سُورَة النَّجم
مكّية وعَدَدُ آيَاتِها اثنان وَسَبعُون آية
محتوى السّورة
هذه السورة كما يقول بعض المفسّرين هي أوّل سورة تلاها النّبي جهراً وبصوت عال في حرم مكّة بعد أن أضحت دعوته علناً .. وأصغى إليها المشركون وسجد لها جميع المسلمين حتّى المشركون(1).
وهذه السورة كما يعتقد بعض المفسّرين نزلت في شهر رمضان من السنة الخامسة للبعثة(2)!
وقال بعضهم إنّ هذه السورة هي السورة الاُولى التي نزلت فيها سجدة واجبة بمكّة(3).
لكن مع ملاحظة أنّ سورة العلق كما هو معروف نزلت قبلها وفي آخرها آية سجدة واجبة فإنّ هذا القول يبدو بعيداً.
وعلى كلّ حال، فإنّ هذه السورة - لكونها مكيّة - تحمل بين ثناياها بحوثاً في الاُصول الإعتقادية خاصّة "النبوّة والمعاد" وفيها تهديد ووعيد وإنذارات مكرّرة لإيقاظ الكفّار وردعهم عن غيّهم!.
ويمكن تقسيم محتوى هذه السورة إلى سبعة أقسام:
1 - بداية السورة تتحدّث بعد القَسَم العميق المغزى.
عن حقيقة الوحي وإتّصال النّبي (ص) مباشرةً بمُنزل الوحي "جبريل" وتبيّن ذلك بجلاء، وتبرىء ساحة النّبي المقدّسة عن كلّ شيء سوى الوحي المنزل عليه.
2 - وفي قسم آخر من هذه السورة يجري الكلام على معراج الرّسول (ص)وجوانب منه بعبارات موجزة وغزيرة المعنى، له علاقة مباشرة بالوحي أيضاً.
3 - ثمّ يجري الكلام عن خرافات المشركين في شأن الأصنام وعبادة الملائكة واُمور اُخر ليس لها أي أساس إلاّ الهوى والهوس، ويعنّف المشركين في هذا المجال ويحذّرهم من عبادة الأوثان ويثبت هذا المعنى بمنطق قوي متين.
4 - وفي قسم آخر منها يفتح القرآن سبيل التوبة بوجه المنحرفين وعامّة المذنبين، ويؤمّلهم بمغفرة الله الواسعة، ويؤكّد على أنّ كلاًّ مسؤول عن عمله، ولا تزر وازرة وزر اُخرى.
5 - وإكمالا لهذه الأهداف يأتي القسم الخامس من هذه السورة ليبيّن جوانب من مسألة - المعاد - ويقيم دليلا واضحاً على هذه المسألة بما هو موجود في النشأة الاُولى - الدنيا - .
6 - وكعادة القرآن في سائر السور ترد في هذه السورة إشارات لعواقب الاُمم المؤلمة لعداوتهم للحقّ وعنادهم - كما حدث لقوم نوح وثمود وعاد وقوم لوط ليتيقّظ الغافلون من نومتهم عن هذا الطريق.
7 - وأخيراً فإنّ السورة تختتم بالأمر بالسجود لله وعبادته، ومن إمتيازات هذه السورة قِصَرُ آياتها وإيقاع آياتها الخاصّ الذي ينفذ - بمفاهيمها - نفوذاً عميقاً، فيوقظ قلوب الغافلين ويحملها معه إلى السماوات العلى.
وتسمية هذه السورة بـ "النجم" هي لورود هذا اللفظ في الآية الاُولى من السورة ذاتها.
فضيلة تلاوة هذه السورة
وردت في الرّوايات الإسلامية فضائل مهمّة لتلاوة هذه السورة، ففي حديث عن الرّسول (ص) أنّه قال: "من قرأ سورة النجم اُعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من صدّق بمحمّد ومن جحد به"(4).
ونقرأ في بعض الرّوايات عن الإمام الصّادق (ع) أنّه قال: "من كان يدمن قراءة "والنجم" في كلّ يوم أو في كلّ ليلة عاش محموداً بين الناس وكان مغفوراً له وكان محبّباً بين الناس"(5).
ومن المسلّم به أنّ مثل هذا الثواب العظيم هو لاُولئك الذين يتّخذون تلاوة هذه السورة وسيلة للتفكير، ثمّ العمل، وأن يطبّقوا تعليمات هذه السورة على أنفسهم في حياتهم.
1- مجمع البيان، ج9، ص170.
2- بحار الأنوار، ج92، ص305.
3- الثريا مجموعة النجوم السبعة التي ستّة منها واضحة وواحد منها خافت النور وعادةً يختبر بها قوّة البصر فيمتحن الناس بالنظر إليها، والقسم بهذه المجموعة من النجوم لعلّه لمسافتها البعيدة عنّا ..
4- "الشعري": واحد من نجوم السماء واللامعة وسيأتي البحث عن هذا النجم ذي ذيل الآية (49) من هذه السورة ذاتها بإذن الله، والقسم بهذا النجم لعلّه لإشراقه الشديد ولخصائصه المتميّز بها.
5- الأنعام، الآية 76.