الآيات 37 - 40
﴿أَوَ لَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِى ذَلِكَ لاََيت لِّقَوْم يُؤْمِنُونَ (37) فَأَتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيِلْ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (38) وَمَآءَ اتَيْتُم مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَاْ فِى أَمْوَالِ النَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ اللهِ وَمَآ ءَاتَيْتُم مِّن زَكَوة تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39) اللهُ الَّذِى خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مِّن شَىْء سُبْحَـنَهُ وَتَعَـلَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40) ﴾
التفسير
الآية الأُولى من الآيات محل البحث - تتحدث عن التوحيد والربوبيّة أيضاً، وانسجاماً مع سياق الآيات السابقة التي كانت تتحدث عن غرور بعض الناس الماديين عند إقبال النعمة عليهم، ويأسهم وقنوطهم عند مواجهتهم الشدائد والبلاء، فإنّها تقول: (أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر).
فلا ينبغي أن يكون إقبال النعم مدعاةً للغرور ونسيان الله والطغيان، ولا إدبارها سبباً لليأس والقنوط، لأنّ سعة الرزق وضيقه بيد الله، فتارة يرى المصلحةللعبد في الحالة الأُولى "سعة الرزق"، وتارةً يراها في الثّانية، أي "الضيق".
وصحيح أنّ العالَم هو عالم الأسباب، فمن جَدّ وجد، ومن سعى قاوم الصعاب ينلْ فائدة أكثر ويربح عادةً، وأمّا أُولئك الكسالى فلا ينالون إلاّ قليلاً... لكن هذه القاعدة في الوقت ذاته ليست دائمية ولا كلية، إذ يتفق أن نرى أناساً جديرين وجادّين يركضون من هنا وهناك، إلاّ أنّهم لا يصلون إلى نتيجة يبلغون هدفهم، وعلى العكس منهم قد نشاهد أناساً لا يسعون ولا يجدّون وتتفتح عليهم أبواب الرزق من كل حدب وصوب.
وهذه الإِستثناءات كأنّها لبيان أنّ الله بالرغم من جميع ما جَعَل للأسباب من تأثير، لا ينبغي أن يُنسى في عالم الأسباب، ولا ينبغي للانسان أن يغفل أن وراء هذا العالم يداً قوية أُخرى تديره كيف شاءت!
فأحياناً - ووفق مشيئته - توصد جميع الأبواب بوجه الإِنسان مهما سعى وجدّ في الأمر، وقديرحم الانسان وييسّر له الاُمور إلى درجة انه ما أن يخطو خطوة... وإذا الأبواب متفتحة أمامه!
فما نرى في حياتنا من هذه المفارقات، بالإِضافة إلى أنّه يحدّ من الغرور المتولد من وفور النعمة، واليأس الناشىء من الفقر، فهو في الوقت ذاته دليل على أن وراء إرادتنا ومشيئتنا يداً قوية أُخرى "تسيّر أعمالنا".
لذلك يقول القرآن في نهاية الآية: (إنّ في ذلك لآية لقوم يؤمنون).
وينقل بعض المفسّرين كلاماً بهذا المضمون وهو: سئل أحد العلماء: ما الدليل على أنّ للعالم صانعاً واحداً؟
فقال هناك ثلاثة أدلة: "ذل اللبيب، وفقر الأديب، وسقم الطبيب".(1)
أجل إن وجود هذه المستثنيات والمفارقات دليل على أن الامور بيد قادر آخر، كما ورد في كلام الإِمام علي(ع) أيضاً "عرفت الله سبحانه بفسخ العزائم، وحلّ العقود، ونقض الهمم".(2)
وحيث أن كل نعمة وموهبة ينالها الإِنسان تحمّله وظائف ومسؤوليّات وعليه أداؤها، فإن القرآن يوجه الخطاب للنبي(ص) في الآية التالية قائلا: (فآت ذا القربى حقّه والمسكين وابن السبيل).
وينبغي أن لا تتصور عند سعة الرزق أن ما عندك هولك فقط، بل إنّ للآخرين في مالك حقّاً أيضاً، ومن هؤلاء الأقارب والمساكين الذين باتوا متربين لشدة الفقر، وكذلك الأعزة الذين ابتعدوا عن الوطن وانقطع بهم الطريق نتيجة حوادث معينة وهم محتاجون!...
والتعبير بـ "حقّه" كاشف عن أنّهم شركاء في أموال الإِنسان، وإذا دفع المرء شيئاً من ماله إليهم فإنّما يؤدي حقهم، وليس له منٌّ عليهم!.
وهناك جماعة من المفسّرين يرون أنّ المخاطب في هذه الآية هو النّبي(ص)فحسب، وأن "ذا القربى" أرحامه، وقد ورد في رواية عن أبي سعيد الخدري وغيره مايلي: "لما نزلت هذه الآية على النّبي أعطى فاطمة فدكاً وسلّمها إليها".(3)
وبالمضمون نفسه نقل عن الإِمام الباقر والصادق(ع) أيضاً.(4)
وقد ورد المعنى نفسه مفصلا في احتجاج فاطمة الزهراء(ع) على أبي بكر في قضية فدك، وذلك في رواية عن الإِمام الصادق(ع).(5)
غير أنّ جماعة من المفسّرين قالوا: إنّ الخطاب في هذه الآية عام، وهو يشمل النّبي(ص) وغيره، وطبقاً لهذا التّفسير فإنّ جميع الناس عليهم أن لا ينسوا حق ذوي القربى أيضاً.
وبالطبع فإنه لا منافاة في الجمع بين التّفسيرين، وعلى هذا فإن مفهوم الآية مفهوم واسع، والنّبي(ص) وقرباه وخاصة فاطمة الزهراء(ع) هم المصداق الأتم لهذه الآية.
ومن هنا يتّضح أن لا منافاة لأي من التفاسير الآنفة مع كون السورة مكّية، لأنّ مفهوم الآية مفهوم جامع ينبغي العمل به في مكّة وفي المدينة أيضاً، وحتى خبر إعطاء "فدك" لفاطمة(ع) على أساس هذه الآية مقبول جدّاً.
الشيء الوحيد الذي يبقى هنا، هو جملة "لما نزلت هذه الآية....
" في رواية أبي سعيد الخدري، إذ أن ظاهرها أن إعطاء فدك كان بعد نزول الآية، ولكن لو أخذنا كلمة "لما" به معنى العلة، لا بمعنى الزمان الخاص، ينحل هذا الإِشكال، ويكون مفهوم الآية أن الرّسول(ص) أعطى فاطمة فدكاً لأمر الله إياه، أضف إلى ذلك فإن بعض آيات القرآن يتكرر نزولها!.
ولكن لم ذكر هؤلاء الثلاثة من بين جميع المحتاجين وأصحاب الحق؟
لعل ذلك لأهميتهم، لأنّ حق ذى القربى أهم وأعلى من أي حق سواه، ومن بين المحرومين والمحتاجين فإنّ المساكين وأبناء السبيل أحوج من الجميع!.
أو أن ذلك لما أورده "الفخر الرازي" هنا إذ يقول: "في تخصص الأقسام الثلاثة بالذكر دون غيرهم، مع أن الله ذكر الأصناف الثمانية في الصدقات، فنقول: أراد هاهنا بيان من يجب الإِحسان إليه على كل من له مال، سواء كان زكوياً أم لم يكن، وسواءً كان بعد الحول أو قبله، لأنّ المقصود هاهنا الشفقة العامة، وهؤلاء الثلاثة يجب الإِحسان إليهم وإن لم يكن للمحسن مال زائد، أمّا القريب فتجب نفقته وإن كان لم تجب عليه زكاة كمال القاصرين أو مال لم يحل عليه الحول، والمسكين كذلك فإنّ من لا شيء له إذا بقي في ورطة الحاجة حتى بلغ الشدة، يجب على من له مقدرة دفع حاجته وإن لم يكن عليه زكاة، وكذلك من انقطع في مفازة ومع آخر دابةٌ يمكنُه بها إيصاله إلى مأمن، يلزمه ذلك، وإن لم تكن عليهزكاة، والفقير داخل في المسكين، لأنّ من أوصى للمساكين شيئاً يصرف إلى الفقراء أيضاً "فما ذكرته الآية من ترتيب لهؤلاء إنّما يناسب شأنهم".(6)
و على كل حال فإنّ القرآن يبيّن في نهاية الآية ترغيباً للمحسنين، وشَرَطَ القبول ضمناً، فيقول: (ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأُولئك هم المفلحون).
أُولئك المفلحون في هذه الدنيا، لأنّ الإِنفاق يجلب معه البركات العجيبة، وفي الآخرة أيضاً، لأنّ الإنفاق هو أكثر الأعمال ثقلا في ميزان الله يوم القيامة.
ومع الإِلتفات إلى أن المراد من (وجه الله) ليس هو المحيّا الجسماني، إذ ليس له تعالى وجه جسماني، بل هو بمعنى ذاته المقدّسة، فإن هذه الآية تشير إلى أن الإِنفاق وإيتاء حق الأقارب وأصحاب الحق الآخرين ليس كافياً، بل المهم هو الإِخلاص والنية الطاهرة والخالية من أي أنواع الرياء والمنة والتحقير وانتظار الأجر والثواب.
وخلافاً لما ذهب إليه بعض المفسّرين.
من أنّ الانفاق لغرض الوصول إلى الجنّة ليس مصداقاً لوجه الله، فان جميع الأعمال التي يؤديها الإِنسان وفيها نوع من الإِرتباط بالله، سواء كانت لمرضاته أو ابتغاء ثوابه أو للنجاة من جزائه، فكلها مصداق لوجه الله، وإن كانت المرحلة العليا والكاملة من ذلك أن لا يبتغي الإِنسان من وراء عمله إلاّ الطاعة والعبودية المحضة!.
وتشير الآية التالية - بمناسبة البحث المتقدم عن الإِنفاق الخالص - إلى نوعين من الإِنفاق: أحدهما لله، والآخر يراد منه الوصول إلى مال الدنيا، فتقول: (وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلايربو عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأُولئك هم المضعفون).
مفهوم الجملة "الثّانية" وهي إعطاء الزكاة والإِنفاق لوجه الله والثواب واضح، إلاّ أن الجملة الأُولى (وما آتيتم من ربا) مختلَف في تفسيرها مع الإِلتفات إلى أنّ "الربا" معناه في الأصل "الزيادة".
فالتّفسير الأوّل، وهو أوضح من جميع التفاسير، ومنسجم مع مفهوم الآية أكثر، ومتناسق مع الروايات الواردة عن أهل البيت(ع)، أن المراد من الربا هو الهدايا التي يقدمها بعض الأفراد للآخرين، ولا سيما إلى أصحاب الثروة والمال، كي ينالوا منهم أجراً أحسن وأكثر!
وبديهي أنّه في مثل هذه الهدايا لايؤخذ بنظر الاعتبار استحقاق الطرف الآخر ولا الجدارة والأولوية، بل كل ما يهدف اليه أن تصل الهدية إلى مكان، تعود على مُهديها بمبلغ أوفر ومن الطبيعي أن مثل هذه الهدايا ليس فيها "جنبة" إخلاص، فلا قيمة لها من الجهة الأخلاقية، والمعنوية!.
فعلى هذا يكون معنى "الربا" في هذهِ الآية هو "الهدية والعطية" والمراد من جملة (ليربو في أموال الناس) هو أخذ الأجر الوافر من الناس!
ولا شك أن أخذ مثل هذه الأجرة ليس حراماً، إذ ليس فيه شرط أو قرار، إلاّ أنّه فاقد للقيمة الأخلاقية والمعنوية... ولذلك فقد ورد التعبير عن هذا الربا - في روايات متعددة عن الإِمام الصادق(ع) في مصادر معروفة، بـ "الربا الحلال" في قِبالِ "الربا الحرام" الذي يستلزم الشرط والعقد أو الإتفاق.
ونقرأ في حديث عن الإِمام الصادق(ع) في كتاب تهذيب الأحكام، في تفسير الآية هو قوله(ع): "هو هديتك إلى الرجل تطلب منه الثواب أفضل منهما، فذلك ربا يؤكل"!
كما نقرأ حديثاً آخر عنه(ع) "الربا رباءان، أحدهما حلال والآخر حرام، فأمّا الحلال فهو أن يقرض الرجل أخاه قرضاً يريدأن يزيده ويعوضه بأكثر ممّا يأخذه بلا شرط بينهما، فإن أعطاه أكثر ممّا أخذه على غير شرط بينهما فهو مباح له، وليس له عند الله ثواب فيما أقرضه، وهو قوله: (فلا يربو عندالله) وأمّا الحرام فالرجليقرض قرضاً ويشترط أن يردّ أكثر ممّا أخذه فهذا هوالحرام".(7)وهناك تفسير آخر لهذه الآية، وهو أن المراد من الربا في هذه الآية هو الربا الحرام، وطبقاً لهذا التّفسير فإن القرآن يريد أن يقيس الربا بالإِنفاق الخالص لوجه الله، ويبين أن الربا وإن كان ظاهره زيادة المال، إلاّ أنّه ليس زيادةً عند الله، فالزيادة الحقيقية والواقعية هي الإِنفاق في سبيل الله.
وعلى هذا الأساس فقد عدّوا الآية مقدمة لمسألة "تحريم الربا" التي ذكرها القرآن في بداية الأمر وقبل الهجرة على سبيل الإِرشاد الأخلاقي والنصح، ولكن تمّ تحريم الربا بعد الهجرة في ثلاث سور "البقرة وآل عمران والنساء" بصورة تدريجية "وكانت لنا إشارة أيضاً في الجزء الثّاني من التّفسير الأمثل على هذا الأساس".
وبالطبع ليس بين المعنيين أيُّ تضاد، ويمكن أن تؤخذ الآية بمعناها الواسع الذي يجمع "الربا الحلال" و "الربا الحرام" ويقاس كلاهما بالإِنفاق في سبيل الله، إلاّ أن تعبيرات الآية أكثر انسجاماً مع التّفسير الأول، لأنّ الظاهر من الآية هنا أن عملا قد صدر ليس فيه ثواب، وهو مباح، لأنّ الآية تقول: إن هذا العمل لا يربو عند الله، وهذا يتناسب مع الربا الحلال الذي ليس فيه وزر ولا ثواب، وليس شيئاً يستوجب مَقْتَ الله وغضبَهُ... وقد قلنا: إن الروايات الإِسلامية ناظرة إلى هذا المعنى.
وينبغي الإِشارة إلى هذه اللطيفة اللغوية، وهي أنّ كلمة "مضعفون" التي هي صيغة لاسم الفاعل، لا تعني أنّهم يزيدون ويُضعفون بأنفسهم للمال، بل معناها أنّهم أصحاب الثواب المضاعف، لأنّ اسم الفاعل قد يأتي في لغة العرب ويراد منه اسم المفعول، مثل "الموسِر" أي: صاحب المال الكثير.
وينبغي أيضاً أن يُعرف بالنظرة البعيدة أن المراد من الضعف والمضاعف ليس معناه "مثل الشيء مرّتين" بل يشمل المثل مرتين ويشمل أمثال الشيء، والحدّ الأقل في الآية هنا عشرة أمثال، لأنّ القرآن يقول: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها).
(8)وتبلغ الزيادة أحياناً كما في القرض إلى ثمانية عشر كما نقرأ في هذا حديثاً للإمام الصادق(ع) يقول فيه: "على باب الجنّة مكتوب: القرض بثمانية عشر والصدقة بعشر".
(9)وقد تبلغ الزيادة إلى سبعمائة "ضعف" كما هو في شأن الإِنفاق في سبيل الله، إذ تقول الآية: (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء) (10)
وفي الآية الأخيرة - من الآيات محل البحث - عودة أُخرى إلى مسألة المبدأ والمعاد، وهي الموضوع الأساس الذي ورد في كثير من آيات هذه السورة... وتصف الآية "الله" بأربعة أوصاف لتكون إشارة للتوحيد ومواجهة الشرك، ودليلا على المعاد أيضاً فتقول: (الله الذي خلقكم ثمّ رزقكم ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عمّا يشركون).
و من المسلّم به أن المشركين لم يكن أيّ منهم يعتقد بأن الخلق كان من قِبل الأوثان، أو أن أرزاقهم بيد الأوثان والأصنام، أو أن نهاية حياتهم بأيدي هذه الأوثان كذلك!! بل لأنّهم جعلوا هذه الأوثان المصنوعة واسعة وشفعاء بينهم وبين الله، فعلى هذا يكون الجواب على هذه الأسئلة هو النفي، والإِستفهام هنا استفهام إنكاري!.
الموضوع الآخر الذي يثير السؤال هنا هو أن أُولئك المشركين لم يكونوا يعتقدون بالحياة بعد الموت، فكيف يستند القرآن في آخر وصف لله تعالى إلى ذلك؟!
لعل هذا التعبير هو لأنّ مسألة المعاد والحياة بعد الموت - كما ذكرناها في بحوثنا المتقدمة - لها "جنبة" فطريّة، والقرآن هنا لا يستند إلى معتقداتهم، بل إلى فطرتهم.
إضافة إلى ذلك فقد يتفق أن متكلماً ذلقاً حين يواجه شخصاً آخر يُنكر موضوعاً ما، فيستدرجه بما لديه من حقائق يتقبلها ذلك الآخر ويستند إليها بشكل قطعي ليظهر أثرها، وينزل صاحبه من مركب الإِنكار.
ثمّ بعد هذا كله فإن بين الحياة الأُولى من قبل الله وقدرته على ذلك، والحياة بعد الموت رابطة لا تقبل الإِنفصام، ومع ملاحظة هذه الرابطة المنطقية فإن "كلا الأمرين" جاءا في عبارة واحدة.
وعلى كل حال فإن القرآن يقول: عندما يكون الخلق والرزق والموت والحياة بيد الله، فالعبادة ينبغي أن تكون له فقط، ويكشف هذه الحقيقة بقوله: (سبحانه وتعالى عمّا يشركون) وهي أنّ المشركين أهانوا كثيراً مقام رب العزة إذ أشركوه في العبادة مع أوثانهم.
1- تفسير روح البيان، ج 7، ص 29، ذيل الآية محل البحث.
2- نهج البلاغة، الكلمات القصار الجملة 25.
3- مجمع البيان.
4- مجمع البيان.
5- تفسير على بن إبراهيم، طبقاً لنقل نور الثقلين عنه، ج4، ص 186.
6- ذيل الآيات محل البحث "الفخر الرازي".
7- تفسير نور الثقلين، ج 4، ص 191.
8- الأنعام، الآية 160.
9- نور الثقلين، ج 4، ص 190.
10- البقرة، الآية 261.