الآيات 5 - 8

﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ (5) سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الْفَـسِقِينَ (6) هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَـوَتِ وَالاَْرْضِ وَلَـكِنَّ الْمُنَـفِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ (7) يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الاَْعَزُّ مِنْهَا الاَْذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَـفِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ (8)﴾

سبب النّزول:

ذكرت كتب التاريخ والتّفسير سبباً مسهباً لنزول هذه الآيات، وجاء في الكامل في التاريخ: أنّه بعد غزوة بني المصطلق إزدحم الناس على الماء، وردت واردة الناس ومع عمر بن الخطاب أجير له من بني غفار يقال له: جهجاه، فازدحم هو و "سنان الجهني" حليف بني عوف من الخزرج على الماء فاقتتلا فصرخ الجهني: يامعشر الأنصار.

وصرخ جهجاه: يامعشر المهاجرين.

فغضب عبدالله بن أبي سلول وعنده رهط من قومه فيهم "زيد بن أرقم" غلام حدث السنّ فقال: أو قد فعلوها؟ قد كاثرونا في بلادنا، أما والله (لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذل) ثمّ أقبل على من حضره من قومه فقال: هذا ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم ببلادكم وقاسمتموهم أموالكم، والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير بلادكم.

فسمع ذلك زيد فمشى به إلى النبي (ص) وذلك عند فراغ رسول الله من غزوه، فأخبره الخبر وعنده عمر بن الخطاب فقال: يارسول الله مُرْ به عبّاد بن بشر فليقتله، فقال رسول الله: كيف إذا تحدّث الناس أنّ محمّداً قتل أصحابه؟ ولكن ائذن بالرحيل.

فارتحل في ساعة لم يكن يرتحل فيها ليقطع ما الناس فيه، فلقيه أسيد بن حضير فسلّم عليه وقال: يارسول الله، لقد رحت في ساعة لم تكن تروح فيها؟ فقال: أو ما بلغك ما قال عبدالله بن أُبي؟ قال: وماذا قال؟ قال: زعم أنّه إن رجع إلى المدينة ليخرجن الأعزّ منها الأذل.

قال أسيد: فأنت والله تخرجه إن شئت، فإنّك العزيز وهو الذليل.

ثمّ قال: يارسول الله، ارفق به فوالله لقد منّ الله بك وإنّ قومه لينظمون له الخرز ليتوّجوه، فإنّه ليرى أنّك قد استلبته ملكاً.

وسمع عبدالله بن اُبي أنّ زيداً أعلم النبي قوله فمشى إلى رسول الله فحلف بالله ما قلت ما قال ولا تكلّمت به، وكان عبدالله في قومه شريفاً، فقالوا: يارسول الله عسى أن يكون الغلام قد أخطأ.

وأنزل الله: (إذا جاء المنافقون) تصديقاً لزيد.

فلمّا نزلت أخذ رسول الله باُذن زيد وقال: هذا الذي أوفى الله باُذنه، وبلغ ابن عبدالله بن سلول ما كان من أمر أبيه، فأتى النبي فقال: يارسول الله، بلغني أنّك تريد قتل أبي، فإن كنت فاعلا فمرني به، فأنا أحمل إليك رأسه، وأخشى أن تأمر غيري بقتله فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل أبي يمشي في الناس فأقتله، فأقتل مؤمناً بكافر فأدخل النار.

فقال النبي: بل نرفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا، فكان بعد ذلك إذا أحدث حدثاً عاتبه قومه وعنّفوه)(54).

التّفسير:

علامات اُخرى للمنافقين:

تأتي هذه الآيات لتكمّل توضيح علامات المنافقين التي بدأتها الآيات التي سبقتها، يقول تعالى: (إذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدّون وهم مستكبرون).

لقد وصل بهم الكبر والغرور مبلغاً حرمهم من إستثمار الفرص والإستغفار والتوبة والعودة إلى طريق الحقّ والصواب.

وكان "عبدالله بن اُبي" هو النموذج البارز لهذا التكبّر والطغيان، وقد تجسّد ذلك في جوابه على من طلب منه الذهاب إلى رسول الله للإستغفار، عندما قال "لقد أمرتموني أن اُؤمن فآمنت، وقلتم: أعط الزكاة فأعطيت، لم يبق بعد إلاّ أن تأمروني بأن أسجد لمحمّد".

إنّ حبّ المنافقين لأنفسهم وعبادتهم لذواتهم، جعلتهم أبعد ما يكونون عن الإسلام الذي يعني التسليم والرضا والإستسلام الكامل للحقّ.

"لووا" من مادّة (لي) وهي في الأصل بمعنى برم الحبل، وتأتي أيضاً بمعنى إمالة الرأس وهزّه إعراضاً واستكباراً.

"يصدّون" لها معنيان كما أوضحنا ذلك سابقاً، (المنع) و (الإعراض) وهذا المعنى أكثر إنسجاماً مع الآية - مورد البحث - بينما يكون الأوّل أي (المنع) منسجماً مع الآية الاُولى.

ومن أجل أن لا يبقى هناك أي إبهام أو التباس قال تعالى: (سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إنّ الله لا يهدي القوم الفاسقين).

بعبارة اُخرى: إنّ استغفار النبي ليس علّة تامّة للمغفرة، بل هي مقتض تؤثّر حينما تكون الأرضية مهيّأة، أي عندما يتوبون بصدق وإخلاص ويتّخذون طريقاً آخر، ويهجرون الكذب والغرور، ويستسلمون للحقّ، هنالك يؤثّر استغفار الرّسول وتقبل شفاعته.

وعبّرت الآية (80) من سورة التوبة بما يشبه ذلك حينما وصفت قسماً آخر من أهل النفاق، إذ قال تعالى: (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرّة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنّهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين).

ومن الواضح أنّ العدد (سبعين) ليس هو المقصود، بل المقصود أنّ الله لن يغفر لهم مهما استغفر لهم الرّسول (ص).

وليس كلّ المذنبين من الفسّاق، فقد جاء الرّسول (ص) لإنقاذ المذنبين، فالمقصود إذن هم تلك المجموعة من الفسّاق أو المذنبين الذين يصرّون على ذنوبهم ويركبون رؤوسهم.

والشاهد الآخر الذي يذكره القرآن كعلامة لهم واضحة جدّاً، هو قوله تعالى: (هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتّى ينفضّوا) فلا تعطوا المسلمين شيئاً من أموالكم وإمكاناتكم لكي يتفرّقوا عن رسول الله.

(ولله خزائن السموات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون).

إنّ هؤلاء فقدوا الوعي والبصيرة، ولم يعرفوا أنّ كلّ ما لدى الناس إنّما هو من الله، وكلّ الخلق عياله.

وأن تقاسم الأنصار لأموالهم مع المهاجرين إنّما هو من دواعي الإفتخار والإعتزاز، ولا ينبغي أن يمنّوا به على أحد.

ثمّ يقول تعالى في إشارة اُخرى إلى مقالة اُخرى سيّئة من مقالاتهم (يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذل).

وهذا نفس الكلام الذي أطلقه "عبدالله بن اُبي"، ويريدون من ورائه أنّهم أهل المدينة الأصليّون الذين سيخرجون منها الرّسول وأصحابه من المهاجرين، بعد عودتهم من غزوة بني المصطلق التي مرّت الإشارة إليها.

ورغم أنّ هذا الحديث صدر عن رجل واحد، لكنّه كان لسان حال المنافقين جميعاً، وهذا ما جعل القرآن يعبّر عنهم بشكل جماعي "يقولون ..." فيردّهم ردّاً حازماً إذ يقول: (ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون).

ولم يكن منافقو المدينة وحدهم الذين رووا هذا الكلام، بل سبقهم إلى ذلك رؤساء قريش عندما قالوا: (سينتهي أمر هذه المجموعة القليلة الفقيرة من المسلمين إذا حاصرناهم إقتصادياً أو أخرجناهم من مكّة).

وهكذا نرى اليوم الدول المستكبرة وهي تحذّر الشعوب التي ترفض الخضوع لسيطرتها، بأنّها تملك الدنيا وخزائنها، فان لم تخضع لها تحاصر اقتصادياً لتركيعها.

وهؤلاء هم الذين طبع على قلوبهم واتّخذوا منهجاً واحداً على مدى التاريخ، وظنّوا أنّ ما لديهم باق، ولم يعلموا أنّ الله قادر على إزالته وإزهاقه بلمحة بصر.

وهذا النمط من التفكير (رؤية أنفسهم أعزّاء والآخرين أذلاّء وتوهّم أنّهم أصحاب النعمة والآخرون محتاجون إليهم) هو تفكير نفاقي متولّد من التكبّر والغرور من جهة، وتوهّم الإستقلال عن الله عزّوجلّ من جهة اُخرى، فلو أنّهم أدركوا حقيقة العبودية ومالكية الله لكلّ شيء فمن المحال أن يقعوا في ذلك التوهّم الخطير... وقد عبّرت عنهم الآية السابقة بقولها: (لا يفقهون) وهنا قالت: (لا يعلمون).

ويمكن تفسير الإختلاف في التعبير إلى ضرورات البلاغة، أو أنّه إشارة إلى صعوبة تفهّم أنّ الله مالك خزائن السموات والأرض بالشكل الحقيقي، في الوقت الذي لا يحتاج إدراك أنّ لله العزّة ولرسوله وللمؤمنين إلى شيء من التعمّق والدقّة.

بحوث

1 - للمنافقين علامات عشر

يمكن أن نجمل علامات المنافقين التي ذكرتها الآيات الكريمة بعشر علامات:

1 - الكذب الصريح والواضح (والله يشهد أنّ المنافقين لكاذبون).

2 - الإستفادة من الحلف الكاذب لتضليل الناس (اتّخذوا أيمانهم جنّة).

3 - عدم إدراك الواقع بسبب إعراضهم عن جادّة الصواب وطريق الهداية بعد تشخصيه (لا يفقهون).

4 - تمتّعهم بظواهر مغرية وألسنة ناعمة تخفي وراءها بواطن مظلمة خاوية، فارغة، منخورة (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم).

5 - الحياة الفارغة في المجتمع، ورفضهم الخضوع لمنطق الحقّ، فهم كالخشبة اليابسة (كأنّهم خشب مسنّدة).

6 - يغلب عليهم سوء الظنّ والخوف والترقّب لما ينطوون عليه من نزعة خيانية (يحسبون كلّ صيحة عليهم).

7 - استهزاؤهم بالحقّ واستهتارهم به (لووا رؤوسهم).

8 - الفسق والفجور وارتكاب المعاصي والذنوب (إنّ الله لا يهدي القوم الفاسقين).

9 - يتملكّهم شعور بأنّ لهم كلّ شيء، وكلّ الناس في حاجة ماسّة إليهم (هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتّى ينفضّوا).

10 - يتصوّرون ويتخيّلون دائماً أنّهم أعزّاء، بينما الآخرون أذلّة (ليخرجنّ الأعزّ منها الأذل).

هذا علماً بأنّ علامات المنافقين لا تنحصر بهذه العلامات، فقد وردت علامات اُخرى في القرآن الكريم ونهج البلاغة ويمكن اكتشاف علامات اُخرى من خلال معاشرتهم. ويمكن إعتبار العلامات العشر المذكورة أهمّ تلك العلامات.

وصفهم أمير المؤمنين في إحدى خطب نهج البلاغة بقوله: "اُوصيكم عباد الله بتقوى الله واُحذّركم أهل النفاق، فإنّهم الضالّون المضلّون، والزالّون المزلّون، يتلوّنون ألواناً ويفتنون افتناناً ويعمدونكم بكلّ عماد، ويرصدونكم بكلّ مرصاد.

قلوبهم دويّة وصفاحهم نقيّة، يمشون الخفاء ويدبّون الضراء، وصفهم دواء وقولهم شفاء وفعلهم الداء العياء، حسدة الرخاء ومؤكّدو البلاء ومقنطو الرجاء، لهم بكلّ طريق صريع وإلى كلّ قلب شفيع ولكلّ شجو دموع، يتقارضون الثناء ويتراقبون الجزاء، وإن سألوا ألحفوا، وإن عذلوا كشفوا، وإن حكموا أسرفوا، قد أعدّوا لكلّ حقّ باطلا، ولكلّ قائم مائلا، ولكلّ حي قاتلا، ولكلّ باب مفتاحاً، ولكلّ ليل مصباحاً، يتوصّلون إلى الطمع باليأس ليقيموا به أسواقهم، وينفقوا به أعلاقهم، يقولون فيشبهون ويصفون فيموهون، قد هونوا الطريق وأضلعوا المضيق، فهم لمّة الشيطان وحمة النيران: (اُولئك حزب الشيطان ألا انّ حزب الشيطان هم الخاسرون)".

2 - خطر المنافقين

1 - يمثّل المنافقون - كما ورد في مقدّمة البحث - الخطر الأعظم الذي يواجه المجتمع، وذلك لكونهم يعيشون داخل المجتمعات، وعلى إطّلاع بكافّة الأسرار.

2 - لا يمكن التعرّف عليهم بسهولة، ويظهرون من الحبّ والصداقة بحيث لا يستطيح الإنسان أن يرى ما خلفها من البغض والأحقاد.

3 - عدم افتضاح وجوههم الحقيقة للناس، الأمر الذي يجعل مواجهتهم بشكل مباشر عملا صعباً.

4 - امتلاكهم ارتباطات عديدة بالمؤمنين (إرتباطات سببية ونسبية وغيرها).

5 - يطعنون المجتمع بشكل مباغت ومن الخلف.

كلّ ذلك وغيره يجعل الخسائر التي تلحق بالمجتمع الإسلامي بسببهم كثيرة إلى الحدّ الذي لا يمكن تلافيها أحياناً.

لهذا ينبغي وضع خطط حكيمة ودقيقة لدفع شرّهم، وإنقاذ الاُمّة من أحقادهم.

جاء في حديث عن الرّسول الكريم(ص): "إنّي لا أخاف على اُمّتي مؤمناً ولا مشركاً، أمّا المؤمن فيمنعه الله بإيمانه، وأمّا المشرك فيخزيه الله بشركه، ولكنّي أخاف عليكم كلّ منافق عالم اللسان، يقول ما تعرفون ويفعل ما تنكرون"(55).

مرّت بحوث مفصّلة حول المنافقين في التّفسير الأمثل ذيل الآيات 8 - 16 - سورة البقرة.

وذيل الآيات 60 إلى 85 سورة التوبة.

وذيل الآيات 12 - 17 سورة الأحزاب.

وذيل الآية 43 - 45 سورة التوبة.

والخلاصة أنّ القرآن الكريم اهتمّ بهذه المجموعة اهتماماً خاصّاً أكثر من إهتمامه بأيّة فئة اُخرى.

3 - المنافق فارغ ومنخور

تهبّ العواصف على مدى الحياة وتتلاطم الأمواج العاتية، ويتمسّك المؤمنون بإيمانهم، ويضعون الخطط الحكيمة للنجاة من ذلك، فمرّة بالكرّ والفرّ واُخرى بالهجمات المتتالية، ويبقى المنافق معرّضاً للعواصف لا يقوى على مصارعتها فينكسر ويتلاشى.

جاء في حديث عن الرّسول (ص) "مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله، ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء، ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز، لا تهتزّ حتّى تستحصد"(56).

وتعني "العزّة" في اللغة العربية القدرة والسلطان غير القابل للتصدّع والتدهور، وقد جعل القرآن الكريم العزّة من الاُمور التي يختصّ بها الله تعالى، كما في الآية العاشرة من سورة فاطر حيث يقول: (من كان يريد العزّة فلله العزّة جميعاً).

ثمّ يضيف القرآن الكريم قائلا: (ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين).

فأولياء الله وأحبّاؤه يقتبسون نوراً من نور الله فيأخذون عزّاً من عزّته، ولهذا فإنّ روايات إسلامية عديدة حذّرت المؤمنين من التنازل عن عزّتهم ونهتهم عن تهيأة أسباب الذلّة في أنفسهم، ودعتهم بإلحاح إلى الحفاظ على هذه العزّة.

فقد ورد في حديث عن الإمام الصادق (ع) في تفسير هذه الآية (ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين).

قال (ع) "المؤمن يكون عزيزاً ولا يكون ذليلا... المؤمن أعزّ من الجبل، إنّ الجبل يستفلّ منه بالمعاول والمؤمن لا يستفلّ من دينه شيء"(57).

وفي حديث آخر له (ع) قال فيه: "لا ينبغي للمؤمن أن يذلّ نفسه.

قيل له: وكيف يذلّ نفسه؟ قال (ع): يتعرّض لما لا يطيق"(58).

وفي حديث ثالث عن الإمام الصادق (ع) جاء فيه: "إنّ الله تبارك وتعالى فوّض إلى المؤمن اُموره كلّها، ولم يفوّض إليه أن يذلّ نفسه، ألم تر قول الله سبحانه وتعالى هاهنا: (ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين).

والمؤمن ينبغي أن يكون عزيزاً ولا يكون ذليلا"(59).

كنّا قد تطرّقنا إلى بحث هذا الموضوع في ذيل الآية (10) سورة فاطر، في هذا التّفسير.