سُورَة الكَافرون

مَكيَّة

وَعَدَدُ آيَآتِهَا سِتّ آياتْ

"سورة الكافرون"

محتوى السّورة

هذه السّورة نزلت في مكّة لحنها ومحتواها يؤيدان ذلك.

وسبب نزولها الذي سنبيّنه بإذن اللّه دليل آخر على مكّيتها، ونستبعد ما ذهب إليه بعضهم من أنّها مدنية.

من لحن السّورة نفهم أنّها نزلت في زمان كان المسلمون في أقلية والكفار في أكثرية، والنّبي يعاني من الضغوط التي تطلب منه أن يهادن المشركين.

وأمام هذه الضغوط كان النّبي يعلن صموده وإصراره على المبدأ، دون أن يصطدم بهم.

وفي هذا درس عبرة لكل المسلمين أن لا يساوموا أعداء الإسلام في مباديء الدين مهما كانت الظروف.

وأن يبعثوا اليأس في قلوبهم متى ما بادروا إلى هذه المساومة.

وفي هذه السّورة تكرر مرّتين نفي عبادة الإنسان المسلم لما يعبده الكافرون، وهو تأكيد يستهدف بّث اليأس في قلوب الكافرين.

كما تكرر مرّتين نفي عبادة الكافر لما يعبده المسلمون من إله واحد أحد.

وهذا دليل على تعنتهم ولجاجهم.

ونتيجة ذلك هو الفصل العقائدي الحاسم بين منهج التوحيد ومتاهات الشرك: (لكم دينكم ولي دين).

فضيلة السّورة:

ورد في فضيلة هذه السّورة عن رسول الله (ص) قال: "من قرأ قل يا أيّها الكافرون فكأنّما قرأ ربع القرآن وتباعدت عنه مردة الشياطين، وبرأ من الشرك، ويعافى من الفزع الإكبر" (1).

و عبارة (ربع القرآن) قد تعني أن مسألة مواجهة الشرك والكفر تحتل ربع القرآن وجاءت عصارتها في هذه السّورة المباركة.

وإنّما كانت هذه السّورة عاملا على تباعد مردة الشياطين عن قارئها، لأنّها رفض حاسم للشرك والمشركين، والشرك أهم حبائل الشيطان.

و النجاة في يوم القيامة (أو المعافاة من الفزع الأكبر على حّد تعبير الرّواية) تتوقف بالدرجة الأولى على التوحيد ورفض الشرك.

وهو ما دارت حوله مضامين هذه السّورة.

وفي رواية أُخرى أن رجلا أتى النّبي (ص) فقال: جئت يا رسول الله لتعلمني شيئاً أقوله عند منامي قال: "إذا أخذت مضجعك فاقرأ قل يا أيّها الكافرون، ثمّ نم على خاتمتها فإنها براءة من الشرك" (2).

وعن جبير بن مطعم قال: قال لي رسول الله: "أتحب يا جبير أن تكون إذا خرجت سفراً من أمثل أصحابك هيئة وأكثرهم زاداً"؟

قلت: نعم باًبي أنت وأمي يا رسول الله.

قال: "فاقرأ هذه السور الخمس: قل يا أيّها الكافرون، وإذا جاء نصر الله والفتح، وقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب النّاس.

وافتتح قراءتك ببسم الله الرحمن الرحيم".

وعن الإمام الصادق (ع) قال: "كان أبي يقول: قل يا أيّها الكافرون ربع القرآن.

وكان إذا فرغ منها قال: أعبد الله وحده، أعبد الله وحده" (3).


1- مجمع البيان، ج10، ص551.

2- المصدر السابق.

3- المصدر السابق.