الآيات 161 - 171

وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ﴿161﴾ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَظْلِمُونَ ﴿162﴾ واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴿163﴾ وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴿164﴾ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ﴿165﴾ فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ ﴿166﴾ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿167﴾ وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴿168﴾ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مُّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴿169﴾ وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ﴿170﴾ وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿171﴾

بيان:

في الآيات بيان قصص أخرى من قصص بني إسرائيل فسقوا فيها عن أمر الله، ونقضوا ميثاقه فأخذهم الله بعقوبة أعمالهم وسلط عليهم من الظالمين من يسومهم سوء العذاب فهؤلاء أسلافهم وقد خلف من بعدهم أخلاف يشترون بآيات الله ثمنا قليلا ويساهلون في أمر الدين، وهذا حالهم إلا قليل منهم لا يعدون الحق.

قوله تعالى: ﴿وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية﴾ إلى آخر الآيتين، القرية هي التي كانت في الأرض المقدسة أمروا بدخولها وقتال أهلها من العمالقة وإخراجهم منها فتمردوا عن الأمر، وردوا على موسى (عليه السلام) فابتلوا بالتيه، والقصة مذكورة في سورة المائدة آية 20 - 26.

وقوله: ﴿وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا﴾ الآية تقدم الكلام في نظيره من سورة البقرة آية: 58 - 59، وقوله: ﴿سنزيد المحسنين﴾ في موضع الجواب عن سؤال مقدر كأنه لما قال: ﴿نغفر لكم خطيئاتكم﴾ قيل: ثم ما ذا فقال: ﴿سنزيد المحسنين﴿.

قوله تعالى: ﴿وأسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت﴾ إلى آخر الآية.

أي أسأل بني إسرائيل عن حال أهل القرية ﴿التي كانت حاضرة البحر﴾ أي قريبة منه مشرفة عليه من حضر الأمر إذا أشرف عليه وشهده ﴿إذ يعدون﴾ ويتجاوزون حدود ما أمر الله به في أمر ﴿السبت﴾ وتعظيمه وترك الصيد فيه ﴿إذ تأتيهم حيتانهم﴾ والسمك الذي في ناحيتهم ﴿يوم سبتهم شرعا﴾ جمع شارع وهو الظاهر البين ﴿ويوم لا يسبتون لا تأتيهم﴾ أي إن تجاوزهم عن حدود ما أمر به الله كان إذ كانت الحيتان تأتيهم شرعا يوم منعوا من الصيد وأمروا بالسبت، وأما إذا مضى اليوم وأبيح لهم الصيد وذلك غير يوم السبت فكان لا تأتيهم الحيتان وكان ذلك من بلاء الله وامتحانه ابتلاهم بذلك لشيوع الفسق بينهم فبعثهم الحرص على صيدها على مخالفة أمر الله سبحانه، ولم يمنعهم تقوى عن التعدي، ولذلك قال: ﴿كذلك نبلوهم﴾ أي نمتحنهم ﴿بما كانوا يفسقون﴾.

قوله تعالى: ﴿وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم﴾ إلى آخر الآية، إنما قالت هذه الأمة ما قالت، لأمة أخرى منهم كانت تعظهم وتنهاهم عن مخالفة أمر الله في السبت.

فالتقدير: ﴿وإذ قالت أمة منهم لأمة أخرى كانت تعظهم﴾ حذف للإيجاز وظاهر كلامهم: ﴿لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا﴾ أنهم كانوا أهل تقوى يجتنبون مخالفة الأمر إلا أنهم تركوا نهيهم عن المنكر فخالطوهم وعاشروهم ولو كان هؤلاء اللائمون من المتعدين الفاسقين لوعظهم أولئك الملومون، ولم يجيبوهم بمثل قولهم: معذرة إلى ربكم إلخ، وأن المتعدين طغوا في تعديهم وتجاهروا في فسقهم فلم يكونوا لينتهوا بنهي ظاهرا غير أن الأمة التي كانت تعظهم لم ييأسوا من تأثير العظة فيهم، وكانوا يرجون منهم الانتهاء لو استمروا في عظتهم، ولا أقل من انتهاء بعضهم ولو بعض الانتهاء، وليكون ذلك معذرة منهم إلى الله سبحانه بإظهار أنهم غير موافقين لهم في فسقهم منزجرون عن طغيانهم بالتمرد.

ولذلك أجابوا عن قولهم: ﴿لم تعظون﴾ إلخ، بقولهم: ﴿معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون﴾ أي إنما نعظهم ليكون ذلك عذرا إلى ربكم، ولأنا نرجو منهم أن يتقوا هذا العمل.

وفي قولهم: ﴿إلى ربكم﴾ حيث أضافوا الرب إلى اللائمين ولم يقولوا: إلى ربنا إشارة إلى أن التكليف بالعظة ليس مختصا بنا بل أنتم أيضا مثلنا يجب عليكم أن تعظوهم لأن ربكم لمكان ربوبيته يجب أن يعتذر إليه، ويبذل الجهد في فراغ الذمة من تكاليفه والوظائف التي أحالها إلى عباده، وأنتم مربوبون له كما نحن مربوبون فعليكم من التكاليف ما هو علينا.

قوله تعالى: ﴿فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء﴾ المراد بنسيانهم ما ذكروا انقطاع تأثير الذكر في نفوسهم وإن كانوا ذاكرين لنفس التذكر حقيقة فإنما الأخذ الإلهي مسبب عن الاستهانة بأمره والإعراض عن ذكره، بل حقيقة النسيان بحسب الطبع مانع عن فعلية التكليف وحلول العقوبة.

فالإنسان يطوف عليه طائف من توفيق الله يذكره بتكاليف هامة إلهية ثم إن استقام وثبت، وإن ترك الاستقامة ولم يزجره زاجر باطني ولا ردعه رادع نفساني عدا حدود الله بالمعصية غير أنه في بادىء أمره يتألم تألما باطنيا ويتحرج تحرجا قلبيا من ذلك ثم إذا عاد إليها ثانيا من غير توبة زادت صورة المعصية في نفسه تمكنا، وضعف أثر التذكير وهان أمره، وكلما عاد إليها وتكررت منه المخالفة زادت تلك قوة وهذه ضعفا حتى يزول أثر التذكير من أصله، ساوى وجوده عدمه فلحق بالنسيان في عدم التأثير، وهو المراد بقوله: ﴿فلما نسوا ما ذكروا﴾ أي زال أثره كأنه منسي زائل، الصورة عن النفس.

وفي الآية دلالة على أن الناجين كانوا هم الناهين عن السوء فقط، وقد أخذ الله الباقين، وهم الذين يعدون في السبت والذين قالوا: ﴿لم تعظون﴾ إلخ وفيه دلالة على أن اللائمين كانوا مشاركين للعادين في ظلمهم وفسقهم حيث تركوا عظتهم ولم يهجروهم.

وفي الآية دلالة على سنة إلهية عامة، وهي أن عدم ردع الظالمين عن ظلمهم بمنع، وعظة إن لم يمكن المنع أو هجره إن لم تمكن العظة أو بطل تأثيرها، مشاركة معهم في ظلمهم، وأن الأخذ الإلهي الشديد كما يرصد الظالمين كذلك يرصد مشاركيهم في ظلمهم.

قوله تعالى: ﴿فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين﴾ العتو المبالغة في المعصية والقردة جمع القرد وهو الحيوان المعروف، والخاسىء الطريد البعيد من خسأ الكلب إذا بعد.

وقوله: ﴿فلما عتوا عن ما نهوا عنه﴾ أي عن ترك ما نهوا عنه فإن العتو إنما يكون عن ترك المنهيات لا عن نفسها، والباقي ظاهر.

قوله تعالى: ﴿وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة﴾ إلى آخر الآية تأذن وأذن بمعنى أعلم، واللام في قوله: ﴿ليبعثن﴾ للقسم، والمعنى: واذكر إذ أعلم ربك أنه قد أقسم ليبعثن على هؤلاء الظالمين بعثا يدوم عليهم ما دامت الدنيا من يذيقهم ويوليهم سوء العذاب.

وقوله: ﴿إن ربك لسريع العقاب﴾ معناه أن من عقابه ما يسرع إلى الناس كعقاب الطاغي لطغيانه، قال تعالى: ﴿الذين طغوا في البلاد - إلى أن قال - إن ربك لبالمرصاد﴾ الفجر: 14 والدليل على ما فسرنا به قوله بعده: ﴿و إنه لغفور رحيم﴾ فإن الظاهر أنه لم يؤت به إلا للدلالة على أنه تعالى ليس بسريع العقاب دائما وإلا فمضمون الآية ليس مما يناسب التذليل باسمي الغفور والرحيم لتمحضه في معنى المؤاخذة والانتقام فمعنى قوله: ﴿إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم﴾ إنه تعالى غفور للذنوب رحيم بعباده لكنه إذا قضى لبعض عباده بالعقاب لاستيجابهم ذلك بطغيان وعتو ونحو ذلك فسرعان ما يتبعهم إذ لا مانع يمنع عنه ولا عائق يعوقه.

ولعل هذا هو معنى قول بعضهم: إن معنى قوله ﴿إن ربك لسريع العقاب﴾ سريع العقاب لمن شاء أن يعاقبه في الدنيا، وإن كان الأنسب أن يقال: إن ذلك معنى قوله: ﴿إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم﴿، ويرتفع به ما يمكن أن يتوهم أن كونه تعالى سريع العقاب ينافي كونه حليما لا يسرع إلى المؤاخذة.

قوله تعالى: ﴿وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون﴾ إلى آخر الآية.

قال: في المجمع، دون في موضع الرفع بالابتداء، ولكنه جاء منصوبا لتمكنه في الظرفية، ومثله على قول أبي الحسن ﴿لقد تقطع بينكم﴾ هو في موضع الرفع فجاء منصوبا لهذا المعنى، وكذلك في قوله: ﴿يوم القيامة يفصل بينكم﴾ بين في موضع رفع لقيامه مقام الفاعل، وإن شئت كان التقدير: ومنهم جماعة دون ذلك فحذف الموصوف وقامت صفته مقامه.

والمراد بالحسنات والسيئات نعماء الدنيا وضرائها والباقي ظاهر.

قوله تعالى: ﴿فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب﴾ إلى آخر الآية، العرض ما لا ثبات له، ومنه قوله تعالى: ﴿عرض الحياة الدنيا﴾ النساء: 94 أي ما لا ثبات له من شئونها، والمراد بعرض هذا الأدنى عرض هذه الحياة الدنيا والدار العاجلة غير أنه أشير إليها بلفظ التذكير لأخذها شيئا ليس له من الخصوصيات إلا أن يشار إليه تجاهلا بخصوصياتها تحقيرا لشأنها كأنها لا يخص بنعت من النعوت يرغب فيها، وقد تقدم نظيره في قول إبراهيم (عليه السلام) على ما حكاه الله.

﴿هذا ربي هذا أكبر﴾ الأنعام: 78 يريد الشمس.

وقوله: ﴿ويقولون سيغفر لنا﴾ قول جزافي لهم قالوه، ولا معول لهم فيه إلا الاغترار بشعبهم الذي سموه شعب الله كما سموا أنفسهم أبناء الله وأحباءه، ولم يقولوا ذلك لوعد النفس بالتوبة لأن ذلك قيد لا يدل عليه الكلام، ولا أنهم قالوا ذلك رجاء للمغفرة الإلهية فإن للرجاء آثارا لا تلائم هذه المشيئة إذ رجاء الخير لا ينفك عن خوف الشر الذي يقابله وكما أن الرجاء يستدعي شيئا من ثبات النفس وطيبها كذلك الخوف يوجب قلق النفس واضطرابها ومساءتها فآية الرجاء الصادق توسط النفس بين سكون واضطراب، وجذب ودفع، ومسرة ومساءة، وأما من توغل في شهوات نفسه وانغمر في لذائذ الدنيا من غير أن يتذكر بعقوبة ما يجنيه ويقترفه ثم إذا ردعه رادع من نفسه أو غيره بما أوعد الله الظالمين، وذكره شيئا من سوء عاقبة المجرمين قال: إن الله غفور رحيم يتخلص به من اللوم، ويخلص به إلى صافي لذائذه الدنية فليس ما يتظاهر به رجاء صادقا بل أمنية نفسانية كاذبة، وتسويل شيطاني موبق فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا.

وقوله: ﴿وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه﴾ أي لم يقنعوا بما أخذوه من العرض بمرة حتى يكون تركهم ذلك ورجوعهم إلى اتقاء محارم الله نحوا من التوبة، وقولهم: ﴿سيغفر لنا﴾ نوعا من الرجاء يتلبس به التائبون بل كلما وجدوا شيئا من عرض الدنيا أخذوه من غير أن يراقبوا الله تعالى فيه فالجملة أعني قوله: ﴿وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه﴾ في معنى قوله تعالى في وصفهم في موضع آخر: ﴿كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه﴾ المائدة: 79.

وقوله: ﴿ودرسوا ما فيه﴾ كان الواو للحال، والجملة حال عن ضمير ﴿عليهم﴾ وقيل الجملة معطوفة على قوله: ﴿ورثوا الكتاب﴾ في صدر الآية، ولا يخلو من بعد.

والمعنى: ﴿فخلف من بعدهم﴾ أي من بعد هؤلاء الأسلاف من بني إسرائيل وحالهم في تقوى الله واجتناب محارمه ما وصف ﴿خلف ورثوا الكتاب﴾ وتحملوا ما فيه من المعارف والأحكام والمواعظ والعبر، وكان لازمه أن يتقوا ويختاروا الدار الآخرة، ويتركوا أعراض الدنيا الفانية الصارفة عما عند الله من الثواب الدائم ﴿يأخذون عرض هذا الأدنى﴾ وينكبون على اللذائذ الفانية العاجلة، ولا يبالون بالمعصية وإن كثرت ﴿ويقولون سيغفر لنا﴾ قولا بغير الحق ولا يرجعون عن المعصية بالمرة والمرتين بل هم على قصد العود إليها كلما أمكن ﴿وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه﴾ ولا يتناهون عما اقترفوه من المعصية.

﴿ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب﴾ وهو الميثاق المأخوذ عليهم عند حملهم إياه ﴿أن لا يقولوا على الله إلا الحق﴾ والحال أنهم درسوا ما فيه، وعلموا بذلك أن قولهم: ﴿سيغفر لنا﴾ قول بغير الحق ليس لهم أن يتفوهوا به، وهو يجرئهم على معاصي الله وهدم أركان دينه.

﴿و﴾ الحال أن ﴿الدار الآخرة خير للذين يتقون﴾ لدوام ثوابها وأمنها من كل مكروه ﴿أفلا تعقلون﴾.

قوله تعالى: ﴿والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين﴾ قال في المجمع، أمسك ومسك وتمسك واستمسك بالشيء بمعنى واحد أي اعتصم به.

وتخصيص إقامة الصلاة بالذكر من بين سائر أجزاء الدين لشرفها وكونها ركنا من الدين يحفظ بها ذكر الله والخضوع إلى مقامه الذي هو بمنزلة الروح الحية في هيكل الشرائع الدينية.

والآية تعد التمسك بالكتاب إصلاحا والإصلاح يقابل الإفساد وهو الإفساد في الأرض أو إفساد المجتمع البشري فيها، ولا تفسد الأرض ولا المجتمع البشري إلا بإفساد طريقة الفطرة التي فطر الله الناس عليها، والدين الذي يشتمل عليه الكتاب الإلهي النازل في عصر من الأعصار هو المتضمن لطرق الفطرة بحسب ما يستدعيه استعداد أهله فإن الله سبحانه يذكر في كلامه أن الدين القيم الذي يقوم بحوائج الحياة هي الفطرة التي فطر الناس عليها، والخلقة التي لا حقيقة لهم وراءها قال: ﴿فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾ الروم: 30 ثم قال: ﴿إن الدين عند الله الإسلام﴾ آل عمران: 19 والإسلام هو التسليم لله سبحانه في سنته الجارية في تكوينه المبتنية عليها تشريعه.

فالآيتان - كما ترى - تناديان بأن دين الله سبحانه هو تطبيق الإنسان حياته على ما تقتضيه فيه قوانين التكوين ونواميسه حتى يقف بذلك موقفا تتحراه نفسية النوع الإنساني ثم يسير في مسيرها أي يعود بذلك إنسانا نسميه إنسانا طبيعيا ويتربى تربية يستدعيها ذاته بحسب ما ركب عليه تركيبه الطبيعي.

فما تقتضيه نفسية الإنسان الطبيعية من الخضوع إلى المبدأ الغيبي الذي يقوم بإيجاده وإبقائه وإسعاده، وتوفيق شئون حياته مع القوانين الحاكمة في الكون حكومة حقيقية هو الدين المسمى بالإسلام الذي يدعو إليه القرآن وسائر كتب الله السماوية المنزلة على أنبيائه ورسله.

فإصلاح شئون الحياة الإنسانية وتخليصها من كل دخيل خرافي، ووضع الإصر والأغلال التي اختلقتها الأوهام والأهواء ثم وضعتها على الناس، جزء معنى الدين المسمى بالإسلام لا أثر من آثاره وحكم من أحكامه حتى تختلف فيه الآراء فيسلمه مسلم، ويرده، راد، ويبحث فيه باحث منصف فيتبع ما أدى إليه جهد نظره.

وبعبارة أخرى: الذي يدعي إليه الناس بمنطق الدين الإلهي هو الشرائع والسنن القائمة بمصالح العباد في حياتهم الدنيوية والأخروية لا أنه يضع مجموعة من معارف وشرائع ثم يدعي أن المصالح الإنسانية تطابقه وهو يطابقها فافهم ذلك.

وإياك أن تتوهم أن الدين الإلهي مجموع أمور من معارف وشرائع جافة تقليدية لا روح لها إلا روح المجازفة بالاستبداد، ولا لسان لها إلا لسان التأمر الجاف والتحكم الجافي وقد قضى شارعها بوجوب اتباعها والانقياد لها تجاه ما هيأ لهم بعد الموت من نعيم مخلد للمطيعين منهم، والعذاب المؤبد للعاصين، ولا رابط لها يربطها بالنواميس التكوينية المماسة للإنسان الحاكمة في حياته القائمة بشئونها القيمة بإصلاحها فتعود الأعمال الدينية أغلالا غلت بها أيدي الناس في دنياهم، وأما الآخرة فقد ضمنت إصلاحها إرادة مولوية إلهية فحسب، وليس للمنتحل بالدين في دنياه من سعادة الحياة إلا ما استلذها بالعادة كمن اعتاد بالأفيون والسم حتى عاد يلتذ بما يتألم به المزاج الطبيعي السالم، ويتألم بما يلتذ به غيره.

فهذا من الجهل بالمعارف الدينية، والفرية على ساحة شارعة الطاهرة يدفعه الكلام الإلهي فكم من آية تتبرأ من ذلك بتصريح أو تلويح أو بإشارة أو كناية وغير ذلك.

وبالجملة الكتاب الإلهي يتضمن مصالح العباد، وفيه ما يصلح المجتمع الإنساني بإجرائه فيه بل الكتاب الإلهي هو الكتاب الذي يشتمل على ذلك، والدين الإلهي هو مجموع القوانين المصلحة، ومجموع القوانين المصلحة هو الدين فلا يدعو الدين الناس إلا إلى إصلاح أعمالهم وسائر شئون مجتمعهم ويسمى ذلك إسلاما لله لأن من جرى على مجرى الإنسان الطبيعي الذي خطه له التكوين فقد أسلم للتكوين ووافقه بأعماله فيما يقتضيه وموافقته والسير على المسير الذي مهده وخطه إسلام لله سبحانه في ما يريده منه.

وليس يدعو الدين إلى متابعة مواد قوانينه ومحتوياته ثم يدعي أن في ذلك خيرهم وسعادتهم حتى يكون لشاك أن يشك فيه.

والآية أعني قوله: ﴿والذين يمسكون بالكتاب﴾ الآية في نفسها عامة مستقلة لكنها بحسب دخولها في سياق الكلام في بني إسرائيل معتنية بشأنهم، والمراد بالكتاب بهذا النظر التوراة أو هي والإنجيل.

قوله تعالى: ﴿وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة﴾ الآية.

النتق قلع الشيء من أصله، والظلة هي الغمامة، وما يستظل بها من نحو السقف، والباقي ظاهر.

والآية تقص رفع الطور فوق رءوس بني إسرائيل، وقد تقدمت هذه القصة مكررة في سورتي البقرة والنساء.

بحث روائي:

في تفسير القمي، عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن ابن أبي عمير عن أبي عبيدة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: وجدنا في كتاب علي (عليه السلام) أن قوما من أهل أيلة من قوم ثمود وأن الحيتان كانت سيقت إليهم يوم السبت ليختبر الله طاعتهم في ذلك فشرعت إليهم يوم سبتهم في ناديهم وقدام أبوابهم في أنهارهم وسواقيهم فبادروا إليها فأخذوا يصطادونها ويأكلونها فلبثوا في ذلك ما شاء الله لا ينهاهم الأحبار، ولا يمنعهم العلماء عن صيدها، ثم إن الشيطان أوحى إلى طائفة منهم أنما نهيتم عن أكلها يوم السبت ولم تنهوا عن صيدها فاصطادوها يوم السبت وأكلوها في ما سوى ذلك من الأيام. فقالت طائفة منهم: الآن نصطادها فعتت وانحازت طائفة أخرى منهم ذات اليمين فقالوا: ننهاكم عن عقوبة الله أن تتعرضوا لخلاف أمره، واعتزلت طائفة منهم ذات اليسار فسكتت ولم تعظهم، فقالت للطائفة التي وعظتهم: لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا؟ فقالت الطائفة التي وعظتهم: معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون، فقال الله عز وجل: فلما نسوا ما ذكروا به يعني لما تركوا ما وعظوا به مضوا على الخطيئة فقالت الطائفة التي وعظتهم: لا والله لا نجامعكم ولا نبايتكم الليلة في مدينتكم هذه التي عصيتم الله فيها مخافة أن ينزل عليكم البلاء فيعمنا معكم. قال: فخرجوا عنهم من المدينة مخافة أن يصيبهم البلاء فنزلوا قريبا من المدينة فباتوا تحت السماء فلما أصبح أولياء الله المطيعون لأمر الله غدوا لينظروا ما حال أهل المعصية فأتوا باب المدينة فإذا هو مصمت فدقوا فلم يجاوبوا ولم يسمعوا منها حس أحد فوضعوا فيها سلما على سور المدينة ثم أصعدوا رجلا منهم فأشرف على المدينة فنظر فإذا هو بالقوم قرد يتعاونون ولهم أذناب فكسروا الباب فعرفت الطائفة أنسابها من الإنس، ولم يعرف الإنس أنسابها من القردة فقال القوم للقردة: أ لم ننهكم؟. فقال علي (عليه السلام): والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إني لأعرف أنسابها من هذه الأمة لا ينكرون ولا يغيرون بل تركوا ما أمروا به فتفرقوا، وقد قال الله: فبعدا للقوم الظالمين، فقال الله: ﴿وأنجينا الذين ينهون عن السوء - وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون﴾.

أقول: ورواه العياشي في تفسيره، عن أبي عبيدة عن أبي جعفر (عليه السلام).

وروي هذا المعنى في الدر المنثور، عن عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عكرمة عن ابن عباس غير أن فيها أن المذكورين في الآية حي من اليهود من أهل أيلة وظاهره أنهم كانوا من بني إسرائيل ورواية أبي جعفر (عليه السلام) تصرح بأنهم كانوا من قوم ثمود، وليس من البعيد أن يكونوا قوما من عرب ثمود دخلوا في دين اليهود لقرب دارهم وجوارهم فإن أيلة كما يقال: كانت بلدة بين مصر والمدينة على شاطىء البحر.

وربما قيل: إن القرية التي أشارت إليها الآية هي مدين، وقيل: هي طبرية، وقيل: هي قرية يقال لها: مقنا، بين مدين وعينونا.

وفي رواية ابن عباس التي أشرنا إليها وغيرها مما روي عنه أيضا أنه كان يبكي ويقول: نجا الناهون، وهلك الفاعلون، ولا أدري ما فعل بالساكتين، وفي رواية عكرمة: قلت لابن عباس: أي جعلني الله فداك أ لا ترى أنهم كرهوا ما هم عليه وخالفوهم وقالوا لم تعظون قوما الله مهلكهم؟ قال: فأمرني فكسيت ثوبين غليظين.

يريد أنه استحسن قولي بنجاتهم لكراهتهم فعلهم واعتقادهم بأنهم معاقبون لا محالة فخلع علي بثوبين، وأخذ بقولي.

وقد أخطأ عكرمة فإن القوم وإن كانوا كرهوا فعلهم ولم يشاركوهم في الصيد المحرم لكنهم اقترفوا معصية هي أعظم من ذلك وهو ترك النهي عن المنكر، وقد نبههم الناهون بذلك إذ قالوا: معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون، وكلامهم يدل على أن المقام لم يكن مقام اليأس عن تأثير الموعظة حتى يسقط بذلك التكليف، ولما يئس منهم الناهون هجروهم وفارقوهم، ولم يهجرهم الآخرون ولم يفارقوهم على ما في الروايات.

على أن الله تعالى قال: ﴿أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون﴾ فلم يذكر في جانب النجاة إلا الذين ينهون عن السوء وأخذ في جانب الأخذ الذين ظلموا دون الذين صادوا، ولا مانع من شمول ﴿الذين ظلموا﴾ لأولئك التاركين للنهي عن المنكر.

وأما قوله: ﴿فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة﴾ فإن كان معناه عتوا عن ترك ما نهوا عنه كما تقدم عن المفسرين كان هذا العذاب بحسب دلالة هذه الآية مختصا بالصائدين لكنها لا تمنع عموم الآية السابقة للصائدين والساكتين جميعا لاشتراكهم في الظلم والفسق، وإن كان معنى الآية الإعراض عما نهوا عنه من غير تقدير الترك وما بمعناه اختصت الآية ببيان عذاب الساكتين وكان عذاب الصائدين مبينا في الآية السابقة: ﴿فلما نسوا ما ذكروا به﴾ الآية كما يومىء إليه بعض الروايات الآتية.

وفي المجمع، أنه هلكت الفرقتان، ونجت الفرقة الناهية: روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام). أقول: ولا ينافيه نص الآية على مسخ العاتين فإن الهلاك يعم مثل المسخ.

على أن الأخبار متظافرة في أن الممسوخ لا يعيش بعد المسخ إلا أياما ثم يهلك.

وفي الكافي، عن سهل بن زياد عن عمرو بن عثمان عن عبد الله بن المغيرة عن طلحة بن يزيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء﴾ قال: كانوا ثلاثة أصناف: صنف ائتمروا وأمروا ونجوا، وصنف ائتمروا ولم يأمروا فمسخوا، وصنف لم يأتمروا ولم يأمروا فهلكوا. أقول: والرواية - كما ترى - مبنية على كون قوله: ﴿فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة﴾ الآية ناظرا إلى عذاب الساكتين دون المرتكبين للصيد المحرم ومعنى ﴿عتوا عن ما نهوا﴾ كفوا عن الصيد الذي نهوا عنه ولا حاجة حينئذ إلى تقدير الترك ونحوه في الكلام ويبقى لبيان عذاب الفرقة الأخرى قوله في الآية السابقة.

ولا مانع من هذا المعنى إلا أن مقتضى المقام أن يذكر السبب لعذاب الساكتين كفهم عن موعظة الفاعلين لا عتوهم عما نهوا عنه مع ما في استعمال العتو في مورد الكف والإعراض من البعد، والرواية مع ذلك ضعيفة وقد رواها الصدوق بالسند بعينه عن طلحة عن أبي جعفر (عليه السلام) في الآية وفيها: قال: كانوا ثلاثة أصناف: صنف ائتمروا وأمروا، وصنف ائتمروا ولم يأمروا، وصنف لم يأتمروا ولم يأمروا فهلكوا وو رواها العياشي عن طلحة عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليه السلام) في الآية قال: افترق القوم ثلاث فرق فرقة انتهت واعتزلت، وفرقة أقامت ولم يقارف الذنوب، وفرقة اقترفت الذنوب فلم ينج من العذاب إلا من انتهت قال جعفر: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما صنع بالذين أقاموا ولم يقارفوا الذنوب؟ قال أبو جعفر (عليه السلام): بلغني أنهم صاروا ذرا، والظاهر أنها جميعا رواية واحدة على ما في سندها من الضعف، وفي متنها من التشويش والاختلاف.

وفي الكافي، بإسناده عن إسحاق بن عبد الله عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله خص عباده بآيتين من كتابه: ﴿أن لا يقولوا حتى يعلموا، ولا يردوا ما لم يعلموا﴾ قال الله عز وجل: ﴿ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب - أن لا يقولوا على الله إلا الحق﴾ وقال: ﴿بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله﴾.

أقول: ورواه العياشي عن إسحاق عنه (عليه السلام)، وروي مثله عن إسحاق بن عبد العزيز عن أبي الحسن الأول (عليه السلام). وفي تفسير القمي،: في معنى قوله تعالى: ﴿وإذ نتقنا الجبل﴾ الآية قال الصادق (عليه السلام): لما أنزل الله التوراة على بني إسرائيل لم يقبلوه فرفع الله عليهم جبل طور سيناء فقال لهم موسى: إن لم تقبلوا وقع عليكم الجبل فقبلوه وطأطئوا رءوسهم. وفي الإحتجاج، عن أبي بصير قال: كان مولانا أبو جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) جالسا في الحرم وحوله جماعة من أوليائه إذ أقبل طاووس اليماني في جماعة من أصحابه. ثم قال لأبي جعفر (عليه السلام): أتأذن لي في السؤال؟ قال: أذنا لك فاسأل. فسأله عن سؤال وأجابه وكان فيما سأله قال: فأخبرني عن طائر طار ولم يطر قبلها ولا بعدها ذكره الله عز وجل في القرآن، ما هو؟ فقال: طور سيناء أطاره الله عز وجل على بني إسرائيل الذين أظلهم بجناح منه فيه ألوان العذاب حتى قبلوا التوراة، وذلك قوله عز وجل: ﴿وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم﴾ الآية.

أقول: وقد روي ما في معنى الرواية الأولى من طرق أهل السنة عن ثابت بن الحجاج قال: جاءتهم التوراة جملة واحدة فكبر عليهم فأبوا أن يأخذوه حتى ظلل الله عليهم الجبل فأخذوه عند ذلك. والرواية الثانية من طرقهم عن ابن عباس في مسائل كتبها هرقل ملك الروم إلى معاوية يسأله عنها فقيل له: لست هناك وإنك متى تخطىء شيئا في كتابك إليه يغتمزه فيك فاكتب إلى ابن عباس فكتب إليه بها فأرسل ذلك إلى قيصر فقال قيصر: ما يعلم هذا إلا نبي أو أهل بيت نبي.

واعلم أن في الآية بعض روايات أخر تقدمت في نظيرة الآية من سورة البقرة فراجعها إن شئت.