سُورَة العَادِيات
مَدَنيّة
وَعَدَدُ آيَآتِهَا إحدى عَشرة آية
"سورة والعاديات"
محتوى السّورة
اختلف المفسّرون كثيراً في مكان نزول هذه السّورة، كثير منهم اعتبرها مكّية، وجمع منهم قال إنّها مدنية.
قصر مقاطع الآيات، واستنادها إلى القَسَم، وتناولها موضوع المعاد قرائن تدل على مكيتها.
لكن مضمون القسم في السّورة وارتباطه بمسائل الجهاد - كما سيتضح - وهكذا الرّواية القائلة بنزول هذه السّورة بعد غزوة (ذات السلاسل) (1) دلائل على مدنية السّورة.
حتى لو فسرنا مضمون القسم في السّورة بحركة الحجاج نحو منى والمشعر فهو دليل على أنّها مدنية أيضاً.
صحيح أن مراسم الحج بأكثر مناسكه كانت شائعة بين عرب الجاهلية بتأثير من سنة إبراهيم.
لكنّها كانت ممزوجة بالخرافات ممّا يجعل قَسَم القرآن بها مستبعداً.
من مجموع كل ذلك نرجح أن تكون السّورة مدنية.
ممّا تقدم يتّضح أيضاً محتوى السّورة، فهي تبدأ بالقسم بأُمور محفّزة محركة.
ثمّ تتناول بعض مظاهر الضعف البشري كالكفر والبخل وحب الدّنيا.
ثمّ تشير السّورة إشارة قصيرة معبّرة إلى مسألة المعاد وإحاطة اللّه بعباده.
فضيلة السّورة:
ورد في فضيلة هذه السّورة عن النّبي (ص) أنّه قال: "من قرأها أعطي من الأجر عشر حسنات، بعدد من بات بالمزدلفة، وشهد جمعاً". (2)
وعن الإِمام جعفر بن محمّد الصادق (ص) قال: "من قرأ والعاديات وأدمن قراءتها بعثه الله مع أمير المؤمنين يوم القيامة خاصّة، وكان في حجره ورفقائه". (3)
وفي بعض الرّوايات أن سورة "والعاديات" تعادل نصف القرآن. (4)
ومن الواضح أن كل هذه الفضيلة إنمّا هي نصيب من جعل السّورة منهاجاً لحياته وآمن بكل محتواها وعمل بها.
1- واقعة حدثت في السنة الثامنة للهجرة، وفيها أسر عدد كبير من الكفار، فشُدوا بالحبال مكبلين ولذا سمّيت الواقعة بذات السلاسل، وسيأتي شرحها في الآيات.
2- "جَمْع" من اسماء المشعر الحرام، لإِجتماع النّاس فيه، أو لجمع صلاة المغرب والعشاء فيه.
3- مجمع البيان، ج10، ص527.
4- الدر المنثور، ج6، ص383.