الآيات 1-18
سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ﴿1﴾ لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ﴿2﴾ مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ ﴿3﴾ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴿4﴾ فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا ﴿5﴾ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا ﴿6﴾ وَنَرَاهُ قَرِيبًا ﴿7﴾ يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاء كَالْمُهْلِ ﴿8﴾ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ ﴿9﴾ وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا ﴿10﴾ يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ ﴿11﴾ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ ﴿12﴾ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ ﴿13﴾ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ ﴿14﴾ كَلَّا إِنَّهَا لَظَى ﴿15﴾ نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى ﴿16﴾ تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى ﴿17﴾ وَجَمَعَ فَأَوْعَى ﴿18﴾
بيان:
الذي يعطيه سياق السورة أنها تصف يوم القيامة بما أعد فيه من أليم العذاب للكافرين.
تبتدىء السورة فتذكر سؤال سائل سأل عذابا من الله للكافرين فتشير إلى أنه واقع ليس له دافع قريب غير بعيد كما يحسبونه ثم تصف اليوم الذي يقع فيه والعذاب الذي أعد لهم فيه وتستثني المؤمنين الذين قاموا بوظائف الاعتقاد الحق والعمل الصالح.
وهذا السياق يشبه سياق السور المكية غير أن المنقول عن بعضهم أن قوله: ﴿والذين في أموالهم حق معلوم﴾ مدني والاعتبار يؤيده لأن ظاهره الزكاة وقد شرعت بالمدينة بعد الهجرة، وكون هذه الآية مدنية يستتبع كون الآيات الحافة بها الواقعة تحت الاستثناء وهي أربع عشرة آية قوله: إلا المصلين - إلى قوله - في جنات مكرمون مدنية لما في سياقها من الاتحاد واستلزام البعض للبعض.
ومدنية هذه الآيات الواقعة تحت الاستثناء تستدعي ما استثنيت منه وهو على الأقل ثلاث آيات قوله: إن الإنسان خلق هلوعا - إلى قوله - منوعا.
على أن قوله: ﴿فما للذين كفروا قبلك مهطعين﴾ متفرع على ما قبله تفرعا ظاهرا وهو ما بعده إلى آخر السورة ذو سياق واحد فتكون هذه الآيات أيضا مدنية.
ومن جهة أخرى مضامين هذا الفصل من الآيات تناسب حال المنافقين الحافين حول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن اليمين وعن الشمال عزين وهم الرادون لبعض ما أنزل الله من الحكم وخاصة قوله: ﴿أيطمع كل امرىء منهم﴾ إلخ، وقوله: ﴿على أن نبدل خيرا منهم﴾ إلخ على ما سيجيء، وموطن ظهور هذا النفاق المدينة لا مكة، ولا ضير في التعبير عن هؤلاء بالذين كفروا فنظير ذلك موجود في سورة التوبة وغيرها.
على أنهم رووا أن السورة نزلت في قول القائل: ﴿اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم﴾ الأنفال: 32 وقد تقدم في تفسير الآية أن سياقها والتي بعدها سياق مدني لا مكي.
لكن المروي عن الصادق (عليه السلام) أن المراد بالحق المعلوم في الآية حق يسميه صاحب المال في ماله غير الزكاة المفروضة.
ولا عبرة بما نسب إلى اتفاق المفسرين أن السورة مكية على أن الخلاف ظاهر وكذا ما نسب إلى ابن عباس أنها نزلت بعد سورة الحاقة.
قوله تعالى: ﴿سأل سائل بعذاب واقع﴾ السؤال بمعنى الطلب والدعاء، ولذا عدي بالباء كما في قوله: ﴿يدعون فيها بكل فاكهة آمنين﴾ الدخان: 55 وقيل: الفعل مضمن معنى الاهتمام والاعتناء ولذا عدي بالباء، وقيل: الباء زائدة للتأكيد، ومآل الوجوه واحد وهو طلب العذاب من الله كفرا وعتوا.
وقيل: الباء بمعنى عن كما في قوله: ﴿فاسأل به خبيرا﴾ الفرقان: 59، وفيه أن كونها في الآية المستشهد بها بمعنى عن ممنوع.
على أن سياق الآيات التالية وخاصة قوله: ﴿فاصبر صبرا جميلا﴾ لا يلائم كون السؤال بمعنى الاستفسار والاستخبار.
فالآية تحكي سؤال العذاب وطلبه عن بعض من كفر طغيانا وكفرا، وقد وصف العذاب المسئول من الأوصاف بما يدل على إجابة الدعاء بنوع من التهكم والتحقير وهو قوله: ﴿واقع﴾ وقوله: ﴿ليس له دافع﴾.
والمعنى سأل سائل من الكفار عذابا للكافرين من الله سيصيبهم ويقع عليهم لا محالة ولا دافع له أي أنه واقع عليهم سأل أو لم يسأل ففيه جواب تحقيري وإجابة لمسئوله تهكما.
قوله تعالى: ﴿للكافرين ليس له دافع﴾ للكافرين متعلق بعذاب وصفة له، وكذا قوله: ﴿ليس له دافع﴾ وقد مرت الإشارة إلى معنى الآية.
قوله تعالى: ﴿من الله ذي المعارج﴾ الجار والمجرور متعلق بقوله: ﴿دافع﴾ أي ليس له دافع من جانب الله ومن المعلوم أنه لو اندفع لم يندفع إلا من جانب الله سبحانه، ومن المحتمل أن يتعلق بقوله: ﴿بعذاب﴾.
والمعارج جمع معرج وفسروه بالمصاعد وهي الدرجات وهي مقامات الملكوت التي يعرج إليها الملائكة عند رجوعهم إلى الله سبحانه على ما يفسره قوله بعد: ﴿تعرج الملائكة والروح إليه في يوم﴾ إلخ فله سبحانه معارج الملكوت ومقاماتها المترتبة علوا وشرفا التي تعرج فيها الملائكة والروح بحسب قربهم من الله وليست بمقامات وهمية اعتبارية.
وقيل: المراد بالمعارج الدرجات التي يصعد فيها الاعتقاد الحق والعمل الصالح قال تعالى: ﴿إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه﴾ فاطر: 10، وقال: ﴿ولكن يناله التقوى منكم﴾ الحج: 37.
وقيل: المراد به مقامات القرب التي يعرج إليها المؤمنون بالإيمان والعمل الصالح قال تعالى: ﴿هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون﴾ آل عمران: 163 وقال: ﴿لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم﴾ الأنفال: 4 وقال: ﴿رفيع الدرجات ذو العرش﴾ المؤمنون: 15.
والحق أن مآل الوجهين إلى الوجه الأول، والدرجات المذكورة حقيقية ليست بالوهمية الاعتبارية.
قوله تعالى: ﴿تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة﴾ المراد بهذا اليوم يوم القيامة على ما يفيده سياق الآيات التالية.
والمراد بكون مقدار هذا اليوم خمسين ألف سنة على ما ذكروا أنه بحيث لو وقع في الدنيا وانطبق على الزمان الجاري فيها كان مقداره من الزمان خمسين ألف سنة من سني الدنيا والمراد بعروج الملائكة والروح إليه يومئذ رجوعهم إليه تعالى عند رجوع الكل إليه فإن يوم القيامة يوم بروز سقوط الوسائط وتقطع الأسباب وارتفاع الروابط بينها وبين مسبباتها والملائكة وسائط موكلة على أمور العالم وحوادث الكون فإذا تقطعت الأسباب عن مسبباتها وزيل الله بينهم ورجع الكل إلى الله عز اسمه رجعوا إليه وعرجوا معارجهم فحفوا من حول عرش ربهم وصفوا قال تعالى: ﴿وترى الملائكة حافين من حول العرش﴾ الزمر: 75، وقال: ﴿يوم يقوم الروح والملائكة صفا﴾ النبأ: 38.
والظاهر أن المراد بالروح الروح الذي هو من أمره تعالى كما قال: ﴿قل الروح من أمر ربي﴾ الإسراء: 85 وهو غير الملائكة كما هو ظاهر قوله تعالى: ﴿ينزل الملائكة بالروح من أمره﴾ النحل: 2.
فلا يعبأ بما قيل: إن المراد بالروح جبرئيل وإن أطلق عليه الروح الأمين وروح القدس في قوله: ﴿نزل به الروح الأمين على قلبك﴾ الشعراء: 194 وقوله: ﴿قل نزله روح القدس من ربك﴾ النحل: 103 فإن المقيد غير المطلق.
قوله تعالى: ﴿فاصبر صبرا جميلا﴾ لما كان سؤال السائل للعذاب عن تعنت واستكبار وهو مما يشق تحمله أمر نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) بالصبر ووصفه بالجميل - والجميل من الصبر ما ليس فيه شائبة الجزع والشكوى، وعلله بأن اليوم بما فيه من العذاب قريب.
قوله تعالى: ﴿إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا﴾ ضميرا ﴿يرونه﴾ و﴿نراه﴾ للعذاب أو ليوم القيامة بما فيه من العذاب الواقع ويؤيد الأول قوله فيما بعد: ﴿يوم تكون السماء كالمهل﴾ إلخ.
والمراد بالرؤية الاعتقاد بنوع من العناية المجازية ورؤيتهم ذلك بعيدا ظنهم أنه بعيد من الإمكان فإن سؤال العذاب من الله سبحانه استكبارا عن دينه وردا لحكمه لا يجامع الإيمان بالمعاد وإن تفوه به السائل، ورؤيته تعالى ذلك قريبا علمه بتحققه وكل ما هو آت قريب.
وفي الآيتين تعليل أمره (صلى الله عليه وآله وسلم) بالصبر الجميل فإن تحمل الأذى والصبر على المكاره يهون على الإنسان إذا استيقن أن الفرج قريب وتذكر ذلك فالكلام في معنى قولنا فاصبر على تعنتهم واستكبارهم في سؤالهم العذاب صبرا جميلا لا يشوبه جزع وشكوى فأنا نعلم أن العذاب قريب على خلاف ما يستبعدونه، وعلمنا لا يتخلف عن الواقع بل هو نفس الواقع.
قوله تعالى: ﴿يوم تكون السماء كالمهل﴾ المهل المذاب من المعدنيات كالنحاس والذهب وغيرهما، وقيل: دردي الزيت، وقيل: عكر القطران.
والظرف متعلق بقوله: ﴿واقع﴾ على ما يفيده السياق.
قوله تعالى: ﴿وتكون الجبال كالعهن﴾ العهن مطلق الصوف، ولعل المراد المنفوش منه كما في قوله تعالى: ﴿وتكون الجبال كالعهن المنفوش﴾ القارعة: 5.
وقيل: هو الصوف الأحمر، وقيل: المصبوغ ألوانا لأن الجبال ذات ألوان مختلفة فمنها جدد بيض وحمر وغرابيب سود.
قوله تعالى: ﴿ولا يسأل حميم حميما﴾ الحميم القريب الذي تهتم بأمره وتشفق عليه.
إشارة إلى شدة اليوم فالإنسان يومئذ تشغله نفسه عن غيره حتى أن الحميم لا يسأل حميمه عن حاله لاشتغاله بنفسه.
قوله تعالى: ﴿يبصرونهم﴾ الضميران للأحماء المعلوم من السياق والتبصير الإراءة والإيضاح أي يرى ويوضح الأحماء للأحماء فلا يسئلونهم عن حالهم اشتغالا بأنفسهم.
والجملة مستأنفة في معنى الجواب عن سؤال مقدر كأنه لما قيل: لا يسأل حميم حميما سئل فقيل: هل يرى الأحماء يومئذ أحماءهم؟ فأجيب: يبصرونهم ويمكن أن يكون ﴿يبصرونهم﴾ صفة ﴿حميما﴾.
ومن رديء التفسير قول بعضهم: إن معنى قوله: ﴿يبصرونهم﴾ يبصر الملائكة الكفار، وما قيل: إن المعنى يبصر المؤمنون أعداءهم من الكفار وما هم فيه من العذاب فيشمتون بهم، وما قيل: إن المعنى يبصر اتباع الضلالة رؤساءهم.
وهي جميعا وجوه لا دليل عليها.
قوله تعالى: ﴿يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه﴾ قال في المجمع، المودة مشتركة بين التمني وبين المحبة يقال: وددت الشيء أي تمنيته ووددته أي أحببته أود فيهما جميعا.
ويمكن أن يكون استعماله بمعنى التمني من باب التضمين.
وقال: والافتداء الضرر عن الشيء ببدل منه انتهى، وقال: الفصيلة الجماعة المنقطعة عن جملة القبيلة برجوعها إلى أبوة خاصة عن أبوة عامة.
وذكر بعضهم أن الفصيلة عشيرته الأقربين الذين فصل عنهم كالآباء الأدنين.
وسياق هذه الآيات سياق الإضراب والترقي بالنسبة إلى قوله: ﴿ولا يسأل حميم حميما﴾ فيفيد أن المجرم يبلغ به شدة العذاب إلى أن يتمنى أن يفتدي من العذاب بأحب أقاربه وأكرمهم عليه بنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته وجميع من في الأرض ثم ينجيه الافتداء فيود ذلك فضلا عن عدم سؤاله عن حال حميمه.
والمعنى ﴿يود﴾ ويتمنى ﴿المجرم﴾ وهو المتلبس بالأجرام أعم من الكافر ﴿لو يفتدي من عذاب يومئذ﴾ وهذا هو الذي يتمناه، والجملة قائمة مقام مفعول يود.
﴿ببنيه﴾ الذين هم أحب الناس عنده ﴿وصاحبته﴾ التي كانت سكنا له وكان يحبها وربما قدمها على أبويه ﴿وأخيه﴾ الذي كان شقيقه وناصره ﴿وفصيلته﴾ من عشيرته الأقربين ﴿التي تؤويه﴾ وتضمه إليها ﴿ومن في الأرض جميعا﴾ من أولي العقل ﴿ثم ينجيه﴾ هذا الافتداء.
قوله تعالى: ﴿كلا إنها لظى نزاعة للشوى تدعوا من أدبر وتولى وجمع فأوعى﴾ كلا للردع، وضمير ﴿أنها﴾ لجهنم أو للنار وسميت لظى لكونها تتلظى وتشتعل، والنزاعة اسم مبالغة من النزع بمعنى الاقتلاع، والشوى الأطراف كاليد والرجل يقال: رماه فأشواه أي أصاب شواه كذا قال الراغب، وإيعاء المال إمساكه في وعاء.
فقوله: ﴿كلا﴾ ردع لتمنيه النجاة من العذاب بالافتداء وقد علل الردع بقوله: ﴿أنها لظى﴾ إلخ ومحصله أن جهنم نار مشتعلة محرقة للأطراف شأنها أنها تطلب المجرمين لتعذبهم فلا تصرف عنهم بافتداء كائنا ما كان.
فقوله: ﴿إنها لظى﴾ أي نار صفتها الاشتعال لا تنعزل عن شأنها ولا تخمد، وقوله: ﴿نزاعة للشوى﴾ أي صفتها إحراق الأطراف واقتلاعها لا يبطل ما لها من الأثر فيمن تعذبه.
وقوله: ﴿تدعوا من أدبر وتولى وجمع فأوعى﴾ أي تطلب من أدبر عن الدعوة الإلهية إلى الإيمان بالله وأعرض عن عبادته تعالى وجمع المال فأمسكه في وعائه ولم ينفق منه للسائل والمحروم.
وهذا المعنى هو المناسب لسياق الاستثناء الآتي وذكر الصلاة والإنفاق فيه.
بحث روائي:
في المجمع، حدثنا السيد أبو الحمد قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني وساق السند عن جعفر بن محمد الصادق عن آبائه (عليهم السلام) قال: لما نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، طار ذلك في البلاد فقدم على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) النعمان بن الحارث الفهري.
فقال: أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وأمرتنا بالجهاد والحج والصوم والصلاة والزكاة فقبلناها ثم لم ترض حتى نصبت هذا الغلام فقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شيء منك أو أمر من عند الله؟ فقال: والله الذي لا إله إلا هو أن هذا من الله.
فولى النعمان بن الحارث وهو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء فرماه الله بحجر على رأسه فقتله وأنزل الله تعالى: ﴿سأل سائل بعذاب واقع﴾.
أقول: وهذا المعنى مروي بغير طريق من طرق الشيعة، وقد رد الحديث بعضهم بأنه موضوع لكون سورة المعارج مكية، وقد عرفت الكلام في مكية السورة.
وفي الدر المنثور، أخرج الفاريابي وعبد بن حميد والنسائي وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: ﴿سأل سائل﴾ قال هو النضر بن الحارث قال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء.
وفيه، أخرج ابن أبي حاتم عن السدي: في قوله: ﴿سأل سائل﴾.
نزلت بمكة في النضر بن الحارث وقد قال: ﴿اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك﴾ الآية وكان عذابه يوم بدر.
أقول: وهذا المعنى مروي أيضا عن غير السدي، وفي بعض رواياتهم أن القائل: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك الآية هو الحارث بن علقمة رجل من عبد الدار، وفي بعضها أن سائل العذاب هو أبو جهل بن هشام سأله يوم بدر ولازمه مدنية السورة والمعتمد على أي حال نزول السورة بعد قول القائل: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك الآية وقد تقدم كلام في سياق الآية.
وفي أمالي الشيخ، بإسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث: ألا فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا فإن في القيامة خمسين موقفا كل موقف مثل ألف سنة مما تعدون ثم تلا هذه الآية ﴿في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة﴾.
أقول: وروي هذا المعنى في روضة الكافي، عن حفص بن غياث عنه (عليه السلام).
وفي المجمع، روى أبو سعيد الخدري قال: قيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما أطول هذا اليوم فقال: والذي نفس محمد بيده إنه ليخف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا:.
أقول: ورواه في الدر المنثور، عن عدة من الجوامع عن أبي سعيد عنه (صلى الله عليه وآله وسلم).
وفي تفسير القمي، في قوله تعالى: ﴿يوم تكون السماء كالمهل﴾ قال: الرصاص الذائب والنحاس كذلك تذوب السماء.
وفيه، في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام): في قوله تعالى: ﴿يبصرونهم﴾ يقول: يعرفونهم ثم لا يتساءلون.
وفيه، في قوله تعالى: ﴿نزاعة للشوى﴾ قال: تنزع عينه وتسود وجهه.
وفيه، في قوله تعالى: ﴿تدعوا من أدبر وتولى﴾ قال: تجره إليها.