سُورَة الحَديد

مدنيّة وعَدَدُ آيَاتِها تِسع وعشرون آية

"سورة الحديد"

محتوى السورة:

نزلت هذه السورة في المدينة، وادّعى البعض الإجماع على ذلك، لذا فإنّ خصائصها هي نفس خصائص السور المدنية، فإنّها بالإضافة إلى تحكيم الضوابط العقائدية فإنّها تستعرض تعليمات عملية عديدة خصوصاً في المجالات الإجتماعية والحكومية، كما نشاهد نماذج لذلك في الآيات (10، 11، 25) من هذه السورة.

ونستطيع أن نقسّم موضوعات هذه السورة إلى سبعة أقسام:

الأوّل: الآيات الاُولى من هذه السورة لها بحث جامع ولطيف حول التوحيد وصفات الله تعالى، وتذكّر ما يقرب من عشرين صفة من الصفات الإلهية، حيث تجعل الإنسان المدرك لها في مستوى عال من المعرفة الإلهيّة.

الثاني: يتحدّث عن عظمة القرآن، هذا النور الإلهي الذي أشرق في ظلمات الشرك.

الثالث: يستعرض وضع المؤمنين والمنافقين في يوم القيامة، حيث أنّ القسم الأوّل يأخذ طريقه إلى الجنّة في ظلّ نور إيمانهم، والقسم الثاني يبقى في ظلمات الشرك والكفر، وبهذا تعكس السورة في أبحاثها الاُصول الإسلامية الثلاثة: التوحيد والنبوّة والمعاد.

الرابع: تتحدّث الآيات فيه عن الدعوى إلى الإيمان والخروج من الشرك، وعن مصير الأقوام الضالّة من الاُمم السابقة.

الخامس: جزء مهمّ من هذه السورة يتحدّث حول الإنفاق في سبيل الله، وخصوصاً في تقوية اُسس الجهاد في سبيل الله، وأنّ مال الدنيا ليس له وزن وقيمة.

السادس: في قسم قصير من الآيات - إلاّ أنّه واف ومستدلّ - يأتي الحديث عن العدالة الإجتماعية والتي هي إحدى الأهداف الأساسية للأنبياء.

السابع: وفيه تتحدّث الآيات عن سلبية الرهبانية والإنزواء الإجتماعي وأنّ ذلك يمثّل إبتعاداً عن الخطّ الإسلامي.

ومن الطبيعي أنّ بين ثنايا هذه البحوث وردت نقاط اُخرى متناسبة شكلت في النهاية مجموعة إتّجاهات بنّاءة في مجال الإيقاظ والهداية.

وبالضمن فإنّ تسمية هذه السورة بـ (سورة الحديد) هو لما جاء في الآية 25 من السورة من ذكر كلمة الحديد.

فضيلة تلاوة سورة الحديد:

وردت في الروايات الإسلامية نقاط جديرة بالملاحظة حول فضيلة تلاوة سورة الحديد، وممّا لا شكّ فيه أنّ المقصود في التلاوة هي تلاوة التدبّر والتفكّر الذي يكون توأماً، مع العمل.

قال رسول الله (ص): (من قرأ سورة الحديد كتب من الذين آمنوا بالله ورسوله)(1).

ونقل في حديث آخر عن الرّسول الأكرم (ص) أنّه كان يتلو (المسبّحات) قبل النوم (والمسبّحات هي السور التي تبدأ بـ (سبّح لله، أو يسبّح لله.

وهي خمس سور: سورة الحديد والحشر والصفّ والجمعة والتغابن) ويقول: "إنّ فيهنّ آية أفضل من ألف آية"(2).

وطبيعي أنّ الرّسول الأعظم (ص) لم يعيّن هذه الآية، إلاّ أنّ بعض المفسّرين إحتمل أن تكون آخر آية في سورة الحشر، بالرغم من عدم وجود دليل واضح على هذا المعنى(3).

ونقرأ حديثاً عن الإمام الباقر (ع) أنّه قال: (من قرأ المسبّحات كلّها قبل أن ينام لم يمت حتّى يرى القائم، وإن مات كان في جوار رسول الله).


1- جاء هذا التعبير في إنجيل عربي طبع في لندن في مطبعة ويليام وطسس سنة 1857م.

2- إنجيل يوحنا باب 14، جملة16.

3- إنجيل يوحنا، باب15، جملة26.