تعقيب

1 - تلخيص موضوعات سورة الماعون

في هذه السّورة القصيرة، ذكر اللّه سبحانه مجموعة من الصفات الرذيلة التي إن اتصف بها شخص فهي دليل عدم إيمانه ودنائته وحقارته.

ويلاحظ أنّها جميعاً فروع لظاهرة التكذيب بيوم الدين أي بيوم الجزاء.

إهانة اليتامى، وترك إطعام المساكين، والتهاون في الصلاة، والرياء، وعدم التعاون مع النّاس حتى في إعارة الأشياء الصغيرة... تشكل بمجموعها طبيعة حياة هؤلاء المكذبين.

من هنا فهؤلاء أناس بخلاء ذاتيون أنانيون متظاهرون لا ارتباط لهم بالخالق ولا بخلقه... أناس خلت نفوسهم من نور الإيمان والشعور بالمسؤولية، لا بثواب اللّه يفكرون، ولا من عذابه يخشون.

2 - التظاهر والرياء بلاء اجتماعي كبير قيمة كلّ عمل تتوقف على دافعه، وبالتعبير الإسلامي، أساس كلّ عمل نية عامله.

الإسلام يركز على النية في تقويم الأعمال.

لذلك ورد عن رسول اللّه (ص) قال: "إنّما الأعمال بالنيات، ولكل إمرىء ما نوى".

وجاء في ذيل هذا الحديث: "فمن غزى ابتغاء ما عند اللّه فقد وقع أجره على اللّه عزّوجلّ ومن غزى يريد عرض الدنيا أو نوى عقالاً لم يكن له إلاّ ما نوى". (1)

وهذا يعود إلى أنّ النية هي التي تصوغ شكل العمل دائماً.

من كان يعمل للّه جعل أساس عمله مستحكماً، وسعى بكل جهده إلى أن يستفيد منه النّاس أكثر الإستفادة.

لكن المتظاهر المرائي يكتفي بزخرفة الظاهر وتنميقه من دون أن يهتم بعمق العمل وباطنه وبحاجة المحتاجين إليه.

المجتمع الذي يتعود على الرياء لا يبتعد عن اللّه وعن الأخلاق الحسنة والملكات الفاضلة فحسب، بل تصبح كلّ برامجه الإجتماعية فارغة خالية المحتوى، لا تتعدى مجموعة من المظاهر، وإنّها لمأساة أن يكون مصير الفرد ومصير المجتمع بهذا الشكل.

الرّوايات في ذم الرياء كثيرة، بعضها وصفته بأنّه نوع من الشرك.

وهنا نذكر ثلاثاً منها:

1 - عن رسول اللّه (ص) قال: "سيأتي على النّاس زمان تخبث فيه سرائرهم، وتحسن فيه علانيتهم، طمعاً في الدنيا، لا يريدون به ما عند ربّهم، يكون دينهم رياء، لا يخالطهم خوف، يعمهم اللّه بعقاب، فيدعونه دعاء الغريق، فلا يستجيب لهم!" (2)

2 - وعن رسول اللّه (ص) أيضاً قال: "إنّ المرائي يدعى يوم القيامة بأربعة أسماء: يا كافر! يا فاجر! يا غادر! يا خاسر! حبط عملك، وبطل أجرك، فلا خلاص لك فالتمس أجرك ممن كنت تعمل له" (3).

3 - وعن الإمام جعفر بن محمّد الصادق (ع) قال مخاطباً زرارة (أحد أصحابه) : "من عمل للناس كان ثوابه على النّاس يا زرارة! كلّ رياء شرك" (4).

اللّهمّ! إخلاص النيّة أمر عسير فأعنا عليه بفضلك.

ربّنا! هب لنا إيماناً يجعل معيار تفكيرنا ثوابك وعقابك، ويساوي في أنظارنا بين سخط المخلوقين ورضاهم في السلوك إليك.

إلهنا! اغفر برحمتك زلاتنا.

آمين يا ربّ العالمين

نهاية سورة الماعون


1- وسائل الشيعة، ج1، ص35، ح10.

2- اُصول الكافي، ج2، باب الرياء، الحديث 14.

3- وسائل الشيعة، ج1، ص51 (ذيل الحديث 16).

4- وسائل الشيعة، ج1، ص49 (ذيل الحديث 11).