الآيات 19 - 22
﴿وَجَآءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِى الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْس مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَّقَدْ كُنتَ فِى غَفْلَة مِّنْ هَـذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)﴾
التّفسير
القيامة - والبصر الحديد ـ:
تعكس الآيات أعلاه مسائل اُخرى تتعلّق بيوم المعاد: "مشهد الموت" و "النفخ في الصور" و "مشهد الحضور في المحشر"!
فتقول أوّلا: (وجاءت سكرة الموت بالحقّ).
سكرة الموت: هي حال تشبه حالة الثمل السكران إذ تظهر على الإنسان بصورة الإضطراب والإنقلاب والتبدّل، وربّما إستولت هذه الحالة على عقل الإنسان وسلبت شعوره وإختياره.
وكيف لا تكون كذلك مع أنّ الموت مرحلة إنتقالية مهمّة ينبغي أن يقطع الإنسان فيها جميع علائقه بالدنيا التي تعلّق بها خلال سنين طويلة، وأن يخطو في عالم جديد عليه مليء بالأسرار، خاصّة أنّ الإنسان - لحظة الموت - يكون عنده إدراك جديد وبصر حديد - فهو يلاحظ عدم إستقرار هذا العالم بعينيه ويرى الحوادث التي بعد الموت، وهنا تتملّكه حالة الرعب والإستيحاش من قرنه إلى قدمه فتراه سَكِراً وليس بسكر(1).
حتّى الأنبياء وأولياء الله الذين يواجهون حالة النزع والموت بإطمئنان كامل ينالهم من شدائد هذه الحالة نصيب، ويصابون ببعض العقبات في حالة الإنتقال، كما قد ورد في حالات إنتقال روح النّبي الأكرم (ص) إلى بارئها عند اللحظات الأخيرة من عمره الشريف المبارك أنّه كان يدخل يده في إناء فيه ماء ويضعها على وجهه ويقول: (لا إله إلاّ الله) ثمّ يقول: (إنّ للموت سكرات)(2).
وللإمام علي كلام بليغ يرسم لحظة الموت وسكراتها بعبارات حيّة بليغة إذ يقول: "إجتمعت عليهم سكرت الموت وحسرت الفوت ففترت لها أطرافهم وتغيّرت لها ألوانهم ثمّ إزداد الموت فيهم ولوجاً فحيل بين أحدهم ومنطقه وانّه لبيّن أهله ينظر ببصره ويسمع باُذنه على صحّة من عقله وبقاء من لبّه يفكّر فيم أفنى عمره؟ وفيم أذهب دهره؟ ويتذكّر أموالا جمعها أغمض في مطالبها وأخذها من مصرحاتها ومشتبهاتها قد لزمته تبعات جمعها وأشرف على فراقها تبقى لمن وراءه ينعمون فيها ويتمتّعون بها"(3).
كما أنّ هذا المعلّم الكبير ينذر في مكان آخر البشرية فيقول: "إنّكم لو عاينتم ما قد عاين من مات منكم لجزعتم ووهلتم وسمعتم وأطعتم ولكن محجوب عنكم ما قد عاينوا وقريب ما يطرح الحجاب"(4).
ثمّ يضيف القرآن في ذيل الآية قائلا: (ذلك ما كنت منه تحيد)(5) أجل إنّ الموت حقيقة يهرب منها أغلب الناس لأنّهم يحسبونه فناءً لا نافذةً إلى عالم البقاء، أو أنّهم لعلائقهم وإرتباطاتهم الشديدة بالدنيا والمواهب المادية التي لهم فيها لا يستطيعون أن يصرفوا قلوبهم عنها، أو لسواد صحيفة أعمالهم.
أيّاً كان فهم منه يهربون ..
ولكن ما ينفعهم ومصيرهم المحتوم في إنتظار الجميع ولا مفرّ لأحد منه، ولابدّ أن ينزلوا إلى حفرة الموت ويقال لهم هذا ما كنتم منه تفرّون!!.
وقائل هذا الكلام ربّما هو الله أو الملائكة أو الضمائر اليقظة أو الجميع!.
والقرآن بيّن هذه الحقيقة في آيات اُخر كما هو في الآية (78) من سورة النساء إذ يقول: (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيّدة)!.
وقد ينسى الإنسان المغرور جميع الحقائق التي يراها باُمّ عينيه على أثر حبّ الدنيا وحبّ الذات حتّى يبلغ درجةً يقسم فيها أنّه خالد كما يقول القرآن في هذا الصدد: (أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال).
ولكن سواء أقسم أم لم يقسم، وصدّق أم لم يصدّق فإنّ الموت حقيقة تحدق بالجميع وتحيق بهم ولا مفرّ لهم منها.
ثمّ يتحدّث القرآن عن النفخ في الصور فيقول: (ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد).
والمراد من "النفخ في الصور" هنا هو النفخة الثانية، لأنّه كما نوّهنا آنفاً فإنّ الصور ينفخ فيه مرّتين: فالنفخة الاُولى تدعى بنفخة الفَزَع أو الصعَق وهي التي تكون في نهاية الدنيا ويموت عند سماعها جميع الخلق ويتلاشى نظام العالم الدنيوي، والنفخة الثانية هي نفخة "القيام والجمع والحضور" وتكون في بداية البعث والنشور والقيامة وبها يحيى الناس جميعهم ويخرجون "وينسلون" من الأجداث والقبور إلى ربّهم وحساب "عدله" وجزائه.
"النفخ" معناه معروف، و "النفخة" بمعنى المرّة منه، و "الصور" هو المزمار أو "البوق" والذي يستعمل في القضايا العسكرية عادةً لجمع الجنود أو تفريقهم أو الإستعداد أو الذهاب للراحة والنوم، وإستعماله في صور إسرافيل نوع من الكناية والتشبيه "وقد بيّنا تفصيل هذا الموضوع في ذيل الآية 68 من سورة الزمر".
وعلى كلّ حال، فمع الإلتفات وملاحظة جملة "ذلك يوم الوعيد" يتّضح أنّ المراد من نفخة الصور هنا هو النفخة الثانية ويوم النشور والقيامة.
وفي الآية التالية بيان لحال الناس يوم المحشر بهذه الصورة: (وجاءت كلّ نفس معها سائق وشهيد).
فالسائق يسوقه نحو محكمة عدل الله، والشهيد يشهد على أعماله! وهي كمحاكم هذا العالم إذ يسوق المأمورون المتّهمين ويأتون معهم للمحكمة ويشهد عليهم الشهود.
وإحتمل بعض المفسّرين أنّ السائق هو من يسوق الصالحين نحو الجنّة والطالحين نحو جهنّم، ولكن مع ملاحظة كلمة "الشهيد" معها يكون المعنى الأوّل وهو السوق نحو محكمة عدل الله أنسب.
ولكن من هما السائق والشهيد؟ أهما "ملكان" من الملائكة أو سواهما، هناك تفاسير متعدّدة.
قال بعضهم: إنّ "السائق" هو الملك الذي يكتب الحسنات، و"الشهيد" هو الملك الذي يكتب السيّئات، فيكون المراد بهما الملكين الوارد ذكرهما في الآيات المتقدّمة.
ويستفاد من بعض الرّوايات أنّ "السائق" ملك الموت و "الشهيد" رسول الله (ص) ولكن هذه الرّواية مع ملاحظة لحن الآيات تبدو ضعيفة.
وقال بعضهم: "السائق" الملك الذي يسوق كلّ إنسان و "الشهيد" عمل الإنسان.
كما قيل أنّ "السائق" ملك و "الشهيد" أعضاء جسم الإنسان أو صحيفة أعماله أو الكتاب الذي في عنقه.
ويحتمل أنّ السائق والشهيد ملك واحد، وعطف اللفظين بعضهما على الآخر هو لإختلاف الوصفين، أي أنّ مع الإنسان ملكاً يسوقه إلى محكمة عدل الله ويشهد عليه أيضاً.
إلاّ أنّ أغلب هذه التفاسير مخالف لظاهر الآية، وظاهر الآية كما فهم منه أغلب المفسّرين أنّ ملكين يأتيان مع كلّ إنسان، فواحد يسوقه والآخر يشهد على أعماله.
ومن الواضح أنّ شهادة بعض الملائكة لا تنفي وجود شهادة اُخرى لبعض الشهود في يوم القيامة، الشهود الذين هم من قبيل الأنبياء وأعضاء البدن، وصحائف الأعمال والزمان والمكان الذين وقع عمل الإنسان فيهما أو أثم فيهما.
وعلى كلّ حال فالملك الأوّل يمنع الإنسان عن الفرار، والملك الثاني يمنع عن الإنكار، وهكذا فإنّ كلّ إنسان في ذلك اليوم مبتلى بأعماله ولا مفرّ له من جزاء أعماله أبداً.
وهنا يخاطب المجرمون أو جميع الناس (فرداً فرداً) فيقال: (لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد).
أجل، إنّ أستار عالم المادّة من الآمال والعلاقة بالدنيا والأولاد والمرأة والأنانية والغرور والعصبية والجهل والعناد وحبّ الذات لم تكن تسمح أن تنظر إلى هذا اليوم مع وضوح دلائل المعاد والنشور، فهذا اليوم ينفض عنك غبار الغفلة، وتماط عنك حجب الجهل والتعصّب واللجاجة، وتنشقّ أستار الشهوات والآمال، وما كان مستوراً وراء حجاب الغيب يبدو ظاهراً اليوم، لأنّ هذا اليوم يوم البروز ويوم الشهود ويوم تبلى السرائر!
ولذلك فقد وجدت عيناً حادّة البصر ويمكن أن تدرك جميع الحقائق بصورة جيّدة.
أجل، إنّ وجه الحقيقة لم يكن مخفياً ولا لثام على جمال الحبيب، ولكن ينبغي أن ينفض غبار الطريق ليمكن رؤيته.
إلاّ أنّ الغرق في بحر الطبيعة والإبتلاء بأنواع الحجب لا يسمحان للإنسان أن يرى الحقائق بصورة واضحة، لكنّه في يوم القيامة حيث تنقطع كلّ هذه العلائق فمن البديهي أن يحصل للإنسان إدراك جديد ونظرة ثاقبة، وأساساً فإنّ يوم القيامة يوم الظهور وبروز الحقائق!
حتّى في هذه الدنيا إستطاع البعض تخليص أنفسهم من قبضة الأهواء واتّباع الشهوات وأن يلقوا الحجب عن عيون قلوبهم لرزقوا بصراً حديداً يرون به الحقائق، أمّا أبناء الدنيا فمحرومين منه.
وينبغي الإلتفات إلى أنّ الحديد نوع من المعدن كما يطلق على السيف والمُدية، ثمّ توسّعوا فيه فأطلقوه على حدّة البصر وحدّة الذكاء، ومن هنا يظهر أنّ المراد بالبصر ليس العين الحقيقية الظاهرة، بل بصر العقل والقلب.
يقول الإمام علي (ع) في أولياء الله في أرضه: "هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين واستلانوا ما استعوره المترفون وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلّقة بالمحل الأعلى اُولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه"(6).
بحوث
1 - حقيقة الموت
يتصوّر أغلب الناس أنّ الموت أمر عدمي ومعناه الفناء، إلاّ أنّ هذه النظرة لا تنسجم مع ما ورد في القرآن المجيد وما تدلّ عليه الدلائل العقلية ولا توافقها أبداً.
فالموت في نظر القرآن أمر وجودي، وهو إنتقال وعبور من عالم إلى آخر، ولذلك عُبّر عن الموت في كثير من الآيات بـ "تُوفّي" ويعني تسلّم الروح وإستعادتها من الجسد بواسطة الملائكة.
والتعبير في الآيات المتقدّمة (وجاءت سكرة الموت بالحقّ) هو إشارة إلى هذا المعنى(7) أيضاً، وقد جاء في بعض الآيات التعبير عن الموت بالخلق: (الذي خلق الموت والحياة) (الملك - 2).
وهناك تعبيرات متعدّدة عن حقيقة الموت في الرّوايات الإسلامية، ففي رواية أنّ الإمام علي بن الحسين سئل: ما الموت؟ فقال (ع): "للمؤمن كنزع ثياب وسخة قملة وفكّ قيود وأغلال ثقيلة والإستبدال بأفخر ثياب وأطيبها روائح وأوطىء المراكب وآنس المنازل وللكافر كخلع ثياب فاخرة والنقل عن منازل أنيسة والإستبدال بأوسخ الثياب وأخشنها وأوحش المنازل وأعظم العذاب".
وسئل الإمام محمّد بن علي(ع) السؤال الآنف ذاته فقال: "هو النوم الذي يأتيكم كلّ ليلة إلاّ أنّه طويل مدّته لا ينتبه منه إلاّ يوم القيامة"(8).
وقد قلنا في المباحث المتعلّقة بالبرزخ أنّ حالات الأشخاص متفاوتة في البرزخ، فبعضهم كأنّهم يغطّون في نوم عميق، وبعضهم "كالشهداء في سبيل الله والمؤمنين الراسخين" ينعّمون بأنواع النعم بينما يعذّب الأشقياء والجبابرة بعذاب الله الأليم!
وقد بيّن الإمام الحسين (ع) لأصحابه حقيقة الموت يوم عاشوراء عند إشتداد المأزق والقتال بتعبير لطيف بليغ فقال: "صبراً بني الكرام، فما الموت إلاّ قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضرّاء إلى الجنان الواسعة، والنِعم الدائمة، فأيّكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر وما هو لأعدائكم إلاّ كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب إنّ أبي حدّثني عن رسول الله إنّ الدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر والموت جسر هؤلاء إلى جنانهم وجسر هؤلاء إلى جحيمهم"(9)..
ونقرأ في حديث آخر أنّ الإمام موسى بن جعفر (ع) دخل على رجل يعاني سكرات الموت ولم يُكلّم أحداً، فسأل الحاضرون الإمام موسى بن جعفر: يابن رسول الله وددنا لو عرفنا كيف الموت وكيف هو حال صاحبنا؟
فقال (ع): "الموت هو المصفاة يصفّي المؤمنين من ذنوبهم فيكون آخر ألم يصيبهم كفّارة آخر وزر بقي عليهم ويصفّي الكافرين من حسناتهم فيكون آخر لذّة أو راحة تلحقهم وهو آخر ثواب حسنة تكون لهم، وأمّا صاحبكم هذا فقد نخل من الذنوب نخلا وصفّي من الآثام تصفية وخلص حتّى نقي كما ينقّى الثوب من الوسخ وصلح لمعاشرتنا أهل البيت في دارنا دار الأبد"(10).
2 - سكرات الموت
كان الكلام في الآيات الآنفة على سكرات الموت، وقلنا أنّ "السكرات" جمع سكرة، ومعناها الحالة التي تشبه حالة الثمل على أثر إشتداد حالة الإنسان فيضطرب منها فيرى سِكراً وليس بِسَكِر!
صحيح أنّ الموت هو للمؤمنين بداية إنتقال إلى عالم أوسع مليء بمواهب الله، إلاّ أنّه مع ذلك فإنّ هذه الحالة الإنتقالية ليست سهلة لأي إنسان، لأنّ روحه تطبّعت مع البدن سنين طوالا وإرتبطت به.
ولذلك فإنّه حين يسأل الإمام الصادق (ع) عن سبب إضطراب الجسد حين خروج الروح منه يجيب: لأنّه نما عليها البدن(11).
وهذا يشبه تماماً حالة قلع السنّ الفاسد من اللثّة، فإنّه عند قلعه يحسّ الإنسان بالإلم إلاّ أنّه يشعر بالراحة بعدئذ.
ونقرأ في الرّوايات الإسلامية أنّ الإنسان يستوحش من ثلاثة أيّام، يوم يولد فيه فيرى هذا العالم الذي لم يعرفه، ويوم يموت ويرى عالم ما بعد الموت، ويوم يبعث حيّاً في عرصات القيامة فيرى أحكاماً لم يرها في هذه الدنيا ..
لذلك فإنّ القرآن يقول في شأن يحيى بن زكريا: (وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيّاً)(12)..
ويحكى على لسان عيسى بن مريم مثل هذا الكلام، فهذان النبيّان مشمولان بعناية الله في هذه الأيّام الثلاثة!.
وبالطبع فإنّه من المسلّم به أنّ المرتبطين بهذه الدنيا يكون إنتقالهم منها أصعب وقطع القلوب منها أشدّ، كما أنّ الآثمين وأصحاب الذنوب تكون عليهم سكرات الموت أكثر ألماً ومرارة!.
3 - الموت حقّ
ليست الآيات محلّ البحث وحدها تتحدّث عن الموت بأنّه حقّ، بل هناك آيات كثيرة في القرآن تصرّح بأنّ الموت حقّ ويقين، إذ نقرأ في الآية (99) من سورة الحجر (واعبد ربّك حتّى يأتيك اليقين).
وفي الآية (47) من سورة المدثر نقرأ ما يشبه هذا التعبير أيضاً.
كلّ ذلك لأنّ الإنسان إذا أنكر كلّ شيء فليس بوسعه أن ينكر أنّ الموت حقّ وأنّه لابدّ أن يُطرق بابه، فالموت يطرق أبواب الجميع ويأخذهم معه أخيراً.
والإلتفات - إلى حقيقة الموت - يُعدّ إنذاراً لجميع الناس ليفكّروا أكثر وأحسن ويعرفوا طريقهم المقدمين عليه وما هو أمامهم ويستعدّوا له!
الطريف أنّنا نقرأ في بعض الرّوايات أنّ رجلا جاء إلى عمر فقال: إنّي أحبّ الفتنة وأكره الحقّ وأشهد على ما لم أره، فأمر عمر به فحُبس، فبلغ ذلك علياً (ع)فقال: ياعمر إنّ حبسه ظلم وقد أثمت على ذلك.
فقال: ولِمَ؟ فقال علي: إنّه - يحبّ أمواله وأولاده وقد قال الله عنهما في بعض آياته أنّهما فتنة (إنّما أموالكم وأولادكم فتنة)(13) ويكره الموت والقرآن يعبّر عنه بأنّه حقّ (وجاءت سكرة الموت بالحقّ)(14) ويشهد بوحدانية الله وهو لم يره.
فقال عمر: لولا علي لهلك عمر(15).
1- نهج البلاغة، الخطبة 109.
2- نهج البلاغة، الخطبة 200.
3- كلمة تحيد مشتقّة من مادّة حيد ـ على وزن صيد ـ ومعناها العدول عن الشيء والفرار منه ..
4- نهج البلاغة ـ الكلمات القصار ـ الكلمة 147.
5- في المراد من الباء في كلمة بالحقّ هناك إحتمالات عديدة، فمنهم قال معناه التعدية والحقّ معناه الموت، ويكون معنى الجملة إنّ سكرات الموت لها واقعية أي أنّ السكرات تصحب معها الموت، وقيل أنّ الباء للملابسة، أي أنّ سكرات الموت تأتي مع الحقّ ..
6- بحار الأنوار، ج6، ص155 ويظهر أنّ المراد من الإمام محمّد بن علي هو الإمام التاسع محمّد الجواد (عليه السلام).
7- معاني الأخبار ص289 باب معنى الموت الحديث 3.
8- المصدر السابق.
9- بحار الأنوار، ج6، ص156.
10- المصدر نفسه مع شيء من التلخيص: نقرأ في سورة مريم الآية 15 في شأن يحيى: (وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيّاً) كما نقرأ في شأن عيسى بن مريم في السورة ذاتها (والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم اُبعث حيّاً).
11- التغابن، الآية 15.
12- سورة ق، الآية 19.
13- تفسير روح البيان، ج9، ص118.
14- روح المعاني، ج26، ص168.
15- الإسراء، الآية 63.