سُورَة نُوح
مَكيَّة وَعَدَدُ آيَآتِهَا ثمان وعشرون آية
"سورة نوح"
محتوى سورة:
هذه السورة، كما هو واضح من اسمها، تشير إلى فصّة نوح (ع)، واُسير إلى قصّة هذا النّبي العظيم كذلك في سور متعددة في القرآن المجيد، منها: سورة الشعراء، والمؤمنون، والأعراف، والأنبياء، وبشكل أوسع في سورة هود، وتحدثت (25) آية حول هذا النّبي العظيم الذي يعتبر من اُولي العزم (من الآية 25 إلى 49).
وما جاء في سورة نوح عن قصّته (ع) هو مقطع خاص من حياته، وهو أقل ممّا ذكر في بقية السور، وهذا القسم يرتبط بدعوته المستمرة والمتتابعة إلى التوحيد، وترتبط بكيفيتها وعناصرها، والتخطيط الدقيق الماهر في هذا الأمر الهام، وذلك مقابل قوم معاندين ومتكبرين يأنفون من الإنقياد إلى الحقّ.
بلحاظ أنّ هذه السورة نزلت في مكة، وأنّ النّبي (ص) والمسلمين القلائل في ذلك الزمان كانوا يعيشون ظروفاً مشابهة لظروف عصر نوح (ع) وأعوانه، فإنّها تعلمهم أُمور كثيرة، وكانت هذه واحدة من أهداف إيراد هذه القصّة، ومنها:
1 - أنّها تذكرهم كيف يبلغون الرسالة للمشركين عن طريق الإستدلال المنطقي المقترن بالمحبّة والمودّة، واستخدام كلّ طريقة تكون مفيدة ومؤثرة في الدعوة.
2 - أنّها تعلّمهم الثبات والنشاط في طريق الدعوة إلى اللّه وعدم التكاسل مهما طالت الأعوام، ومهما وضع الأعداء العوائق.
3 - أنّها تعلّمهم كيف يرغبونهم ويشجعونهم تارةً، وتكون لديهم عوامل الإنذار والرّهبة تارةً اُخرى والإستفادة من كلا الطريقين في الدعوة إلى اللّه جلّ وعلا.
4 - الآيات الأخيرة من هذه السورة هي تحذير للمشركين المعاندين، بأن عاقبتهم وخيمة إذا لم يستسلموا للحق، وتخلّفوا عن أمر اللّه.
5 - بالاضافة إلى ذلك، فإنّ هذا السورة جاءت لتهدئة مشاعر النّبي والمؤمنين الأوائل ومن يعيش مثل ظروفهم، ليصبروا على الصعوبات، ويطمئنوا في مسيرهم بلطف من اللّه.
وبعبارة أُخرى فإنّ هذه السورة ترسم أبعاد الكفاح الدائم بين أصحاب الحق وأصحاب الباطل، ترسم منهج أصحاب الحق الذي يجب عليهم إتّباعه.
فضيلة هذه السورة:
ورد في حديث عن النّبي (ص) أنّه قال: "من قرأ سورة نوح كان من المؤمنين الذين تدركهم دعوة نوح".(1)
وفي حديث آخر عن الإمام الصّادق (ع) قال: "من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر ويقرأ كتابه فلا يدع أن يقرأ سورة: (إنّا أرسلنا نوحاً) فأي عبد قرأها محتسباً صابر في فريضة أو نافلة، أسكنه اللّه مساكن الأبرار وأعطاء ثلاث جنان من جنّته كرامة من اللّه".(2)
ولا يخفى أنّ الهدف من قراءة السورة هو الاقتباس من منهج وسلوك هذا النّبي العظيم من صبره واستقامته في طريق الدعوة إلى اللّه تعالى ليدركوا دعوة النّبي، وليس المراد القراءة الخالية من التفكير، ولا التفكر الخالي من العمل.
1- مجمع البيان، ج10، ص359.
2- المصدر السّابق.