الآيات 20 - 22

﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِى الاَْذَلِّينَ (20) كَتَبَ اللهُ لاََغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِى إِنَّ اللهَ قِوِىٌّ عَزِيزٌ (21) لاَّ تَجِدُوا قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الاَْخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا ءَابَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَنَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَـئِكَ كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ الإيمَـنَ وَأَيَّدَهُم بِرُوح مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّـت تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَـرُ خَـلِدِينَ فِيهَا رَضِىَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَـئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(22)﴾

التّفسير:

حزب الله... والنصر الدائم!!

كان الحديث عن المنافقين وأعداء الله وبيان بعض صفاتهم وخصائصهم في الآيات السابقة، وإستمراراً لنفس البحث - في هذه الآيات التي هي آخر آيات سورة المجادلة - تطرح خصوصيات اُخرى لهم، ويتّضح المصير الحتمي لهم حيث الموت والإندحار، يقول تعالى في البداية: (إنّ الذين يحادّون الله ورسوله اُولئك في الأذلّين) أي أذلّ الخلائق(1).

والآية اللاحقة في الحقيقة دليل على هذا المعنى حيث يقول سبحانه: (كتب الله لأغلبنّ أنا ورسلي إنّ الله قوي عزيز).

وبنفس القدر الذي يكون فيه الله قويّاً عزيزاً فإنّ أعداءه يكونون ضعفاء أذلاّء، وهذا بنفسه بمثابة الدليل على ما ورد في الآية السابقة من وصف الأعداء بأنّهم (في الأذلّين).

والتعبير بـ (كتب) يعني التأكيد على أنّ الإنتصار قطعي.

وجملة "لأغلبنّ" مع (لام التأكيد) و (نون التوكيد الثقيلة)، هي دلالة تأكيد هذا النصر بصورة لا يكون معه أي مجال للشكّ والريبة.

وهذا التشبيه هو نفس الذي ورد في قوله تعالى: (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين، إنّهم لهم المنصورون، وإنّ جندنا لهم الغالبون)(2).

ولقد اتّضح على مرّ العصور هذا الإنتصار للمرسلين الإلهيين في أوجه مختلفة، سواء في أنواع العذاب الذي أصاب أعداءهم وصوره المختلفة كطوفان نوح وصاعقة عاد وثمود والزلازل المدمّرة لقوم لوط وما إلى ذلك، وكذلك في الإنتصارات في الحروب المختلفة كغزوات بدر وحنين وفتح مكّة، وسائر غزوات رسول الإسلام (ص).

وأهمّ من ذلك كلّه إنتصارهم الفكري والمنطقي على أفكار الشيطان وأعداء الحقّ والعدالة، ومن هنا يتّضح الجواب على تساؤل من يقول: إذا كانت هذه الوعود قطعيّة فلماذا إستشهد الكثير من الرسل الإلهيين والأئمّة المعصومين والمؤمنين الحقيقيين دون تحقيق النصر؟

هؤلاء المنتقدين والمتسائين لم يشخّصوا في الحقيقة معنى الإنتصار بصورة صحيحة، فمثلا هل يمكن أن نتصوّر أنّ الإمام الحسين (ع) قد إندحر لأنّه إستشهد في كربلاء هو وأصحابه، في حين نعلم جيّداً بأنّه (ع) قد حقّق هدفه النهائي في فضح بني اُميّة، وبنى صرح العقيدة والحرية، وأعطى الدروس لكلّ أحرار العالم، وإنّه يعتبر الآن زعيم أحرار عالم الإنسانية وسيّد شهداء الدنيا، بالإضافة إلى انتصار خطّه الفكري ومنهجه بين أوساط مجموعة عظيمة من الناس؟(3).

والجدير بالذكر أنّ هذا الإنتصار القطعي ثابت وفقاً للوعد الإلهي بالنصر للسائرين على خطّ الأنبياء والرسالة، وهذا يعني إنتصار مضمون وأكيد من قبل الله تعالى، كما في قوله عزّوجلّ: (إنّا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)(4).

ومن الطبيعي أنّ كلّ من يطلب العون من الله فإنّ الله سوف ينصره، إلاّ أنّه يجب ألاّ ننسى أنّ هذا الوعد الحقيقي لله سبحانه لن يكون بدون قيد أو شرط، حيث أنّ شرطه الإيمان وآثاره، شرطه ألاّ يجد الضعف طريقه إلى نفوسنا، ولا نخاف ولا نحزن من المصائب، ونجسّد قوله تعالى: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)(5).

والشرط الآخر أن نبدأ التغيير من داخل نفوسنا، لأنّ الله تعالى لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم قال تعالى: (ذلك بأنّ الله لم يك مغيّراً نعمة أنعمها على قوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم)(6).

كما يجب أن نوثّق علاقتنا بالسلسلة المرتبطة بالخطّ الإلهي ونوحّد صفوفنا، ونجنّد قوانا ونخلص نيّاتنا، ونكون مطمئنّين بأنّ كلّما كان العدو قويّاً، وكنّا قليلي العدّة والعدد... فإنّنا سننتصر بالجهاد والسعي والتوكّل على الله تعالى.

وذكر بعض المفسّرين أنّ سبب نزول الآية أعلاه أنّ قسماً من المسلمين تنبّأوا أنّ الله سيفتح لهم أرض الروم وفارس، بعد ما شاهدوا بعض قرى الحجاز، إلاّ أنّ المنافقين والمرجفين قالوا لهم: أتتصوّرون أنّ فارس والروم كقرى الحجاز، وأنّ بإمكانهم فتحها، عند ذلك نزلت الآية أعلاه ووعدتهم بالنصر.

آخر آية مورد البحث - والتي هي آخر آية من سورة المجادلة - تعدّ من أقوى الآيات القرآنية التي تحذّر المؤمنين من إمكانية الجمع بين حبّ الله وحبّ أعدائه، إذ لابدّ من إختيار طريق واحد لا غير، وإذا ما كانوا حقّاً مؤمنين صادقين فعليهم إجتناب حبّ أعداء الله، يقول تعالى: (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخرين يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو اخوانهم أو عشيرتهم).

نعم، لا يجتمع حبّان متضادّان في قلب واحد، والذين يدّعون إمكانية الجمع بين الإثنين، فإنّهم إمّا ضعفاء الإيمان أو منافقون، ولذلك نلاحظ في الغزوات الإسلامية أنّ جمعاً من أقرباء المسلمين كانوا في صفّ المخالفين والأعداء، ومع ذلك قاتلهم المسلمون حتّى قتلوا قسماً منهم.

إنّ حبّ الآباء والأبناء والاُخوان والعشيرة شيء ممدوح، ودليل على عمق العواطف الإنسانية، إلاّ أنّ هذه المحبّة حينما تكون بعيدة عن حبّ الله فإنّها ستفقد خاصيّتها.

وطبيعي أنّ من يتعلّق بهم الإنسان ليس مختصاً بالأقسام الأربعة التي إستعرضتها الآية الكريمة، ولكن هؤلاء أقرب عاطفياً من غيرهم للإنسان، وبملاحظة الموقف من هؤلاء سيتّضح الموقف من الآخرين.

ولذلك لم يأت الحديث عن الزوجات والأموال والتجارة والممتلكات، في حين أنّ ذلك قد لوحظ في الآية (24) من سورة التوبة، حيث يقول سبحانه: (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم واخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبّ إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله حتّى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين).

والسبب الآخر في عدم ذكر المتعلّقات الاُخرى بالإنسان في الآية مورد البحث، هو ما ورد في سبب نزول الآية الكريمة والتي من جملتها أنّ "حاطب بن أبي بلتعة" كتب رسالة إلى أهل مكّة ينذرهم بقدوم رسول الله إليهم، ولمّا إنكشفت الوشاية وعرف أنّ حاطب بن أبي بلتعة وراء هذا الأمر، إعتذر قائلا: "أهلي بمكّة أحببت أن يحوطوهم بيد تكون لي عندهم"(7).

وقيل: إنّ هذه الآية قد نزلت بشأن "عبدالله بن أُبي"، الذي كان له ولد مؤمن أراد الخير لأبيه، حيث رأى رسول الله (ص) يوماً يشرب الماء، فطلب من رسول الله سؤره المتبقّي في الإناء ليعطيه لأبيه، عسى أن يطهّر قلبه، إلاّ أنّ الأب إمتنع من شربه وتجاسر على رسول الله.

عند ذلك جاء الولد يطلب من رسول الله الإذن في قتل أبيه، فلم يسمح له (ص) بذلك وقال: "بل ترفّق به" يداريه، (وأن يتبرّأ من أعماله في قلبه).

ثمّ يتطرّق القرآن الكريم إلى الجزاء العظيم لهذه المجموعة التي سخّرت قلوبها لعشق الله تعالى، حيث يستعرض خمسة من أوصافهم والتي يمثّل بعضها مدداً وتوفيقاً من الله تعالى، والآخر نتيجة العمل الخالص له سبحانه... وفي بيان القسم الأوّل والثاني يقول تعالى: (اُولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيّدهم بروح منه).

ومن الطبيعي أنّ هذا الإمداد واللطف الإلهي لا يتنافى أبداً مع أصل حرية الإرادة وإختيار الإنسان، لأنّ الخطوات الاُولى في ترك أعداء الله قد قرّرها المؤمنون إبتداءً، ثمّ جاء الإمداد الإلهي بصورة إستقرار الإيمان حيث عبّر عنه بـ (كتب).

هل هذه الروح الإلهية التي يؤيّد الله سبحانه المؤمنين بها هي تقوية الاُسس الإيمانية، أو أنّها الدلائل العقلية، أو القرآن، أو أنّها ملك إلهي عظيم يسمّى بالروح؟ ذكرت لذلك إحتمالات وتفاسير مختلفة، إلاّ أنّه يمكن الجمع بينهما، وخلاصة الأمر أنّ هذه الروح نوع من الحياة المعنوية الجديدة التي أفاضها الله تعالى على المؤمنين.

ويقول تعالى في ثالث مرحلة: (ويدخلهم جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها).

ويضيف في رابع مرحلة لهم: (رضي الله عنهم ورضوا عنه).

إنّ أعظم ثواب معنوي وجزاء روحاني لأصحاب الجنّة في مقابل النعم الماديّة العظيمة في القيامة من جنان وحور وقصور هو شعورهم وإحساسهم أنّ الله راض عنهم وأنّ رضى مولاهم ومعبودهم يعني أنّهم مقبولون عنده، وفي كنف حمايته وأمنه، حيث يجلسهم على بساط قربه، وهذا أعظم إحساس ينتابهم، ونتيجته رضاهم الكامل عن الله سبحانه.

نعم، لا تصل أي نعمة إلى هذا الرضا ذي الجانبين المادّي والمعنوي، والذي هو مفتاح للهبات والعطايا الإلهية الاُخرى، لأنّه سبحانه عندما يرضى عن عبد فإنّه يعطيه ما يطلب منه، فهو القادر والكريم.

وما أروع التعبير القرآني: (رضي الله عنهم ورضوا عنه) أي أنّ مقامهم رفيع إلى درجة بحيث أنّ أسماءهم تكون مقترنة باسمه، ورضاهم إلى جانب رضاه تعالى.

وفي آخر مرحلة يضيف تعالى بصورة إخبار عام يحكي عن نعم وهبات اُخرى حيث يقول: (اُولئك حزب الله ألا إنّ حزب الله هم المفلحون).

وليس المقصود بالفلاح هنا ما يكون في عالم الآخرة ونيل النعم المادية والمعنوية في يوم القيامة فحسب، بل كما جاء في الآيات السابقة أنّ الله تعالى ينصرهم بلطفه في هذه الدنيا أيضاً على أعدائهم وستكون بأيديهم حكومة الحقّ والعدل التي تستوعب هذا العالم أخيراً

ملاحظات

1 - العلامة الفارقة بين حزب الله وحزب الشيطان

اُشير في القرآن الكريم إلى حزب الله بآيتين، الآية مورد البحث، والآية (56) من سورة المائدة، وقد أشار في آية واحدة إلى حزب الشيطان، وفي كلا الآيتين التي تحدّث فيهما عن حزب الله، أكّد على مسألة "الحبّ في الله والبغض في الله" وموالاة أهل الحقّ.

ففي آية سورة المائدة وبعد بيان مسألة الولاية والحكم ووجوب طاعة الله وطاعة الرّسول، وطاعة الذين أعطوا الزكاة في صلاة (الإمام علي (ع)) يقول سبحانه: (ومن يتولّ الله ورسوله والذين آمنوا فإنّ حزب الله هم الغالبون).

وفي الآيات مورد البحث - أيضاً - أكّد سبحانه على قطع (الودّ) مع أعداء الله، وبناءً على هذا فإنّ خطّ "حزب الله" هو خطّ الولاية نفسه، والبراءة من غير الله ورسوله وأوصيائه.

وفي المقابل عندما يصف "حزب الشيطان"، الذي اُشير إليه في الآيات الآنفة الذكر من هذه السورة، فإنّ أهمّ ميزة لهم هي النفاق وعداء الحقّ والكذب والمكر، ونسيان ذكر الله.

والنقطة الجديرة بالذكر هنا قوله سبحانه: (فإنّ حزب الله هم الغالبون) وفي مورد آخر يقول سبحانه: (ألا إنّ حزب الله هم المفلحون) وبالنظر إلى أنّ الفلاح يقترن دائماً مع النصر والغلبة، لذا فإنّ معنى الآيتين واحد مع وجود قيد، هو أنّ للفلاح مفهوماً أعمق من مفهوم الغلبة، لأنّه يشخّص مسألة الوصول إلى الهدف أيضاً.

على عكس حزب الشيطان، حيث وصفهم سبحانه بالهزيمة والخيبة وعدم الموفّقية في برامجهم والتخلّف عن أهدافهم.

إنّ مسألة الولاية بالمعنى الخاصّ، ومسألة الحبّ في الله والبغض في الله بالمعنى العامّ، ورد التأكيد عليهما في كثير من الروايات الإسلامية حتّى أنّ الصحابي الجليل سلمان الفارسي قال لأمير المؤمنين (ع): ياأبا الحسن، ما اطلعت على رسول الله إلاّ ضرب بين كتفي، وقال ياسلمان "هذا - وأشار إلى الإمام علي - وحزبه هم المفلحون"(8).

وحول المورد الثاني - يعني الولاية نقرأ في حديث عن الرّسول الكريم(ص): "ودّ المؤمن للمؤمن في الله من أعظم شعب الإيمان"(9).

وجاء في حديث آخر أنّه: "قال الله تعالى لموسى: هل علمت فيّ عملا قطّ، قال: صلّيت لك، وصمت وتصدّقت، وذكرت لله.

قال الله تبارك وتعالى: وأمّا الصلاة فلك برهان، والصوم جنّة، والصدقة ظلّ والزكاة والذكر نور، فأي عمل عملت لي؟ قال موسى (ع): دلّني على العمل الذي هو لك.

قال ياموسى: هل واليت ليّ وليّاً؟ وهل عاديت لي عدوّاً قطّ، فعلم موسى أنّ أفضل الأعمال الحبّ في الله والبغض في الله"(10).

وجاء في حديث آخر عن الإمام الصادق (ع): "لا يمحّض رجل الإيمان في الله حتّى يكون الله أحبّ إليه من نفسه وأبيه واُمّه وولده وأهله وماله ومن الناس كلّهم"(11).

كما توجد روايات كثيرة حول هذا الموضوع في جانبه الإيجابي (حبّ أولياء الله) وكذلك الجانب السلبي (البغض لأولياء الله) ويطول بنا ذكرها هنا، ومن المناسب أن ننهي الحديث عنها بحديث عن الإمام الصادق (ع) حيث يقول: "إذا أردت أن تعلم انّ فيك خيراً فانظر إلى قلبك، فإن كان يحبّ أهل طاعة الله عزّوجلّ ويبغض أهل معصيته، ففيك خير والله يحبّك، وإن كان يبغض أهل طاعة الله ويحبّ أهل معصيته فليس فيك خير والله يبغضك، والمرء مع من أحبّ"(12).

2 - جزاء الحبّ في الله والبغض في الله

رأينا في الآيات أعلاه أنّ الله تعالى يثيب الأشخاص الذين يجعلون أساس كلّ علاقة وودّ هو الحبّ المرتبط بالله، ومن هنا يحبّون أحبّاء الله ويعادون أعداءه، وهذا الجزاء العظيم يكون على خمسة أنواع، ثلاثة في الدنيا، وإثنان في يوم القيامة.

وأوّل هذه النعم في عالم الدنيا هو إستقرار وثبات إيمانهم، حيث يجعل الإيمان في قلوبهم بحيث لا تستطيع الحوادث والأعاصير أن تؤثّر عليه، ومضافاً إلى ذلك فإنّ الله تعالى يؤيّدهم ويقوّيهم بروحية متسامية، وفي المرحلة الثالثة

يجعلهم في حزبه وينصرهم على أعدائه.

كما يمنحهم في الآخرة جنّة خالدة مع جميع نعمها، وبالإضافة إلى ذلك فإنّه يعلن عن رضاه المطلق عنهم.

وجاء في حديث للإمام الصادق (ع) بهذا الصدد: "ما من مؤمن إلاّ ولقلبه اُذنان في جوفه، اُذن ينفذ فيها الوساوس الخنّاس، واُذن ينفذ فيها الملك، فيؤيّد الله المؤمن بالملك فذلك قوله: (وأيّدهم بروح منه)"(13).

وفي حديث آخر عن الإمام الباقر (ع) في تفسيره لكلام الرّسول (ص) حيث قال: "إذا زنى الرجل فارقه روح الإيمان" قال (ع): "هذه روح الإيمان التي ذكرها الله في كتابه حيث يقول: (وأيّدهم بروح منه)"(14).

ويتّضح من الأحاديث أعلاه سعة معنى "روح الإيمان" وشمولها للملك والمرتبة العالية للروح الإنسانية، وفي الضمن توضّح هذه الحقيقة وهي أنّ وجود هذه المرحلة من الإيمان للإنسان يمنعه من التلوّث بالمعاصي كالزنا وشرب الخمر وأمثالها، حيث تصبح لديه حصانة تمنعه من ذلك.

آمين ياربّ العالمين

نهاية سورة المجادلة


1- "يوم" ظرف ومتعلّق بـ (اذكر) المحذوفة، أو متعلّق بما قبله يعني "لهم عذاب مهين"، أو "اُولئك أصحاب النار"، إلاّ أنّ الإحتمال الأوّل أنسب.

2- اُصول الكافي مطابق لنقل نور الثقلين، ج5 ص267.

3- تفسير نور الثقلين، ج5، ص266.

4- "يحادّون" من مادّة (محادّة) بمعنى الحرب المسلّح وغير المسلّح، أو بمعنى الممانعة (وقد أعطينا توضيحاً آخر في هذا المجال في نهاية الآية (5) من نفس السورة).

5- الصافات، الآية 171، 173.

6- للتوضيح الأشمل في هذا المجال يراجع تفسير الآية (171) من سورة الصافات.

7- المؤمن، الآية 51.

8- آل عمران، الآية 139.

9- الأنفال، الآية 53.

10- مجمع البيان، ج9، ص255.

11- نقل هذا الحديث في تفسير البرهان عن كتب أهل السنّة (البرهان ج4 ص312).

12- اُصول الكافي ج2 باب الحبّ في الله حديث3.

13- سفينة البحار ج1 ص201.

14- سفينة البحار، ج1، ص201.