وجهه الإعراض عن مخاطبتهم بعد تركهم وأنفسهم يفعلون ما يشاءون بقوله: ﴿كلوا وتمتعوا﴾.

قوله تعالى: ﴿فبأي حديث بعده يؤمنون﴾ أي إذا لم يؤمنوا بالقرآن وهو آية معجزة إلهية، وقد بين لهم أن الله لا إله إلا هو وحده لا شريك له وأن أمامهم يوم الفصل بأوضح البيان وساطع البرهان فبأي كلام بعد القرآن يؤمنون.

وهذا إيئاس من إيمانهم بالله ورسوله واليوم الآخر وكالتنبيه على أن رفع اليد عن دعوتهم إلى الإيمان بإلقاء قوله: ﴿كلوا وتمتعوا﴾ إليهم في محله فليسوا بمؤمنين ولا فائدة في دعوتهم غير أن فيها إتماما للحجة.

بحث روائي:

في تفسير القمي، وقوله: ﴿ألم نخلقكم من ماء مهين﴾ قال: منتن ﴿فجعلناه في قرار مكين﴾ قال: في الرحم وأما قوله: ﴿إلى قدر معلوم﴾ يقول: منتهى الأجل.

أقول: وفي أصول الكافي، في رواية عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام): تطبيق قوله: ﴿ألم نهلك الأولين﴾ على مكذبي الرسل في طاعة الأوصياء، وقوله: ﴿ثم نتبعهم الآخرين﴾ على من أجرم إلى آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).

على اضطراب في متن الخبر، وهو من الجري دون التفسير.

وفيه: وقوله ﴿ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا﴾ قال الكفات المساكن وقال: نظر أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجوعه من صفين إلى المقابر فقال: هذه كفات الأموات أي مساكنهم ثم نظر إلى بيوت الكوفة فقال: هذه كفات الأحياء.

ثم تلا قوله: ﴿ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا﴾.

أقول: وروي في المعاني، بإسناده عن حماد عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه نظر إلى المقابر.

وذكر مثل الحديث السابق.

وفيه، وقوله ﴿وجعلنا فيها رواسي شامخات﴾ قال: جبال مرتفعة.

وفيه، وقوله ﴿انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب﴾ قال فيه ثلاث شعب من النار وقوله: ﴿إنها ترمي بشرر كالقصر﴾ قال: شر النار مثل القصور والجبال.

وفيه، وقوله ﴿إن المتقين في ظلال وعيون﴾ قال: في ظلال من نور أنور من الشمس.

وفي المجمع، في قوله: ﴿وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون﴾ قال مقاتل: نزلت في ثقيف حين أمرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالصلاة فقالوا: لا ننحني.

والرواية لا نحني فإن ذلك سبة علينا.

فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا خير في دين ليس فيه ركوع وسجود.

أقول: وفي انطباق القصة - وقد وقعت بعد الهجرة - على الآية خفاء.

وفي تفسير القمي، في الآية السابقة قال: وإذا قيل لهم ﴿تولوا الإمام لم يتولوه﴾.

أقول: وهو من الجري دون التفسير.