سُورَة المُرسَلات

مكيَّة وَعَدَدُ آيَآتِهَا خَمسُونَ آية

"سورة المرسلات"

محتوى السورة

المشهور أنّ هذه السورة مكيّة، ولكن صرح البعض أنّ الآية (48) (وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون) مدنية، ولكن لم يذكروا لذلك دليلاً واضحاً، وإذا كانت مسألة الركوع والصلاة سبباً لهذا الإستنباط فإنّ ذلك يبدو بعيداً.

إذ كثيراً ما كان المسلمون يقيمون الصلاة مع الركوع في مكّة، على كلّ حال فإنّ أكثر محتويات هذه السورة تدور حول المسائل المرتبطة بالقيامة وتهديد وإنذار المشركين والمنكرين، ومن خصائص هذه السورة تكرار الآية: (ويل يومئذ للمكذبين) عشر مرات بعد كل موضوع جديد، وتنبىء السورة بعد ذكر الأقسام عن القيامة والحوادث الثقيلة والصعبة للبعث، ثمّ تذكر عقب ذلك هذه الآية: (ويل يومئذ للمكذبين):

وتتحدث السورة أولاً عن الوقائع المؤسفة للأقوام المذنبين الأوائل.

ثمّ تتحدث ثانياً عن جانب من خصوصيات خلق الإِنسان.

وفي المرحلة الثّالثة عن بعض المواهب الإلهية في الأرض.

وفي الرّابعة تشرح السورة جانباً من عذاب المكذبين، وفي كل من هذه المراحل إشارة إلى مواضيع موقظة ومحركة، ثمّ تأكيد تلك الآية بعد ذكر كلّ موضوع من هذه المواضيع، وحتى أنّه أشار في قسم من ذلك إلى نعم الجنان للمتقين ليمزج الإنذار بالبشارة والترهيب بالترغيب.

على كل حال فإنّ هذا التكرار يذكر بتكرار بعض الآيات في سورة الرحمن باختلاف أنّ الكلام يدور عن النعم، أمّا في السورة فغالباً ما تتحدث عن عذاب المكذبين.

اختيار اسم (المرسلات) لهذه السورة هو لتناسبه مع الآية الأُولى لهذه السورة.

فضيلة السورة

روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: "من قرأ سورة المرسلات كتب أنّه ليس من المشركين" (1).

وروي عن الإمام الصادق (ع) أنّه قال: "من قرأها عرّف الله بينه وبين محمد" (2) لا شك أنّ الثواب والفضيلة تكون لمن يقرؤها ويتفكر ويعمل بها، لذا روي في حديث أنّ أحد أصحاب النّبي قال: أسرع الشيب إليك يا رسول الله! فقال: "شيبتني سورة هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون" (3).

والملاحظ أنّ جميع هذه السور تعكس أحوال القيامة والمسائل المهولة لتلك المحكمة العظيمة، وهذه هي التي تركت أثراً في روح النّبي المقدّسة.

من البديهي أنّ القراءة بدون تدبّر وتصميم على العمل لا يمكن أن تترك مثل هذا الأثر.


1- لمزيد من التوضيح حول آيات (المشيئة) راجع تفسير الآية 37 سورة الزمر.

2- مجمع البيان ج 10 ص 414.

3- المصدر السابق.